قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

هل تريد أن تكون سعيداً بما تلمكه الآن؟
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *ايمان عبد الامير
السعادة،. هذا الأمل الكبير والحلم الجميل الذي يداعب الانسان، لكن المشكلة ان القليل هم الذين يلمسون هذه الجوهرة على ارض الواقع وبحواسهم الخمس بالرغم من الجري والجهد هنا وهناك وبذل أيام العمر، فما تكون النتيجة سوى المزيد من الضجر والشقاء. لكن هنالك طرقاً علمية ومنطقية تحقق للانسان هذا الطموح المشروع.
تمتع بما عندك، وارض بما قسمه الله لك، وكن مبتهجاً بما تملكه، ولا تكن من الذين يبحثون دائماً عمّا لا يملكون، فقائمة الأشياء التي لا تملكها طويلة جداً. فمهما امتلكت من متطلبات الحياة، من عقارات وأموال، ومهما صرت زعيما أو ملك الملوك، فإن القائمة تبقى كما هي.
ولربما تقول: إذا حصلت على بعض المال، وبعض الوجاهة، وبعض القوة ، وبعض الجمال، وبعض الأولاد. فسوف أكتفي بذلك، وأعتبر نفسي سعيداً ولا أبحث عن المزيد. غير أنك الآن تملك الكثير، فلمَ لا تكتفي بذلك، ولاتعد نفسك سعيداً، لذا تستعرض مع نفسك الاشياء التي لاتملكها، وتزرع في نفسك الكآبة بسبب ذلك؟
الصراع بين القناعة والطمع
هنالك حديث شريف يقول: (في النعم انظروا إلى مَن تحتكم ، وفي المصائب انظروا إلى من فوقكم). هذا هو الطريق الطبيعي لكي نرضى بما نحن نملكه ونسعد به، بدل أن نظل نتذكر ما ليس عندنا، ونتحسر عليه. يقول الإمام علي عليه السلام : (سعادة المرء في القناعة والرضا)، لأن السعادة تنبع من قدرتنا على التكيّف مع أوضاعنا وظروفنا والتمتع بما نملك، ولا نتبع من المجهول الذي لن يأتي .
حقاً، إن التوطن على القناعة عامل مهم في تحقيق السعادة، فهي تبدأ ـ كما يقول المثل ـ حيث ينتهي الطمع. فإذا لم يحالفك الحظ لتتمتع بما ليس عندك فمن الافضل ان تتمتع بما عندك، بدل أن تعيش في غمّ ما لا تملك. علماً إن الحصول على الكثير من الاشياء ليس خطأ أو مضرا في حد ذاته، ولكن الرغبة في الحصول على المزيد لا يمكن إشباعها، وكلما أبقيت على شعورك بأن المزيد أفضل، كلما فقدت الشعور والرضا عما بين يديك.
إننا بمجرد أن نحصل على شيء ما، و نحقق هدفا ما، فإننا مباشرة ننتقل الى الامر الذي يليه، ويؤدي ذلك الى القضاء على تقديرنا للحياة وللعديد من النعم التي حبانا بها الله .
على سبيل المثال قام رجل بشراء منزل جميل في منطقة جميلة، وكان هذا الرجل سعيدا حتى انتقل الى البيت الجديد، حيث اختفت عندئذ فرحة شراء البيت الجديد فقد بدأ على الفور يتمنى لو اشترى بيتا أكبر وأجمل، فلم يسمح له اعتقاده بأن الاكثر أفضل من الاستمتاع ببيته الجديد ولو حتى لبعض الوقت. ولسوء الحظ فإن هذا ليس وحيدا في ذلك فبدرجات متفاوته، نشبه جميعا هذا الرجل ولقد وصل الحد إلى النقطة التي لو أن أحدهم حصل على آخر مايخطر على البال من اسباب السعادة ووسائل الرفاهية لتساءل أيضا: (ماذا بعد ذلك؟)، يبدو أنه مهما فعلنا ـ شراء منزل أو سيارة جديدة، أوتناول وجبة ممتازة، أو العثور على شيء، أو شراء بعض الملابس، او حتى الفوز بوسام رفيع ـ فإن ذلك كله لايكفي مطلقا. والطريقة الأفضل للتخلص من هذه النزعة والرغبة هي ان تقنع نفسك بان الاكثر ليس دائماً هو الافضل، وان المشكلة لاتكمن في ما لا تمتلك، ولكن في توقعاتك المتواصلة للحصول على المزيد.
فمن المقاييس الممتازة للسعادة؛ حساب الفرق بين ماتملك فعلا وما ترغب في امتلاكه. فقد تقضي حياتك وأنت ترغب في الحصول على المزيد ، بينما بمقدورك أن تقرر عن وعي أنك ترغب في الحصول على أشياء أقل فهذه الطريقة أسهل وأكثر إشباعاً إلى أبعد الحدود.
