قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
فكُّ اشتباكات الازمة المتناثرة أم معالجة جذرية؟
بين التفاؤل والتشكيك بجدواه.. مواطنون يتفقون على أهمية عقد المؤتمر الوطني
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة بغداد/ الهدى:
اتفق مواطنون وأكاديميون من مختلف مناطق البلاد، على أهمية عقد المؤتمر الوطني بنية واردة جادة ومخلصة لإيقاف الأزمات وايجاد حلول للمشاكل السياسية التي تعصف بالبلاد وتؤثر على الوضع الأمني والاقتصادي، مشيرين انه لا خيار امام قادة الكتل غير الحوار، مستبعدين في نفس الوقت امكانية ايجاد حلول جذرية للمشاكل بسبب غلبة المصالح الفئوية والحزبية من جانب وتأثيرات خارجية لاتريد للعراق الخير، من جانب آخر ، وفيما أعرب البعض عن تشاؤمهم من النتائج لغياب صفاء النية والتشكيك عند بعض القادة ووضع الشروط المسبقة ، رأى آخرون ان المؤتمر ضروري لتحديد مسار الأحداث مع امكانية البحث عن حلول اخرى في حال فشله.
يقول كاظم جبار (51 عاما) مدرس، ان " من بين اسباب سوء الأوضاع الأمنية الذي نراه بين اونة واخرى الخلافات والشد بين قادة الكل السياسية، وهناك مثلا من يلمح بامكانية ان تزداد الأمور سوءا على خلفية القول بوجود تهميش طائفي كم يزعم، والكثير من الملفات معلقة منذ سنوات كتعديل الدستور وطبيعة الحكم في النظام السياسي المبني على المحاصصة فضلا عن الخلافات حول انشاء الاقاليم والصلاحيات وتنفيذ المادة 140 وقانون النفط، لذا فعقد المؤتمر الوطني الذي يرعاه رئيس الجمهورية امر ضروري" واضاف: "لا يملك قادة البلاد الا الجلوس معا، وبحث هذه الامور وعدم تركها معلقة كالجرح المفتوح، اما هل سيتم التوصل الى حلول وعلاجات، فهذا أمر لن يكون سهلا ولكن ربما يتم حل بعض المسائل، وفي النهاية البلد في حاجة الى تحديد مسارات لحل المشاكل، واذا وجد القادة ان بعض المسارات التي وضعوها لا توصل الى حل يجب البحث عن بدائل سواء بالتوافق الوطني الكامل او بالاتفاق عبر قرار الأغلبية".
ويقول سرمد الجبوري (35 عاما) والذي يعمل كاسبا في بغداد، ان "المؤتمر الوطني لن يحل المشاكل، لأن السياسيين عملوا مؤتمرات كثيرة ولم ينتهوا الى حلول جذرية لحل المشاكل العالقة بينهم"، مشيرا الى وجود تقاطع في مصالح السياسيين الحزبية والشخصية، مضيفا: "كل ما نريده نحن هو الامان والاستقرار وبناء العراق كما هو الحال مع الدول المحيطة بنا، انظر الى قطر والامارات في الثمانينات كيف كانت والآن كيف صارت، حتى صرنا نتمنى ان تجاري بغداد عواصمها ". فيما أعربت سهاد العامري (25 عاما) موظفة في شركة اهلية، عن أملها في ان ينجح المؤتمر الوطني في "الخروج بنتائج ايجابية وأن يجمع كل السياسيين بدون تغيب احد كما يحدث بالبرلمان"، مبينة: "كل ما نريده منهم هو ايقاف سفك دماء العراقيين ووقف التفجيرات الي تستهدف ابناء الشعب وتوفير الخدمات الأساسية". وأعربت العامري عن حزنها وصدمتها قائلة: "لا نعرف من هم السياسيون الذين يريدون مصلحة الشعب ومن هم الذين يقومون بهذه التفجيرات، فالكل يتهم الكل، ولا يقع فيها غيرنا نحن، لذا اتمنى من هذا المؤتمر ان يحل كل هذه المشاكل ويتوصل الى حلول ايجابية". بدوره استبعد جبار ياسين (46 عاما) ويعمل سائق تكسي ، ان يتوصل المؤتمر الوطني الى حلول للمشاكل والى نتائج تخدم الشعب، قائلا: "كله كلام في كلام، كل مرة يعقدون اجتماعات ومؤتمرات ولا توجد نتائج تفيدنا" حسب قوله. ورغم ذلك اعرب ياسين عن امله في ان "يستيقظ السياسيون من فترة السبات الوطني وينتبهوا للشعب الذي عانى من الظلم والاضطهاد والفقر في الفترات السابقة والان ايضا يعاني ويموت، وان يتوصلوا الى حلول للأزمات".
