قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

الشفافية والفساد والإرهاب
رئيس التحرير
تعتبر مسألة الشفافية أحد أهم أخلاقيات النظام السياسي والحكومات التي تتبنى حقاً منهجية دولة القانون والمؤسسات في الممارسة والعمل، وليس بالشعارات الرنانة الفارغة، ويشار إليها (الشفافية) على أنها ركيزة أساسية في قيام نظام سياسي جدير بالاحترام يسعى إلى الارتقاء والنهوض بالناس ولذلك وضعت كمادة أساسية تدرس في الجامعات العريقة من أجل صياغة وعي سياسي متطور. وتعرّف جودي نادلر من جامعة سنتا كلارا الشفافية في النظام السياسي على أنها "قدرة الشعب على النظر ومتابعة تصرفات وسجلات وسياسات الحكومة، و يشمل ذلك جميع مؤسسات الدولة المالية والإدارية والاجتماعات التي تعقد مع أي دول أو مؤسسات تكون الدولة طرفا فيها".وهذا ما يجعل الدول المتقدمة تطبق هذا النظام ضمن نهجها السياسي، ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً يوجد قانون يفرض عرض الملفات الحكومية إلى عامة الشعب طالما أنها لا تفشي أسرار الدولة إلى الدول المنافسة أو المعادي لها، كما أنه يوجد في كل ولاية قانون يحدد هذه الشفافية. وبقطع النظر عن نظرتنا وموقفنا وتحفظاتنا على السياسات الأمريكية فإن المفتاح او المغزى والعبرة هنا هو وجود فكرة العقاب لأي تجاوز في أجهزة الدولة وهذا أمر ضروري للحد من استشراء الفساد، فكما تقول الخبيرة السياسية مريم سكولمان "الحكومة التي لا تملك شفافية في نظامها تكون عرضة للفساد أكثر من أي حكومة أخرى، فذلك يسبب غياب الرأي العام للشعب في اتخاذ القرارات".
وحنى لاتكون مجرد شعار و لافتة وإدّعاء فأن الشفافية تعني أن الأوراق الرسمية تكون بشكل عام مكشوفة للجميع، الا في حالات معينة وهذه عادة ماتكون بقدر محدود وضيق. ووضع الأوراق في متناول يد عامة الشعب تعني أن السلطات الاتحادية والمحلية وعموم النظام ليس لديه ما يخفيه عن شعبه، كذلك تعني أنه لا يوجد شيء يخاف النظام من كشفه، ولو أننا طرحنا هذا السؤال: لماذا نرى شكوى ليس من الناس والمجتمع المدني والاعلام فقط ،بل حتى من الاحزاب والكتل والنواب و الساسة انفسهم الذين يمسكون ويديرون السلطة ومؤسسات الحكم والدولة، من غياب الشفافية ؟ ما هو تفسير غيابها؟ وماعلاقتها بالازمات والملفات المستعصية على الحل، ليس سياسيا بالذات، بل وفي ملفات وازمات محورية تهم المجتمع في الصميم، كالأمن، والاقتصاد، والخدمات ، وعشرات من ملفات الازمات الخانقة في بلادنا؟ ومن هو المسؤول عن ذلك؟ وغيرها من الأسئلة الكثيرة التي تدور في رؤوس الناس يومياً ولا تجد لها جواباً. هل أن الدولة او بالاحرى( السلطة) لا ترغب في إشراك الناس في الفهم ومعرفة الحقائق، أم أنه الخوف من كشف الحقائق لأنها لن تكون مقبولة، وهذا يعني أن هناك تجاوزات لا يقبلها عامة الشعب ويعتبرها تعدياً على بلده ووجوده وحقوقه ؟. إن الحقيقة وإن كانت مرة فلا بد أن تكون الدولة شجاعة في إظهارها والاعتراف بها، فإن كانت الحقيقة تكمن في ارتكاب خطأ أو تجاوز من قبل أي شخص مهما كان موقعه أو مؤسسة في الدولة فلا ضرر من الكشف والاعتراف بذلك والاعتذار للناس عنها، فالاعتراف بالخطأ فضيلة و التراجع عنه هو عين الصواب بخلاف ما يعتقد اكثر السياسيين حين يؤمنون بأن السياسة ماهي الا مجرد لعب وكذب وتحايل !.