قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

مفهوم الشراكة الوطنية في الحكومة الجديدة
داود نادر نوشي
واخيرا شهدنا ولادة الحكومة الخامسة في عمر العراق والعملية السياسية بعد سقوط النظام البعثي والدكتاتورية في 2003، وجميع تلك الحكومات كانت توافقية في جانب منها ومحاصصة طائفية في جانب آخر، وهذا ماكانت تتجه إليه الرؤى السياسية لظروف معينة كانت تتطلب من السياسيين أن ينحو هذا المنحى من اجل عبور العراق إلى الضفة الأخرى، وكذلك التهديدات الكبيرة التي كانت تحيط بالعراق من قبل بقايا البعث الصدامي وتحالفاته مع عصابات القاعدة والمجاميع الإرهابية والتي كانت تريد بنا العودة إلى زمن المعادلة السابقة والمربع الأول في حكم الديكتاتورية والحزب الواحد والقائد الضرورة. ومع أن تلك التوافقات كانت من المفروض أن تسير بالعملية السياسية إلى شاطئ الأمان ونصل من خلالها إلى ضوء في نهاية النفق، ألا أن بعض المتربصين كانوا حجر العثرة في مسيرة التقدم والبناء السياسي والاقتصادي للعراق..
واليوم ومع تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وتحت مصطلح الشراكة الوطنية لابد لنا من تعميق معنى ومفهوم الشراكة الوطنية واحترام هذا المفهوم واللجوء إلى الدستور في حل جميع القضايا العالقة. فالشراكة الوطنية لاتعني أن يبقى مفهومها متعثرا وبدون أطر قانونية ودستورية وان لاتكون مجرد كلمات تتمنطق بها السنة السياسيين من اجل كسب الود وتحقيق مصالح آنية وإنما المعنى الحقيقي لحكومة المشاركة أن يكون العمل للعراق والشعب العراقي وان لايكون الوزير وزيرا لحزبه أو طائفته أو قوميته وإنما وزيرا للعراقيين جميعا وان تكون الشراكة الحقيقية في تقديم الخدمات للعراقيين والتسابق من اجل النهوض بالعراق الجديد إلى التقدم والازدهار والنمو. ولا تعني الشراكة بأي حال من الأحوال تقاسم السلطة واتخاذ القرار وتوزيع المناصب هذا لك وتلك لي وكأن العراق ارث لوالد متوفى يتصارع أبناؤه للحصول على الغنيمة.
و الشراكة الحقيقية لاتعني عدم توزيع المناصب حسب الكفاءة والنزاهة والمهنية، ، و لا أن ترشح الكتل شخصيات حزبية غير مهنية وليس ذوي اختصاص وبالتالي تتحمل الحكومة كل السلبيات التي تحصل بسبب الاختيار العشوائي للكتل السياسية، والشراكة الحقيقية تعني ينصهر الوزير في عمله الحكومي وينفذ توصيات وقرارات الحكومة مجتمعة حتى وان تعارضت مع كيانه السياسي أو انتمائه، وهنا تكون ثقافة المشاركة الحقيقية في الحكومة التي نتمنى وننتظر من الجميع أن لايكون معرقلا لسيرتها وادائها. ومع علمنا أن ثقافة الديمقراطية في العراق هي ثقافة فتية تحتاج الوقت الكافي للنضج إلا أن ترسيخ مبادئها لابد أن يكون على الأسس الصحيحة لتنمو مع الوقت وتزدهر وعلى أثرها يمكن بناء دولة مؤسسات وتحصين البنية الأساسية للعملية السياسية.
ولكي نعمق المعنى الحقيقي للشراكة لابد لنا أن نغير النهج الخاطئ والأسلوب المعوج للتعامل مع العملية السياسية الجارية، فلايمكن لأي مشارك في الحكومة أن يتناغم مع مايسمى بالمعارضة التي تتخذ من فنادق الدول الشقيقة مقرا لها، وهي ليست معارضة حضارية في أسلوب تعاملها مع الواقع العراقي بل اتخذت من أعمال القتل والتهجير واللعب على حبل الطائفية والحنين إلى عودة النظام البعثي المجرم برنامج عمل لها وإستراتيجية بعيدة الأمد، ولايمكن لهكذا معارضة أن تتلاءم مع الوضع العراقي الجديد وبالتالي فالتناغم مع هذه المجاميع جريمة كبيرة بحق العراق والعراقيين، ولايمكن بناء الدولة العراقية وفق هذا المنهج والأجندات والتي لاتمس من قريب أو بعيد معنى ومحتوى حكومة المشاركة. العراقيون ينظرون بتفاؤل وأمل كبير على أن الأربع سنوات القادمة ستكون سنوات البناء والإعمار وتقديم الخدمات والقضاء على البؤر الإرهابية وفلول البعث وعصابات القاعدة، وسيكون العراق فيها هو المنتصر، ويأخذ دوره الريادي المعروف في المنطقة. .