اشار الى الجهود الرامية لتشكيل حكومة من مخاض الانتخابات
المرجع المدرسي"دام ظله" يدعو لعدم هدر الوقت واستثمار الفرص للتنمية والتقدم الاقتصادي
|
على المجتمع كما على الدولة إلتزام العدل والقيم الاخلاقية لإزالة ظواهر الفساد
نرجو أن تكون "فتنة" الانتخابات رحمة لا لعنة ونزاعات كما في بلدان اخرى
الهدى / كربلاء المقدسة:
دعا سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المُدرسي (دام ظله) الى تحكيم قيمة ومبدأ العدل في المسيرة السياسية الجارية في العراق، وعدم الكيل بمكيالين، كما دعا الى ثورة اخلاقية في العراق، وقال إن الحاكم العادل لن يوجد إلا بوجود الناس الذين يُحكّمون العدل في العلاقات والمعاملات فيما بينهم. وفي محاضرته الاسبوعية، مساء الخميس، اشارسماحته الى قيمة العدل على ضوء الآية القرآنية الكريمة في سورة المائدة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"، واوضح ان "مشكلة الانسان انه عندما يريد أن يقيّم الآخرين او حتى أصحابه فإنه ينظر اليهم وكأنهم أعداؤه أو منافسوه، وهكذا البعض عندما يريد التكلم عن شخص فإذا كان صاحبه فإنه يرفعه، أما إذا لم يكن كذلك، فيحاول أن يقلل من شأنه..". وشدد سماحته على التقوى في التعامل وأن يكون بعيداً عن حالة التطفيف، أي أن لا يكون التعامل على شاكلة الكيل بمكيالين، وذكّر بتحذير القرآن الكريم من هذه الحالة السيئة، وقال إن القرآن الكريم استخدم كلمات قوية وحاسمة في سورة حملت إسم (المطففين): "وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ"، و هو بئر في جهنم .
واشار في هذا السياق الى أن "الانتخابات هي محطة إختبار وإمتحان وفتنة، وكل ما في الدنيا هو فتنة من خير أو شر، ومن ثم الاعلان عن نتائج الانتخابات فتنة أيضاً، ونرجو أن تكون خاتمتها ايجابية ومثمرة بالنجاح، لتكون رحمة لشعبنا وبلادنا، لا لعنة ونزاعات ومشاكل كما وقعت في بلاد وشعوب وأمم تمر بفتنة كهذه حيث الشيطان ينفخ في روع أتباعه .. وبإذن الله تعالى ووعي الجميع لا يحدث أمر كهذا في بلدنا". وفي إشارته الى الجهود والمساعي الرامية لتشكيل حكومة من مخاض الانتخابات الاخيرة، طالب سماحة المرجع المدرسي بعدم هدر الوقت "لأن أمامنا أربع سنوات هي عمر الحكومة والبرلمان، و هي تنقضي دون أن نشعر، و ربما تنتهي هذه الدورة بأناس أهل خير تمدحهم الناس والملائكة ويكون سجلهم ذهبياً، وإلا لا سمح الله يكون أمراً آخر..".ودعا سماحته الى العمل على "استثمار الفرصة المؤاتية حالياً للعمل على تطوير وتقدم البلاد، وقال: إن الوقت الحاضر مناسبٌ لتنمية العراق وللخروج به من عنق الزجاجة و هذا الوضع المتخلف، وبناء الاقتصاد الرزين والزراعة الجيدة وبناء الصناعة الممتازة والمتميزة" ودعا في هذا السياق الى " وضع خطتين خمسيتين" اشار الى انهما كفيلتان بتغيير الاوضاع للافضل وتسهمان في تقدم البلاد، ودعا الى "الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي تقدمت أشواطاً في المجال الصناعي والزراعي من خلال خطط خمسية " مطالباً بدراسة هذه التجارب والتوقف عن البكاء على الاطلال والشكوى، بل التطلع الى المستقبل والسبيل تنمية أنفسنا وتوحيد صفوفنا لتحقيق الغاية الواحدة وهي خدمة العراق".