وفي البصرة اتفق مواطنون وأكاديميون واختصاصيون، أن المؤتمر الوطني سوف لن يكون المحطة السحرية لحل الخلافات ووضع الحلول، لكنهم أشاروا إلى ضرورة عقده باعتبار ان لا بديل عن الحوار والمكاشفة. وقال المواطن سعد جبر (55 عاما) ان "الوقت لم ينتهي من اجل الحوار والتفاهم، وتجاوز التقطاعات التي آلت اليها العملية السياسية، فليس هناك بديل عن الحوار الوطني أمام الشعب العراقي، لكي يكون المواطن حكما وليس محكوما فالانتخابات باتت قريبة".وأضاف ان "عقد المؤتمر الوطني ضروري لأسباب مختلفة، حتى لو لم يتدارك فيه السياسيون أخطاءهم .."وتابع: "على الرغم من أني لا أعول كثيرا على أن هذا المؤتمر سيحل جميع مصائبنا لكنه ضروري على الأقل لكشف نوايا السياسيين دون لبس وإسقاط أوراق التوت التي يرتدونها"
وقال الدكتور عامر حسن الفياض: "حتى لو كان من الصعب والمستبعد ان يحل المؤتمر الوطني القادم الإشكالات، ومع مخاوف البعض من ان يعقدها، فيجب أن يعقد المؤتمر لأنه ضروري مهما كانت النتائج، خاصة ان المؤتمر ان لم يعقد فان الخلافات ستتفاقم" لكنه شدد على النتائج، قائلا: "مهما تكن النتائج التي سيتوصل لها المؤتمر فيجب ان تكون ضمن السياقات المؤسساتية العراقية ويجب ان لا تتعارض مع الدستور وبعكسه سوف تكون غير ناجحة، وتثير مشاكل في المستقبل". وأضاف ان "الوضع في العراق لم يصل إلى مرحلة التداعي فهناك سبع مبادرات، ، ولكن نحن نحتاج الى المبادرة الفعل وليس إلى أفعال مبادراتية" حسب تعبيره. وتابع ان "وصول العملية السياسية في العراق الى هذه المرحلة هي مسألة متوقعة، ولكن الخروج من هذه المرحلة هي مسألة متوقعة ايضا عبر عدة مخارج منها إعادة الانتخابات أو تشكيل حكومة أغلبية او إعادة الشراكة على اساس حقيقي نستطيع ان نسميها الشراكة الايجابية، وهي تختلف عن الشراكة التي عشناها سابقا وهي الشراكة السلبية". ورأى الفياض ان "الكل شركاء في العملية السياسية والكل شركاء في البرلمان والكل شركاء في الحكومة ولكنهم على خلاف في كل شيء"، مشيرا إلى أهمية الوصول إلى "حكومة الأغلبية السياسية وهي الصيغة التي حددها الدستور ". وقالت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة سلام سميسم ان "يجب أن نملك الشجاعة لمواجهة أنفسنا وأخطائنا، فالقضية مهمة ويجب أن نبحث ونكشف أسباب هذا التداعي السياسي". وأضافت: "هناك أحاديث تشير إلى أن الكثير من الأمور تقف في طريق توحيد الرؤيا والاتفاق نحو عقد مؤتمر وطني، وهو ما تسعى إليه بعض القوى بعكس قوى أخرى". ورأت سميسم أن "الرؤية الأساسية يجب أن تنطلق من ثوابت عراقية أولا عبر مفاهيم الشراكة والتعددية والشراكة وتقبل الآخر، وأن يكون العراق للجميع فكلنا شركاء في هذا الوطن"
