عدّ (الأربعين وزيراً) عبئاً على الدولة وانتقد تهميش دور الشعب في صناعة القرار
المرجع المُدرّسي: الشعب ينتظر حكومة (منسجمة) بإنجازات لا (شراكة) تتحول(محاصصة معرقلة)
|
الهدى/ كربلاء المقدسة:
دعا سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي (دام ظله) الى الوسطية والاعتدال في التعامل مع التطورات الراهنة واوضاع الساحة العراقية وتجنب التطرف الكاسح في النظرة وتقييم السلبيات والايجابيات على حدٍ سواء، والسعي بالمقابل لإصلاح الأمور واحتواء المشاكل وعدم التهرّب منها. وفي نفس الوقت طالب سماحته الحكومة الجديدة بأن تسعى لتلبية طموحات الشعب العراقي الذي جاء بها الى قمة السلطة، وطالبها بالعمل على توحيد الساحة والجهود رغم التشتت الموجود في الآراء والتوجهات السياسية، كما دعا البرلمان المنتخب الى تفعيل الدستور والاسراع في سنّ القوانين التي يحتاجها العراق.
وبحضور حشد من الوفود والمواطنين قال سماحته في جانب من محاضرته الاسبوعية بمكتبه بكربلاء المقدسة أنه : بالرغم من الأخطاء الموجودة في العراق، وفي مقدمتها التأخير والمدة الطويلة التي استغرقتها عملية تشكيل الحكومة، إلا اننا يجب أن لا نبقى اسرى الماضي بل نتفاءل بالايجابي وهو تشكيل حكومة شراكة وهو أمرٌ جيد. واضاف متابعاً: ان البلد يعجّ بالمشاكل ومليء بالفجوات الكبيرة، لذا علينا احتوائها عبر البرلمان و مجلس الوزراء و عبر الدوائر الاخرى حتى نحتوي التناقض ونحوله الى اختلاف ايجابي في الرؤية ومن ثم تحقيق الهدف المنشود وهو بناء الوطن بصورة ايجابية و سليمة. وفي السياق نفسه حذر سماحته من عواقب تحول (الشراكة) الى (محاصصة وعرقلة)، وقال: اذا تحولت هذه المحاصصة الى صراعات في داخل البرلمان وداخل الحكومة فانها ستشغلنا عن واجباتنا الحقيقة. واضاف ان: اساس العمل للبرلمان وضع القوانين ومراقبة تطبيقها، فنحن لا نضع القوانين السليمة بالقدر الكافي ، والدستور مهمل، فيجب ان يُفعل بالمستوى الجيد والمطلوب ، وكل شخص منتخب في هذا البرلمان يجب أن يمثل الشعب العراقي كله ولا يمثل حزبه او طائفته او جماعته . اما الحكومة فمطلوب منها ان تقضي على الفساد بانواعه وان تتوحد جهودها لخدمة الناس، ولا تتحول الشراكة الى صراع داخل الاروقة والى الاختلاف المضر.
ودعا الحكومة والبرلمان الى الحذر من أن فشلهم وعدم تقديم انجازات يتطلع اليها الشعب سيؤدي الى تكريس الاعتقاد في الاذهان بان لا دور للناس ولا دخل لهم بالعملية السياسية ومايجري في بلدهم، واوضح أن : الناس انتظروا عشرة اشهر حتى يروا بعد هذه المرحلة حكومة منسجمة وتقوم بدور اساسي في اقامة العدل وفي رفع الظلم ولو بنسبة معينة، في اعادة الامور الى نصابها، فاذا رأوا ان البرلمان و الحكومة فشلا و لم يقوما بهذا الدور فسوف يصابون بالاحباط، ونخشى أن يؤدي ذلك الى أن تتولد ثقافة و قناعة خاطئة لدى الناس مؤداها الشعور بضعف دورهم وقدرتهم على التغيير ، واقبالهم ومشاركتهم في الانتخابات لأنهم يشعرون أن النتيجة واحدة سواء انتخبوا او لم ينتخبوا لانها لا تغير واقعنا ، وهذا خطأ فادح ورأي غير سليم بالطبع، لذا نقول للسياسيين في هذا البلد احذروا من ايصال الشعب الى هذا الشعور بالاحباط.."، وفي هذا الاطار انتقد سماحة المرجع المدرسي أن تكون هناك قنوات لا تلتزم طريق الاعتدال في التقييم والنظرة ، مابين أن (تسبح بحمد الحكومة ليل نهار)، او اخرى على النقيض تماماً تروج وتتحدث ليل نهار "عن السلبيات" والاسقاطات في العراق.
من جانب آخر انتقد سماحته ما تم الاقرار عليه بتشكيل أكثر من اربعين حقيبة وزارية في السلطة التنفيذية ، و وصف هذا الكم من الوزارات بمنزلة العبء على الدولة، وقال أن : الثقل الاداري الذي تتحمله الدولة والمتمثل بالاربعين وزيراً، يوحي في الحقيقة أن كل شيء في العراق مرتبط بالدولة وبالجهات الرسمية ولا دخل للناس في شؤونهم، في حين ان الصحيح أن يكون للشعب الدور الفاعل في مختلف المجالات كالاقتصاد، بتشجيع القطاع الخاص، فيما يكون دور الحكومة في القضايا الاساسية ، رقابياً ، وامنياً، و وضع الاستراتيجيات.. وقال في هذا السياق "يجب ان ندخل ونجدد ونحاول ان نؤسس لعراق جديد بحق و الذي اساسه هو بناء المجتمع وليس بناء الدولة فقط، نحن نعلم ان الحكومات تعاقبت على العراق عبر عقود طويلة حكومة وراء حكومة وهذه الحكومات كان اهمها في الحقيقة مع الاسف الشديد ان تقوي نفسها على حساب الشعب، الحكومة كانت عادة تضع القوانين المعرقلة المختلفة من أجل تقوية نفسها واحكام قبضتها وبالمقابل عرقلة حركة المجتمع وانطلاق الجماهير وطاقاتها". (تفاصيل اكثر ص6)
|
|