وما يستوي الأعمى والبصير
|
آمال حسين
القرآن الكريم مرآة نرى فيها طموحاتنا وأنفسنا وأهدافنا، وبقدر ما نعي بصائر الوحي نقترب من الحقيقة ونصلح أنفسنا ونحقق طموحاتنا وأهدافنا، ومن خلال تلك البصائر القرآنية نخرج من الحيرة التي تلف مجتمعاتنا، فالقرآن يدعو إلى التسامح، والمحبة، والحوار، ويؤصل للحريات الفردية والاجتماعية والسياسية والدينية، ويدعو الإنسان ليمارس حريته وبمسؤولية، ويرفض الطغيان السياسي والديني والاقتصادي.
لكن أين مجتمعنا ومثقفونا وسلطاتنا( وفي كل بلداننا العربية والاسلامية)، من تلك الثقافة، إنهم تركوا القرآن وراء ظهورهم، (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا)، وسبب لنا هذا ضياعاً وحيرة وعمى، فالسلطة السياسية في عالمنا أصبحت تعيش التخبط السياسي بل على جميع المستويات، فلا تنمية ناجحة، ولا استقلال في القرارات العامة، ولا فهم لحاجات الناس ومشاكلهم، ولا حريات حقيقية، والشعوب كذلك تعيش تخبطاً في الوعي وتبلداً في الشعور، وأصبحت أكثر خضوعاً لثقافة المستبد، بل وحتى الحركات الإسلامية في الأمة ضاعت في زحمة الأحداث وتسارعها، وأصبح الكثير منها تغازل الأنظمة المستبدة وتقيم صلحاً مع ثقافة الضياع والتيه، وبعضها اتجه نحو ممارسة العنف والارهاب ضده الآمنين.
أمام هذه الأزمات التي تعيشها الأمة تعددت الاجتهادات التي تسعى لبلورة رؤية حقيقية لها، ومن ثم وضع الحلول، لكن ما نراه في كل تلكم الاجتهادات هو انفعال أصحابها بالواقع الفكري والسياسي المحيط بهم، وهذا يدعونا إلى تلمس طريق يكشف لنا واقعنا بحقائقه ويضع لنا الحلول غير المتأثرة بالتأزم. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا عبر استنطاق القرآن وقراءته من خلال الآليات المتوافقة معه، وأهمها العترة الطاهرة، لأنهم عدل الكتاب، لكن ما نراه في ثقافتنا المعاصرة هو إبعاد القرآن والعترة، الأمر الذي زاد العمى والتيه، والمخرج هو نور الوحي: (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِله شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ).
|
|