قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

"يوزرسيف" والحنطة التموينية
حامد الحمراني
لو كان يوزرسيف منشغلا بإرهاب معبد آمون المنحل ودسائسه ومؤامراته الخبيثة بعد وصول الاموال الهائلة من دول الجوار لما استطاع ان يمنع الكارثة التي ستحل بالمصريين بعد سبع سنوات من رؤيا ملكهم والتي اصبحت حقيقة فيما بعد.
ولو كان يوزرسيف اعتمد على اشخاص مخترقين او يساومون على اهدافهم ؛ لما استطاع ان يصمد امام خبث معبد آمون وامواله التي كان يوزعها للاخوة الارهابيين ضعاف النفوس لاجهاض مشروعه السلمي لبناء الانسان وحماية الوطن من الدخول في المهاترات والمساومات والاجندات الخارجية في كيفية الانتهاء من ازمة القحط القادم وجفاف السنين.
فهو يعلم علم اليقين بان منظومة معبد آمون ليس لديها قضية سواء عندما كانت تحكم البلاد بالنار والحديد والكذب والنفاق والضحك على ذقون البسطاء او بعد سقوطها وانفضاح غبائها فيما بعد، وانما جل اهتمامها كان فشل مشروع يوزرسيف وباي طريقة ومراهنتها لاثبات وجودها عن طريق تشويه التجربة الجديدة.
فمرة سخرت اعلامها المأجور للتشكيك باسلوب يوزرسيف في الخلاص، ومرة اخرى عن طريق اغتيال يوزرسيف بالسيارات المفخخة والعبوات اللاصقة، واخيرا باستخدامها المنطق القومي المقيت باعتبار ان يوزرسيف لم يمتلك الجنسية المصرية.
ولكن يوزرسيف لم يعبأ بفعل المعبد، وانما بدأ مشروعه (التحرري) ببناء المخازن وادخار الحنطة لتامين وصول الخبز للناس والمحافظة على ايمانهم بالاله الاحد الصمد وبالتالي المحافظة على وطنيتهم ووطنهم من مساومات التجار او الاحتلال (لا سمح الله).
فالناس تبحث عن الخلاص، ويوزرسيف جاءهم بالخلاص ولكن ليس بطريقة المعجزة ولا بطريقة فرض نفسه باعتباره نبياً مبعوثاً تحّمل العذاب والاضطهاد والرق والتهجير، وانما بالجهد والاعتماد على النفس، فالخطة الوطنية لفرض الاكتفاء الذاتي للوقوف امام الغزو كان من اهم ركائزها احترام الزمن والادخار لقحط السنين المقبلة والقراءة الموضوعية لما يمكن فعله للوقوف امام الخراب القادم اضافة الى ثقتهم بالقائد الصادق النزيه.
فقد امرهم بالزراعة واعمار الارض وليس من خلال تامين الحصة التموينية، وما ادراك ما الحصة التموينية؛ لانه يعرف وهو النبي الملهم بان تلك طريقة الضعفاء وهي اجراء مؤقت لانقاذ الشعوب.
لقد فشل معبد آمون المنحل ورجاله وحاشيته في الوقوف امام ارادة التغيير، ونجح يوزرسيف واصبح تجربة تقتدى ليس للمصريين فحسب وانما لجميع الشعوب المبتلاة برجال معبد امون.فالدين والنبوة وتعاليم السماء جاءت لتحرير الناس من مطلق العبودية سواء كانت عبادة الشيطان او النفس او العوز والفقر او الدكتاتورية او الاحتلال البغيض.