فكّر واشكر،.
إن حوالي تسعين بالمئة من الاشياء في حياتنا هي جيدة ، وحوالي عشرة بالمئة منها هي ربما سيئة . فإن أردنا أن نكون سعداء فإن كل علينا هو التركيز على التسعين بالمئة الجيدة وتجاهل العشرة بالمئة السيئة، وإن أردنا أن نقلق ونتألم ونصاب بقرحة المعدة فما علينا سوى التركيز على العشرة بالمئة الخطأ وتجاهل التسعين بالمئة الصح.
إن كلمتي (فكّر واشكر) مكتوبتان منذ القدم، وقد دعت إليهما كل الأديان السماوية الكريمة، فكّر واشكر،. فكّر بجميع ما يجب أن نكون ممتنون له، واشكر الله على هباته وعطاياه. يقول تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ" (البقرة /172).
كان جواثان سويفت، مؤلف (رحلات غاليفر) من أشد المتشائمين بين الادباء الإنجليز، فكان شديد الندم على ولادته! حتى إنه كان يرتدي ثيابا سوداء دائما، ويمتنع عن الطعام في ذكرى ميلاده. ومع ذلك، وفي ذروة تشاؤمه، كان يمتدح فوائد الفرح والسعادة، وقد أعلن :(أن أفضل الاطباء في العالم هم الدكتور إعتدال والدكتورة هدوء والدكتور مرح)! ونحن يمكننا الإفادة من خدمات (الدكتور مرح) مجاناً في كل ساعة من اليوم بتركيز انتباهنا على الثروات غير المعقولة التي نمتلكها، وهي ثروات تفوق كنوز الدنيا. هل تبيع عينيك مقابل مليون دولار؟! وماذا تأخذ مقابل ساقيك أو يديك أو سمعك أو أطفالك وعائلتك؟! اجمع كل هذه الثروات وستجد أنك لن تبيع ما تملك مقابل جبال من الذهب والألماس.
هل تود أن تعرف كيف تجعل من غسل الاطباق في المطبخ تجربة رائعة؟
اقرأ كتابا عن شجاعة غير معقولة، من تأليف بورغليد دال، وهو بعنوان: (أريد أن أرى). مؤلفة هذا الكتاب امرأة كانت عمليا شبه عمياء لمدة نصف قرن وقد كتبت تقول: (لي عين واحدة، لم أكن أستطيع الرؤية جيدا من خلالها. كنت أرى الكتاب فقط حين أمسكه قريبا من وجهي). هذه المرأة كانت ترفض الشفقة وترفض عدها معاقة، وحين كانت طفلة ارادت أن تلعب (الحجلة) مع سائر الاطفال، لكنها لم تكن تستطع أن ترى الخطوط المرسومة على الارض وهكذا حين يعود الاطفال الى منازلهم ، كانت تجلس على الارض لتتطلع عن كثب على الخطوط وتحفظ كل جزء من الارض التي تلعب عليها مع أصدقائها.
وسرعان ما أصبحت خبيرة بهذه الالعاب كانت تدرس في البيت فتمسك بكتابها ذو الاحرف الكبيرة قريبا من عينيها حتى تلامس أهدابها صفحاته، لكن هذه المرأة حصلت على شهادتين جامعيتين من جامعة مينيسوتا وجامعة كولومبيا. بدأت التعليم في قرية صغيرة تدعى (توين قالي)، ثم أصبحت أستاذة في الصحافة والادب في جامعة أوغستانا في جنوب داكواتا، وقد بقيت تعلّم هناك مدة ثلاث عشرة سنة، وكانت تلقي المحاضرات أمام النوادي النسائية، وتدلي بأحاديث عن الكتب والمؤلفين في الإذاعة. وقد كتبت تقول: (كان يكمن وراء تفكيري خوف دائم من العمى الكلي، لكنني قررت التغلب على ذلك، وتبينت أسلوبا فرحا تجاه الحياة)
وفي سنة 1943، حين بلغت سن الثانية والخمسين، حدثت أعجوبة: أجريت لها عملية جراحية في مستشفى مايو الشهير وبدأت تبصر أضعاف ما كانت تستطيعه في السابق. ثم انفتح أمامها عالم مدهش من المحبة. و وجدت أن حتى غسل الاطباق في المطبخ هو أمر رائع. وقد كتبت تقول: (بدأت الهو بالرغوة البيضاء المتصاعدة من طبق الغسيل، فأغمس يدي وألتقط كرة من فقاقيع الصابون الصغيرة، ثم أمسك بها أمام الضوء حيث أرى فيها ألوان الطيف الشمسي الزاهية). حينها همست قائلة: (يا إلهي ربّ السمواب والأرض، أنا أشكرك، أنا أشكرك،.).