(عدس) التجارة و(لحوم) الكهرباء !
|
*علي سالم
يشير بحث اجري في امريكا مؤخرا حول طبيعة تأثير انواع الطعام في البيئة، بغية المواءمة بين ما يشتهيه المرء من مأكولات ومراعاة البيئة، يشير الى التأثير الجيد لـ(العدس) !،ويكيل المديح لمزاياه، فيما ينتقد تناول (اللحوم) وشويها ويقول انها تتسبب بأرتفاع الحرارة فيما يسمة بالاحتباس او الاحترار المناخي !. وسيجد القارىء تلخيص لمضمون البحث في نهاية هذه الاسطر.
ومن وحي هذا البحث اقول: أن ترتفع اسعار اللحوم في اسواقنا، ولايستطيع جيش من الفقراء والمحرومين من تناولها،أمر قد وُجِد له تبرير اخيرا قد يقنع الناس بعدم الشكوى، بل والامتناع عن شراءه وتناوله، فقد ظهر ـ وعلى ذمة البحث العلمي ـ ان تناول اللحم يزيد من (الاحتباس الحراري) !، وبما اننا نعيش في درجة غليان صيفي فالافضل التخلي عن اللحوم!، لان تناولها يرفع درجة الحرارة، ومن ثم يتسبب في هدر واستهلاك كمية اكبر من الطاقة الكهربائية لتشغيل المبردات والمكيفات التي وفي اكثر من مناسبة شكى السادة المسؤولين في الحكومة من أن العراقيين باتوا يمتلكونها بعد زوال عهد الهدام للعراق، وكأنهم يمنون على الناس ويريدون منهم البقاء على نفس احوال المعيشة في ذلك العهد!؟، او الرجوع الى عصر(المهاف) التي بات سوقها رائجا مع حلول كل صيف !، فيما طلب ذات مرة احد كبار المسؤولين من العائلة العراقية بجمع كل افراد العائلة في غرفة واحدة لكي (تُرشّد) الكهرباء و تنعم بهواء بارد في الصيف، وذلك في فكرة ابداعية جهنمية تفتق عنها ذهنه كحملة لترشيد كهرباءه التي يدار ملفها ولايزال بلا رُشد !، غير مفسر و موضح كيف يمكن مثلا لعائلة فيها اب وام وابناء وزوجات ابناء، بالنوم ليلا او ظهرا جميعا في غرفة واحدة، هل هي غرفة (تعذيب) مثلا امّ أنها (حيِّ العرض واحد)!؟. وهل يطبق سيادته هذا المقترح على نفسه وباقي المسؤولين ؟!. وبالمناسبة ربما يكون ارتفاع الاحترار في المشهد والمناخ السياسي بين المسؤولين وقادة الكتل والاحزاب، يعود الى مايذكره هذا البحث!، بسبب اكثارهم من (اللحوم) وبالتالي فالنصيحة الطبيعية ان يكثروا من تناول (العدس) وامامهم فرصة لاتعوض في ايام الصيام المقبلة..!.
بالمحصلة فأن نتيجة البحث العلمي تبدو انها توفر عذر جديد (علمي وبالباكيت) لوزارة الكهرباء ! التي لانستبعد ان تخرج علينا بتصريح لترشيد الكهرباء يقول أن سبب الاخفاق في توفير الكهرباء ورغم صرف المليارات كما تصرف الوعود المتكررة، هو بسبب تناول العراقيين اللحوم، نقطة راس سطر.
وبراس السطر الجديد هذا نشير الى (عدس) وزارة التجارة، لاسيما مع حلول شهر رمضان حيث يكثر الطلب عليه. وللعلم لازلنا في نفس البحث العلمي الذي سيكون في هذه النقطة لغير صالح الوزارة !. فالبحث الامريكي يؤكد ان العدس (صديق للبيئة) بعكس اللحوم !، ولايسهم في رفع درجة الحرارة والاحتباس الخراري. واخذ تكيل المديح لصاحبنا وتعدد مزاياه..!. ربما يوجد لديهم كميات فائضة من العدس ويريدون تشجيعنا على استيرادها لشهر رمضان، خاصة وان موعد الرد من ساسة العراق على طلب التمديد لبقاء جزء من قواتهم سيكون قريبا !، وقد نجد بين لحظة واخرى طرح شعار من قبيل (العدس ماقبل التمديد)، ولأنه صديق للبيئة فقد يكون له اثر فعال في تنقية بيئتنا الملوثة بكل اصناف الثلوت واسبابه وعلى رأسها البيئة السياسية.
كما أن المواطن العراقي يزيد من استهلاك مادة العدس خلال شهر رمضان، في حين انه (العدس) مفردة تخلوا منه البطاقة التموينية التي باتت لاتتعدى الثلاث مواد لغاية الساعة، فيما الوزارة اكدت واصرت اصرارا والحت الحاحا خلال خلال جلسات (استعراض) انجازات مهلة المئة يوم، على انها توفر كامل مفردات البطاقة وانها تحتوي على خمس مواد على اقل تقدير، فيما يؤكد وكلاء التموينية (ليسوا وكلاء الوزارة) انهم لم يتسلموا يوما كامل الحصة منذ اشهر مديدة، وانهم عند مراجعتهم لمحازن الوزارة للاستلام يجدونها شبه خالية الا من مواد ثلاثة فقط.
وعليه ففقدان مادة العدس، وعدم استيراده وتوزيعه من قبل وزارة التجارة نقطة في غير صالحها ولا يسهم في تحسين البيئة في العراق. لعل من المفيد هنا وفي ظل اشتداد حماوة سوق (الترشيق) والدمج، الوزاري، طرح مقترح مفيد بيئيا، بدمج وزارة التجارة بوزارة البيئة ولكن بالطبع بشرط توزيع (العدس)..
والأن ولكي لايبدوا الامر وكأنه مجرد مزحة، نشير الى موجز لما جاء في البحث الذي اشرنا اليه، فهو يؤكد أنه من طبق العدس الذي يبعث القليل جدا من غازات الدفيئة، مرورا بطبق اللحم المشوي (الكباب بالعراقي) الأكثر ضررا في هذا المجال، تزيد أطباقنا المفضلة قبل وصولها إلى موائدنا، من الاحترار والاحتباس المناخي. جاء ذلك سياق ما اصدرته منظمة غير حكومية أميركية تحت عنوان " دليل آكل اللحوم حول التغير المناخي والصحة"، بغية المواءمة بين ما يشتهيه المرء من مأكولات ومراعاة البيئة. ويركز البحث على قياس بصمة الكربون الصادرة عن كل غذاء "من المهد إلى اللحد" على حد قول الدليل، بالاستناد إلى انبعاثات غازات الدفيئة قبل مغادرة الغذاء للمزرعة وبعدها. ويشمل البحث آثار المبيدات والأسمدة المستخدمة في العلف وتربية المواشي وعمليات التحويل والنقل، بالإضافة إلى انبعاث ثاني أكسيد الكربون خلال طهي الأطباق.كذلك أخذ البحث في الحسبان طريقة معالجة بقايا المأكولات. ويعتبر لحم الغنم الأسوأ مع انبعاثات تساوي 40 كلغ من مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوغرام واحد من اللحم. ويوازي أكل قطعة صغيرة من 110 غرامات من هذا اللحم االمشوي على الفحم قطع مسافة 21 كيلومترا بسيارة متوسطة الحجم. ويلي اللحم الأجبان ثم الدجاج وطائر الحبش. ويختتم البحث بتعداد مزايا الخضار والحبوب لا سيما العدس.
|
|