وطالب سماحته أن تكون أول خطوة يجب اتباعها في الوقت الحاضر، هي محاربة الفساد الاداري، وكذلك إصلاح المجتمع في وقت واحد. وقال في هذا السياق: "نحن في العراق نحتاج الى ثورة أخلاقية واصلاحية فإن الله لا يجلب الحكم والحاكم العادل للناس إذا لم يكن عدولاً، حيث يقول تعالى: وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً، وحسب الحكمة المعروفة :كيفما تكونوا يولَّ عليكم، ولا ينبغي أن يحلم الناس بأن يحكمهم مثل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقد كان حوله شخصيات مثل قنبر و ميثم التمار ومالك الأشتر وآخرين، أما يأتي لنا مثلا علي بن أبي طالب عليه السلام اليوم وهذه حالنا فكيف نصنع ؟! إن لم نكن في مستوى تأييده ونصرته..". واضاف " لنصلح أنفسنا قبل كل شيء" وتطرق سماحته في هذا السياق الى ضرورة تحمّل علماء الدين الأفاضل والمبلغين و الطلائع الإيمانية مسؤولية إصلاح المجتمع بأن يدخلوا في المجتمع ويصلحوه، وقال "لا يجب أن يقتصر كل عملهم على السياسة" واستطرد سماحته بالقول:" يجب أن لا تعقدوا كل الآمال على الحاكم الذي يصل الى كرسي الحكم" وتابع موضحاً إن "كرسي الحكم له سياق معين و دور معين، لكن للمجتمع دوراً أيضاً، يقول الرسول الأكرم (ص): كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته". ودعا سماحة المرجع المدرسي الحكومة المقبلة بالعمل على خدمة ابناء الشعب العراقي بشكل فاعل وملموس، وقال إنها لن تكون قادرة على تحقيق هذا الهدف إلا إذا كانت قادرة على "إزالة الفساد الإداري" وعن كيفية تحقيق ذلك اشار سماحته الى عدة أفكار طرحها وقال موضحاً أنها "قد تكون صحيحة أو غير صحيحة، لكن عليَّ أن أقوم بدوري وكلّ يقوم بدوره وأعذر نفسي لعل الله سبحانه وتعالى يعذرني ألا أكون ساكتاً في اللحظة المناسبة "، وتمثلت تلك الافكار بنقاط منها، منها:
اولاً: "إصلاح القوانين الحاكمة والجارية حالياً"، وقال سماحته بان "القوانين المعقدة والطويلة والثقيلة هي التي تدفع الناس لأن يدخلوا من مدخل الفساد الاداري ويضطروا لدفع الرشاوى" كما اشار في هذا الاطار الى الصعيد الاجتماعي والاقتصادي ودعا الحكومة للتقليل من سيطرتها على كل شيء في المجتمع، كما طالب سماحته الدولة بأن تعمل على أن "تأخذ للضعيف حقه من القوي" لا أن تتدخل في كل شؤون المجتمع، بل تعطي الفرصة والمجال للمجتمع لأن يتولى بعض شؤونه وأموره. ثانياً: "علينا أن نكون دقيقين في أنتخاب الناس للوظائف وخصوصاً الحساسة منها، والتي يتقرر مصير الملايين فيها بتوقيع شخص واحد". ثالثاً: "تشديد العقوبات على المفسدين حسب درجات الفساد الإداري، وهنا نحتاج الى أن يجتمع البرلمان الجديد ويفكر بإصلاح الوضع الإداري والذي لن يتحقق إلا بوضع قوانين صارمة و واضحة". رابعاً: "أن نحسن التصرف مع الموظف ونعطيه ما يكفيه وهذه من تعاليم الدين في باب القضاء مثلا، وكل فقهائنا كتبوا في هذا الباب بأن القاضي يجب أن يكون مؤمناً من بيت المال حتى لا يفكر بأن يأخذ مالاً على قضاء من أحد". خامسا: "على الناس أن يقوموا بدورهم في محاربة الفساد لا أن يخوضوا فيه، فكل انسان يجب أن يفكر بأنه ممكن أن ينجز عمله دون مشكلة وعقبة ومن دون الحاجة الى اعطاء المال لأحد، بل عليه أن يقول: إن القانون معي ويجب عليك أيها الموظف أن تنجز عملي، فإذا فعلنا ذلك إن شاء الله سننجح، ففي ذلك اليوم يمكننا أن نطالب الدولة ونقول لها بأن هذه ميزانيتكم من أجل الخدمات والماء والكهرباء والشوارع وغيرها، وأين ذهبت أموال هذه الميزانية؟ وعندها لن يقولوا لنا بأن هناك خمس أيادٍ من المقاولين تعاقبوا على هذه الميزانية، وكلّ أخذ جزءاً من مبلغ الميزانية! بل سيكون هناك نوع من الدقة وبعدئذ تتحسن الخدمات".
|
|