طموح المراهقات و فرص النجاح
|
*ايمان عبد الامير
الى جانب التغيرات (الفسيولوجية) عند الفتاة في سن المراهقة المتعقلة بالجانب البدني، فانها تستقبل جملة من التحولات النفسية والذهنية، وفي مقدمتها النزوع الى الاستقلالية ومحاولة رسم المستقبل بنسج الخيال والنشاط الذهني في هذه المرحلة العمرية، مستفيدةً من الاجواء التعليمية المشجعة والنجاحات المتكررة في المراحل الدراسية. وبما ان الفتاة على الاغلب تطلب العلم من اجل العلم وليس مثل الشاب الذي يطلب العلم ليكون له باباً نحو دخول مهنة معينة والحصول على فرص عمل تعينه على تحمل مسؤوليات الحياة، فانها تكون أحرص واكثر حساسية على مستواها الدارسي، ثم هي اكثر تفنناً في نسج التطلعات والاهداف البعيدة، وهذه النزعة تشتد اليوم مع انتشار الحديث عن حرية المرأة في اختيار مهنتها المفضلة، فهنالك من ترى نفسها طبيبة في المستقبل وأخرى ترى نفسها مهندسة او محامية او استاذة جامعة وغير ذلك. لكن مشكلة الفتيات في هذه المرحلة العمرية الحساسة غياب الرؤية الصحيحة والواقعية للامور ومتطلبات الحياة.
والسؤال هنا؛ كيف يكون رد فعل الفتاة المراهقة وهي تجد نفسها على طريق غير الذي رسمته في ذهنها؟ سؤال وجهناه الى عدد من الفتيات اليافعات من ابناء الجيل الجديد...
تقول (آية): - 19 سنة- "عندما كنت في المرحلة الإبتدائية كنت أحلم بأن أكون طبيبة في المستقبل، وهذا الحلم استمر معي إلى سن 13 عاماً، ولكن عندما انتقلت إلى المرحلة الثانوية، اختلف طموحي فجأة، وفكرت في الإتجاه لمجال الصحافة، وبالفعل، فقد عملت لفترة في صحيفة، وكنت على مستوى جيِّد في أدائي للعمل، ثمّ تركته للتركيز في الدراسة، والعمل على الإلتحاق بكلية الإعلام، وبعد ذلك فوجئت بأن مجموعي في الثانوية العامة، لا يساعدني على دخول هذه الكلية، وعند تسجيل رغباتي للإلتحاق بالجامعة، جاء دور والدي الذي اختار لي جامعة خاصة، واشترط عليَّ الإلتحاق بكلية الطب، وليس الإعلام، فاخترت قسم العلاج الطبيعي، على أساس أنّه هدفي القديم".
أمّا (نشوى عادل) -21 سنة- فكان رأيها مشابهاً لصديقتها، وتقول: "بشكل عام، يكون الطموح متغيّراً في الصغر، بمعنى أنّ هناك مواقف يمر بها الطفل تجعله يغير طموحه، ولكن عندما يكبر يبدأ بالتعرف على مجالات كثيرة، ويرى الواقع بعينيه، ثمّ يختار المناسب لقدراته، فأنا أثناء مرحلة الثانوية العامة كان طموحي الأوّل والأخير أن ألتحق بكلية الصيدلة، لكن لم تأت لي في التنسيق، لذا اخترت كلية العلاج الطبيعي، لأنّها الأنسب لقدراتي.
أمّا (ميادة) -23 سنة- فقالت: "منذ صغري وأنا أهوى الرسم، ورغم أنني التحقت بكلية الفنون الجميلة، ودأبت على دراستها 5 سنوات، إلا أنني وجدت الدراسة فيها مختلفة عما كنت أتخيله، وبعد التخرج فضلت العمل في مجال الصحافة، والحمد لله، وفقت في مهنة البحث عن المتاعب، لأنني أحببت العمل في هذا المجال".
في حين تقول (أمينة): - 18 سنة- "كان حلمي أن أصبح دكتورة في المستقبل، وعندما كبرت والتحقت بالمرحلة الثانوية، بدأت الأمور تتضح أمامي أكثر، حيث وجدت دراسة المواد العلمية غير مناسبة لميولي وإهتماماتي، فاخترت قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب، والحمد لله استطعت أن أتكيف مع طبيعة دراسة الكلية، وأنا حالياً بدأت الخوض في مجال العمل والخاص بالترجمة، لأنني أطمح في تأسيس مؤسسة ترجمة خاصة بي".
من جهتها تقول (مَلك): -20 سنة- "كنت أرغب في الإلتحاق بكلية الهندسة، أو كلية الفنون التطبيقية، ولكن رد فعل أهلي كان مخالفاً لرغبتي، فالتحقت بكلية علوم الحاسبات ونظم المعلومات، بعد تشجيع وإقناع منهم لي، وأنا حالياً سعيدة بدراستي لهذا المجال، لأن له دوراً مهماً في المستقبل.
(إيناس) -16 سنة- كان طموحها منذ الصغر أن تلتحق بكلية طب أسنان، وإذا لم تتحقق أمنيتها فسوف تضع في إعتبارها كليات أخرى، مثل الهندسة أو الفنون التطبيقية أو الفنون الجميلة، لأنّ المجموع هو الذي سيحدد الكلية، وهذا هو نظام التعليم عموماً، الذي يعتمد على المجموع ولا يكتفي بالطموحات.
من هنا نعرف ان الطموح ورسم الاهداف المستقبلية للفتاة وكذلك للشاب في مقتبل العمر، لهي حالة صحية ومطلوبة تدعو الى تعزيز الثقة بالنفس وزرع بذور الأمل في الحياة، لكن المهم هنا ايضاً هو تقويم هذه الحالة ووضعها في الاطار والطريق الصحيح، وهذه مسؤولية الأبوين بالدرجة الاولى وأولياء الامور الى جانب المدرسة، فالمعلم والمدرس له الدور الكبير في تقويم طموح الطالب والطالبة واسداء النصيحة لها بسلوك الطريق الذي يتناسب مع قدراتها الذهنية وظروفها المادية والاجتماعية.
|
|