القرآن الكريم وعد الإنسان..
الصعود إلى السماء عبر (سلّم فضائي)
|
*إعداد / زكي الناصر
تمكن الانسان من أن ينسجم مع محطات التقدم العلمي الباهرة والمتصاعدة في ميادين الحياة كافة، فاصبح يتنقل بين القارات ولمسافات طويلة خلال ساعات معدودة بفضل الطائرات النفاثة، أو ان ينقل حديثه وصورته في آن واحد الى جميع سكان الارض، بفضل تقنية الاتصالات الحديثة، أو أن يسير بسيارته فوق البحار لفترات طويلة بفضل الجسور المعلقة، أو أن يحتسي الشاي بالقرب من السحاب، والقائمة تطول.. لكن قد يحتاج هذه المرة لفترة طويلة جداً ليهضم فكرة صعوده الى الفضاء بواسطة (سلّم فضائي).
قبل كل شيء .. هذا السلّم ليس من المبتكرات والمكتشفات العلمية الحديثة، إنما هو ضمن سلسلة المعاجز القرآنية التي طالما أبهرت العلماء والمكتشفين، يقول تعالى: "وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنّ َمِنَ الْجَاهِلِينَ" (الأنعام/ 35).
وقد طرح القرآن الكريم العديد من الإشارات العلمية فيما يتعلق بنظام الكون والفضاء، لم تكن مفهومة في القرون الماضية، حتى جاء العلم الحديث وتوصل الى هذه الحقائق، منها ولوج النهار في الليل، حيث كان الانسان يعتقد ان الكون كله تابع لنظام الأرض التي يسكن عليها، لكن عندما اخترق المجال الجوي بصواريخه ومعداته الفضائية المتطورة، وجد الظلام الدامس والليل الدائم في الفضاءات اللامتناهية في الكون وصولاً الى القمر وبقية الكواكب.
ويقول عبد الدايم الكحيل إنه قرأ مقال بعنوان: (سُلَّم إلى السماء)، أكد فيه الباحثون أن الصعود إلى السماء من خلال سلّم يتم تركيبه هو أمر ممكن علمياً، ولا غرابة في ذلك!
فقد أكد العلماء أنهم يعملون منذ أعوام على تطوير مصعد يماثل ذلك المستخدم في الأبنية العادية، لكنه مخصص لنقل ركاب من الأرض إلى محطات ومركبات في الفضاء، مشددين على أن ذلك سيفتح الباب أمام حقبة جديدة في تاريخ البشرية والعالم، يمكن خلالها السفروالسياحة الى الفضاء بكلفة ربما أقل بكثير مما يتحدثون عنه اليوم بوساطة المركبات الفضائية.
وذكر العلماء أن تطوير هذا النظام - الذي كان حتى فترة قريبة من بنات أفكار الخيال العلمي- ممكن خلال سنوات قليلة مقبلة، سيتمكن بعدها البشر من الوصول إلى الفضاء بصورة أسرع وأرخص وأكثر أمناً من وسائل النقل الحالية المتمثلة في الصواريخ.
وقال ديفيد سميثرمن المهندس في مركز جورج مارشال للأبحاث التابع لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) إن البحث في تطوير هذا النظام جائز علمياً، وإن كان هناك بعض العقبات الواجب تجاوزها. فالفكرة تعتمد على فرضيات بسيطة، أولها أن الأقمار الصناعية أو المحطات الفضائية يمكن تثبيتها في الفضاء عند نقطة معينة، ومن ثم يمكن مد أسلاك منها إلى سطح الأرض، وستثبت تلك الأسلاك في مكانها بالاعتماد على قانون (القصور الذاتي) الفيزيائي.
ويضيف سميثرمن إن أبحاث بناء مصعد فضائي مهمة للغاية، لأنها تتيح لنا بناء جسر مع الفضاء عوض شحن كل ما نرغب به عبر الصواريخ. والعقبات التي تعترض تطوير هذا النظام ما تزال كبيرة، أبرزها عدم وجود مادة معروفة قوية لدرجة تتيح استخدامها في بناء أسلاك ستحمل الأوزان الثقيلة من الأرض إلى الفضاء، علماً أن طول الأسلاك قد يصل إلى 22 ألف كيلومتر.
