وزير امني مستقل..لا ينفع !
|
سالم مشكور
كثيرا ما سمعنا، ونحن نجتاز بازار التشكيل الحكومي، دعوات الى اسناد الوزارات الامنية الى وزراء مستقلين. في المبدأ يبدو الطرح موضوعيا باعتبار المحاصصة واستئثار كل وزير بوزارته وتجييرها لمصلحة حزبه او تكتله او طائفته، لكن المشكلة في هذا "الحل" هو ان أعتماده في الحكومة السابقة كشف عن خلل كبير ونتيجة لا تقل خطورة عن احتكار حزب او تكتل للوزارة.
في المبدأ ايضا وقبل مناقشة التجربة السالفة، فان كون الوزير الامني مستقلا يعني انه غير مسنود من حزب او جهة، وبالتالي يكون ضعيفا وقابلا للتاثير عليه من جانب اية جهة. واذا ما اراد ارضاء الاطراف كافة رغم تناقض رؤاها وبرامجها، أصبح من الضعف بحيث لا يقوى على اتخاذ قرار حاسم يجعله في صدام مع هذه الجهة او تلك. هنا يلجأ الوزير الى الاستناد الى احدى الجهات الموجودة لدعم قراراته وبقائه في منصبه وحمايته من الاستجوابات التي قد يكون بعضها "كيدية ".
هذا يعني انه فقد استقلاليته، و الخيار الاخر الذي قد يلجأ اليه الوزير الامني المستقل هو تأسيس حزب سياسي له يجنّد كافة امكانات وزارته لدعمه الى جانب الدعم الذي يصل من "أهل الخير" في دول خليجية وغيرها. ويبدأ هذا بالتصرف كخصم سياسي لرئيس الحكومة والاطراف الاخرى، فيشارك مثلا في اجتماع مجلس الوزراء وهو "زعلان " من خصومه او لا يحضر الاجتماع اساسا. هنا نكون امام عبء جديد على الساحة السياسية يضاف الى باقي الاعباء التي تنوء بها هذه الساحة. و النتيجة الواضحة هي ان هدف الحصول على وزير امني قوي لم يتحقق.
ألم نشاهد كل هذه التفاصيل، أو أغلبها، خلال السنوات الاربعة الماضية؟. الا نتعلم كيف نستفيد من تجاربنا ؟.ربما يسأل أحدهم : ما الحل اذن؟.
الحل هو تأسيس دولة وليست كانتونات ودكاكين مستقلة. فمن الغرابة ان يبرر دعاة استقلال الوزير الامني عن الاحزاب بان هذه الوزارات تعمل لكل الوطن. الا يعني هذا اقرارا من هؤلاء بان باقي الوزارات ملك للطوائف والاحزاب ؟ الا يجدر بكل وزير ان يعي ويتصرف على اساس ان وزارته هي للعراق كله وليست الى مذهب او حزب او قومية ؟. ..
ليس الانتماء السياسي او عدمه دليلاً على الاستقلالية او عدمها، إنما المعيار هو مدى سعة أفق الوزير وصحوة ضميره وإيمانه بان العراق للجميع، والأمن يشارك به الجميع وينعم بنتائجه الجميع ايضا، وهو خير من يصلح لهذه المراكز. . بمهنية ووطنية تجعله أهلا لإئتمانه على حياة ، كل العراقيين.
|
|