قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

المسؤولية
د. صباح حسن
الكثير من الناس يقولون (انا ليس ممن يؤمن بالظروف) وبعضهم يلجأ الى لوم الظروف حين لا تسير اموره على ما يرام، والكثير منا يجد من السهل عليه ان يعلق كل ما يواجهه من فشل واحباط على الظروف والاشخاص المحيطين به، بدلا من مواجهة نفسه والبحث عن الاسباب الحقيقية وراء فشله، وقد يبدأ بعض الاشخاص لوم سلسلة من الاشياء التافهة تبريراً لفشلهم كبوم يتشاءمون منه لينتهوا الى الطفولة التعيسة والزواج الفاشل والاصدقاء السيئين، وباعتقادي اننا نعيش في حضارة تميل دائما الى وضع الشخص في موقع المخطئ فتراه يدافع عن نفسه ويحاول ان يضع اللوم في مكان ما وعلى شخص ما، فحين ما نفشل عاطفيا لاكثر من مرة لا نلوم انفسنا بعد اصطدامنا بشخص غير مناسب او نصطدم بمواقف بعض الاصدقاء فاننا نبدأ بتعليق احباطنا ومتابعتنا على الآخرين ابتداء من افراد العائلة الى الاصدقاء الى الزملاء في العمل بدلاً من ان ننظر الى دراسة دواخلنا لنرى اين يكمن الخلل واين الخطأ الذي وقعنا فيه كي لا يتكرر.
ومن المؤكد ان لكل شخص طريقته الخاصة في لوم الآخرين واتهامهم باهماله الى حالة البؤس التي هو عليها وقد يعتمد البعض على سلبيات طفولته ليبرر بها الاخطاء التي ارتكبها وهو راشد، ومن خلال تجربتنا الكبيرة وقراءة الكتب خصوصا منها الاجتماعية ومنها السياسية بكثافة نرى ان اكثر مصادر اللوم هي من الوالدين فالكثير من الكبار الذين يمرون بسلسلة من الفشل في حياتهم وخاصة النساء يعزون السبب الى الطفولة وكيف انهم حرموا من الثقة بالنفس التي لابد من ان يمنحها الاباء لاطفالهم لتكون سلاحا في المستقبل. اما النوع الثاني من اللائمين فيعلقون اخطاءهم الى الظروف الخارجية كالجو والازدحام في الشوارع.
وقد يبدو بعض هذه الاعذار مقبولة منطقيا واجتماعياً ونحن نستخدمها جميعا من وقت لاخر لكننا اذا اصبحنا من مدمني خلق الاعذار سوف لن نتعلم ابدا ان نتحمل مسؤولية انفسنا بأخطائنا وهناك نوع من هؤلاء من الذي يستخدم كلمة (بسببك) وهي كلمة اصبحت مألوفة في مناقشات الازواج خصوصا والابناء ورغم ان هذا النوع من اللوم لا يساعد في مشاكلنا الا اننا مصرون على تبادل الاتهامات فيما بيننا بالخلافات. فنحن احيانا نكون بارعين في لوم من نحب عند فشلنا في امرنا الا اننا نفتقر الى تلك البراعة في تطوير انفسنا وتجنبها من الخطأ بل اننا بعض الاحيان نستخدم كلمات جارحة خلال المناقشات دون ان ندري مالها من اثر سيئ، لنضرب مثلا على تلك الزوجة عندما تقول لزوجها لو تركتني اشتري ذلك المنزل لاصبحنا الان من الاغنياء، او الام التي تقول لصغارها لولا هؤلاء الاطفال لكنت الان في مركز وظيفي مرموق، وفي الحقيقة الناس كل على شاكلته وكما يقول المثل الشعبي المعروف (كل يغني على ليلاه).
ان هذه الحالات عزيزي القارئ الكريم غير مقبولة أن يلوم البعض(عندما يقع عليهم الخطأ)، الآخرين، ولماذا لا نحاسب انفسنا عند الخطأ فكلنا مسؤولون كما قال رسول الله محمد (ص): (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). ولا ننسى في موضوعنا هذا السياسيين في العهود السابقة والعهد الحالي، البعض يخطأ ويلوم من حوله او الآخرين حتى اذا كانوا بعيدا عنه، هناك الكثير من الرجال السياسيين مخلصين في خدمة شعبهم وهناك من لا يخلص، هؤلاء طبع انانيون، وعندما يخطئون يلجأون الى لوم الاخرين الذين ليس لهم صلة باخطائهم.
ولكني اخيرا اقول: كفانا لوم الاخرين جزافا كي لا يتحملوا عبء اخطائنا، ليتحمل كل منا مسؤولياته قدر المستطاع. والله المستعان.