ويحتاج العلماء إلى تطوير مادة خفيفة للغاية وأقوى بـ(25) مرة من المواد المعروفة حالياً على الأرض. وهناك مشاكل لابد من معالجتها مثل حماية المصعد والأسلاك من حطام المركبات والأقمار الصناعية الذي يطوف في مدار الأرض، إلى جانب الكلفة الباهظة للنظام، والتي قد تصل إلى 20 مليار دولار. ويمكن إنجازه خلال عشر سنوات من الآن.
وحسب الكحيل فان وكالة (ناسا) عرضت مبلغ مليوني دولار لمن يقدم دراسة عملية لمشروع (المصعد الفضائي) وهذا يعني أن الأمر مأخوذ على محمل الجد، وهناك علماء يدرسون بالفعل هذا المشروع، الذي طرحه القرآن قبل أربعة عشر قرناً .
ويضيف الكحيل بان العلماء سوف يستخدمون تقنية (النانو) أي أنابيب دقيقة مصنوعة من الكربون، وهي أقوى من الفولاذ بمئة مرة. ولكي نتصور مدى دقة هذه الأنابيب فإن كل خمسين ألف أنبوب يساوي سمك شعرة واحدة فقط! والطريقة التي ستستخدم هي مدّ حبال من هذه الأنابيب من الأقمار الاصطناعية المثبتة في الفضاء باتجاه الأرض، ويمكن التسلق عليها والارتفاع بشكل آلي أشبه بإنسان يتسلق على سلّم، ولكن هذا السلم يمتد لـ 35000 كيلو متر!!
إن نقل كيلو غرام واحد إلى الفضاء الخارجي بالطريقة التقليدية (الصواريخ) يكلف ثمانين ألف دولار، بينما بطريقة السلّم الفضائي سوف تكلف 200 دولار فقط. ومن الفوائد الكبيرة لمصعد الفضاء تزويد الأرض بطاقة كهربائية لا تنفذ من خلال استثمار أشعة الشمس في الفضاء وتحويلها إلى كهرباء وإمداد الأرض بها. ومن الفوائد إزالة النفايات النووية والتخلص منها إلى الفضاء الخارجي لعدم تلويث الأرض.
وبالرغم من أن الفكرة حتى الآن هي قيد الورق، وربما عند البعض تكون غير عميلة وغير قابلة للتنفيذ، أو حتى وإن نفذت وأصبحت ماثلة للعيان، فان هنالك الحاجز النفسي الذي يقف أمام معظم الناس، لأنهم اليوم بالكاد يثقون بالطائرات الحديثة والمجهّزة بوسائل الأمان وهي تهوي وتتحطم في الجو بين فترة وأخرى محدثة كارثة انسانية مروعة، حيث لا ناجٍ منها بل ربما لا جثث للضحايا.. لكن رغم كل ذلك تبقى الفكرة العلمية بمنزلة خطوة أمام الانسان وفرصة يمكنه الاستفادة منها متى شاء، وهو ما قدمه القرآن الكريم والدين الاسلامي للبشرية جمعاء منذ اربعة عشر قرناً من الزمن.
أما الهدف من الفرصة و الهبة الألهية للانسان فيشرحها باختصار سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي – حفظه الله- في تفسيره (من هدى القرآن الكريم).. حيث يتحدث عن هذه الآية – المعجزة في سياق سورة الأنعام الآية (35)، وفي سياق الحوار بين رب العزّة والجلالة وبين رسول الأكرم وخاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله)، وطريقة مواجهة إعراض الكفار عن الإيمان والهداية، يقول: (إن استطعت أن تأتي بآية خارقة لكي يؤمنوا بها من تحت الأرض أو من فوق السماء، فافعل ذلك..).
نعم.. ربما تكون هذه المعجزة القرآنية والعلمية حافزاً أو عاملاً مؤثراً في عصرنا الراهن على هداية الإنسان الى طريق الحق والفضيلة والهداية المتمثل في دين الله وهو الإسلام.
|
|