وفي اربيل ، لم يغادر التشاؤم العراقيين بشأن نتائج المؤتمر ، رغم اتفاقهم على اهمية عقده باعتبار ان الحل دائما يكمن في الحوار والتفاهم. وقال ابو عثمان (45 عاما) معلقا: " الساسة العراقيون هم لا يقدمون شيئا للبلد ولا يحلون عُقد المشهد السياسي"، مضيفا ان "المشهد السياسي غارق في التعقيد، وادى الى تعطيل مجمل العملية السياسية واثر بشكل كبير على الحياة الاجتماعية للمواطن العراقي"، لافتا الى ان "المشكلة في الفرقاء وعدم اتفاقهم، وليس المشكلة في الدعوات لعقد المؤتمرات التي تمتلئ بالنقاشات الفارغة وعديمة الجدوى". وبدورها تقول امينة احمد (ثلاثينية) مدرسة من اربيل، "السياسيون منشغلون الآن بتبادل الاتهامات، فيما مصالح المواطنيين متوقفة والدماء تسفك بسبب الانفجارات التي تقع يوميا وفي العديد من مناطق البلاد". ورأت احمد ان المؤتمرات السياسية "لا تخرج الا بالخطابات والوعود ، فلا احد منهم يتقيد بالقرارات"، مشيرة الى ان المؤتمرات تتسبب في المزيد من المماطلات على حساب حل المشكلات التي تتفاقم، لكنها رأت انه في النهاية لا خيار امام القادة غير الجلوس والتفاهم.واستبعد كاروان قادر، تاجر، التوصل الى حلول مبينا أن "الامور معقدة ففي اقليم كردستان هناك صراع محتدم بين السلطة والمعارضة وقطيعة بين الجانبين ونحن دخلنا مرحلة حرجة جديدة بسبب ما يمكن وصفه بالفراغ الحكومي مع انتهاء ولاية برهم صالح في رئاسة الحكومة ووجود مشاكل بين الحزبين الكبيرين حول من سيتسلم المناصب في الحكومة الجديدة، وفي العراق المشاكل اعقد بكثير فالشركاء في السلطة يتبادلون الاتهامات بالتهميش والتجاوز على القانون والدستور وعدم تطبيق الاتفاقات، كما ان والوضع الامني هش والوضع الاقتصادي متذبذب". واضاف: "لا ادري كيف يمكن ايجاد حلول لكل هذه المشاكل، فقادة الكرد لديهم مطالب بشأن العقود النفطية والمادة 140 الدستورية، والعراقية لديهم مطالب في السلطة .." واستدرك:"رغم كل هذه المشاكل والتعقيدات والشروط المسبقة التي يضعها كل طرف امام الطرف الآخر، فانه لا حل غير الحوار، لذلك يجب عقد المؤتمر".
وفي محافظة واسط غلبت لغة التفاؤل والنظرة الايجابية على آراء الأهالي لكنهم ربطوا نجاح المؤتمر بجملة شروط يجب توفرها وعلى رأسها صفاء نية القادة السياسيين، مؤكدين ان لا خيار امام السياسيين غير انجاح المؤتمر عبر تقديم تنازلات والتوصل الى تفاهمات مشتركة. وقال محمد علوان، مدرس، ان "هناك بوادر مشجعة في نجاح المؤتمر بعد ان اصبح امرا لابد منه في ظل التدهور السياسي الذي يشهده البلاد". واوضح ان "الفرقاء السياسيين راهنوا كل من جانبه على تحقيق الكثير من النجاحات لكنهم لم يحصلوا على شيء، وعليهم ان يتخذوا خطوة للأمام من اجل مصلحة البلاد وترك خلافاتهم جانبا", متوقعا "نجاح المؤتمر رغم رغبة الاكثرية في افشاله". أما الناشط في حقوق الانسان جميل القريشي فاشترط لنجاح المؤتمر توفر "صفاء النية بين قادة الكتل السياسية الى جانب عدم التدخل الاقليمي في اجندته ومقرراته". وقال القريشي ان "القادة السياسيين هم من يحددون نجاح او فشل المؤتمر الذي ينتظر نتائجه اغلب العراقيين", مشيرا الى ان المؤشرات الأولية ومواقف القادة الحالية توحي "بعدم نجاح المؤتمر". فيما قال الناشط احمد التميمي، ان " قادة الكتل السياسية الكبيرة سيسعون لانجاح المؤتمر لتفكيك الأزمة الحالية لكن ذلك يتطلب تنازلات من اي جهة سياسية ترغب بحل النزاعات".