كربلاء.. ضرورة حضارية
|
إن البشر تكتنفهم الأهواء، ويكتنف المصلحون التعب فيحيدون عن الجادة في موج الضرورات والاضطرارات.. ويتعاظم تيار التثاقل للأرض وثقافة الخنوع تكاد تتوارثها الأجيال فتتراكم الحجب لولا أن يشدهم قوة النور المتلاقي مع ضمير الفطرة.. يؤرق مضاجعهم أن يستريحوا للذل واهتضام الحقوق. وهكذا نفهم ذكر الامام الحسين (ع)، فيكون نورا نُفسِّر به واقعنا ونَزِن به مسالكنا وسلوكنا.. فمن الخطيئة أن نفهم كربلاء من وحي ظروفنا ونفسياتنا فنُلبسها أثوابنا، أو أن نكتفي بفهم الظروف الواقعية التاريخية للنهضة الكربلائية، فالصواب أن نفهمها من منظار القيم النبيلة التي تجلّت فيها والتي بررتها، ويكون الفهم لشبكة الظروف التاريخية مدخلا لفهم الاجتماع البشري ومسالكه مع الإصلاح والرسالة. وحينها يتأتى أن نفهم واقعنا بكربلاء فتكون الكاشف عن خبايا السلوك كما تكون الميزان. وما أعظمه من شرف يتبوأه المنبر الحسيني، وما أعظمها من مسؤولية يتحملها الخطباء الكرام.. حيث يكون على عاتقهم بالدرجة الأولى الارتقاء بالاقتراب إلى رسالة الإمام (ع) فيكشفون زيف الثقافات الجاهلية أنى كان منبعها السلطان أو تراكم التحريف أو التغريب دون هوادة أو مهادنة وإن بحكمة. إن منبر الإمام الحسين (ع) هو منطلق لتعميق جذور النهوض في نفوس الأجيال، وتكريس ثقافة التوحيد النابذة لثقافة الطاغوت.
|
|