تبادل الهدايا .. فنٌ و ذوق و مشاعر متبادلة
|
*إعداد / إيمان عبد الامير
تحدث الهدية تأثيراً سحرياً في النفس، وتترك لدينا شعوراً جميلاً، نتذكره لسنوات، يطفو على سطح الذاكرة كلما مر بنا طيف الشخص الذي اهدانا اياها، سواء أكان الاب ام الام ام الصديقة ام الزوج بغض النظر عما إذا كانت بسيطة و رمزية او غالية الثمن.
الا ان ما يجهله الكثيرون هو ان تقديم هدية لشخص ما بمناسبة او بدونها، ليس بالامر الهين، ويحتاج منا الى وقت وتفكير، حتى لا يكون لها وقع سلبي غير مقصود.
فاختيار الهدية المناسبة، كما يؤكد خبراء الاتيكيت، له قواعد واصول لابد من احترامها بدءا من قيمتها ونوعها إلى طريقة لفها وتقديمها.
لكن أهم ما يحدد نوعها وقيمتها نوع العلاقة التي تربطنا بالشخص المهدى له، كما انه لابد من الاخد بعين الاعتبار سنه ومركزه الاجتماعي بالاضافة الى ملاءمة الهدية للمناسبة. والاهم من كل ذلك ان تكون حاملة لرسالة تدل على اهتمامنا بالمهدى اليه. أما عند الإصابة بالحيرة، فلا بأس من استشارة شخص قريب جدا من المعني عن نوعية الهدية التي يريد ان يتلقاها أو يحتاجها.
واذا كان عدد كبير من الاشخاص باتوا يفضلون المال على الهدايا، فان ذلك لا يعني ان نتخذ الامر قاعدة عامة نطبقها على جميع الاشخاص وفي جميع المناسبات. فتقديم مبلغ من المال ربما يضعنا في موقف حرج، اذا ما رفض المهدى اليه تقبل الامر واعتبره انتقاصا من شأنه، لذلك وجب الحذر وتحري الدقة. ولتجنب اي احراج وتردد في هذا الامر، من الافضل ان يقتصر تقديم مبلغ من المال كهدية بالمقربين جدا فقط.
أما إذا كان لدينا الوقت الكافي للتسوق والتحري، فليس هناك أجمل من تقديم هدية يكون المتلقي في حاجة إليها أو توفر عليه بعض الجهد وتعب البحث عنها في الأسواق، كما تدل على اهتمامك البالغ بالتفاصيل وانك قوي الملاحظة. كيف؟
إذا كان الحدث – مثلا- حفل زواج، او احتفالا بعيد ميلاد وغيرهما من المناسبات، فبقليل من الانتباه يمكن التقاط بعض المؤشرات التي من شأنها أن تساعدنا على معرفة الهدية المرغوب فيها. ومن القواعد التي يؤكد عليها خبراء فن الاتيكيت أيضا:
1- مراعاة الذوق الشخصي للمهدى اليه، اي ان تكون الهدية ملائمة لميوله وهواياته، وليس لميولنا الشخصية. فمثلا لا يجب إهداء عطر قوي ونفاذ فقط لأننا نحب هذه النوعية، رغم علمنا أن المهدى إليه يميل إلى العطور الزهرية الخفيفة.
2- يجب تحاشي الحديث عن قيمة الهدية وثمنها تماما.
3- عدم التأخر عن شكر الشخص الذي قدم لنا هدية، واظهار مدى تقديرك لها ولاهتمامه. إذا كانت قطعة ديكور مثلاً، لابأس بوضعها في مكان بارز من البيت للدلالة على مدى إعجابك بها.
وأخيراً وليس آخراً، لا يجب ان تقتصر الهدية على المناسبات الكبيرة، مثل حفلات الزفاف والخطوبة والنجاح في الدراسة، او الانتقال الى بيت جديد، وغيرها من الأمور لتقديم هدية، كونها في هذه الحالات تتحول إلى عملية اقرب الى (الواجب)، لذلك لا بأس ان نعبر عن حبنا أو امتناننا لشخص قريب، من حين لآخر، من خلال هدايا بسيطة ورمزية تجدد اواصر المحبة وتوطد العلاقات التي قد يعتريها بعض الفتور بسبب انشغالنا بروتين الحياة اليومية، إضافة إلى ان عنصر المفاجأة يكون له وقع جميل في هذه الحالات. على سبيل المثال، اذا سافرنا داخل البلد او خارجه، لا بأس من أن نذكر أصدقاءنا او بعض افراد الأسرة، بهدايا تذكارية رمزية من المدينة او البلد الذي قمنا بزيارته.
هذا ما يوصينا به الاسلام في قيمه الاخلاقية التي بين أيدينا في سنّة أهل البيت عليه السلام، تأكيدات عديدة من المعصومين على فضل الهدية واهميتها في توطيد العلاقات الاجتماعية، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (تهادوا تحابوا ، تهادوا فانها تذهب بالضغائن). وفي حديث آخر حول قبول الهدية أنّى كانت وعدم الاستنكاف والتقليل من شأن الهدية، يقول صلى الله عليه وآله: (لو دعيت الى كراع لأجبت ، ولو أهدي إليّ كراع لقبلت). والمقصود بالكراع – كما هو معروف باللهحة العراقية- القسم السفلي من ساق البقر او الغنم الذي يطبخ عادةً مع رأس الغنم.
وإذن؛ فالقضية خارجة عن كونها مسألة مادية محصورة في اطار المظاهر البراقة، إنما هي ابعد من ذلك بكثير، حيث تتصل بالنفس الانسانية والوجدان والمشاعر فتبعث الدفء والمتانة والشعور بالمسؤولية.
|
|