العراق يعيش الحراك أم الضياع ؟
|
عبد العزيز الهندال(*)
في ندوة "العلاقات الكويتية - العراقية نحو مستقبل أفضل" التي نظمها منتدى الكتاب في ديوان الملا باقر (في الكويت) يوم الاثنين (8/11) وحاضر فيها سعادة السفير العراقي سيد محمد حسين بحر العلوم والدكتور شفيق الغبرا أستاذ العلوم السياسية، أجمع المحاضران على أن العراق يعيش حالة "حراك مدني" وهذا الحراك أكثر ما لفت نظري أو لنقل أن أغلب الحديث انصب على هذه النقطة بالذات.
ما لا يختلف عليه اثنان هو أن العراق قد خرج للتو من عباءة حكم فردي دكتاتوري بغيض دمر كل مكونات الحضارة والإنسانية في العراق، كما دمر كل علاقات العراق بغالبية الدول المجاورة له، لكن ما يحدث في العراق اليوم لا يمكنني تصنيفه بالحراك الإيجابي رغم كل الكلام الجميل والتحليل السياسي الذي طرح، صحيح أن العراق نجح بإقامة ثلاثة انتخابات خلال السنوات السبع الأخيرة لكن هذا لا يكفي خصوصا أن الانتخابات الأخيرة كان للبترودولار دور كبير فيها، فالعراق رغم سقوط النظام البعثي وقتل وسجن وموت واختفاء قياداته إلا أن الفكر البعثي لا يزال يقوم بدور خطير وخبيث على الساحة العراقية المحلية والخارجية،وحالة عدم الاستقرار الأمني لا تزال قائمة، صحيح أنها أقل حدة وعنفا ودموية مما كانت عليه لكن التنظيمات الإرهابية كما الاستخباراتية لا تزال تملك القدرة على الوصول وتنفيذ عملياتها الإرهابية في المناطق العراقية كافة. كما أن توزيع المناصب السياسية والقيادية في الدولة لا أقول بأنها صورة طبق الأصل لما يحدث في لبنان لكنه نقل مشوه وكأن سياسيي العراق لم يتعلموا من الدرس اللبناني، والحراك المدني في العراق جميل جدا لكننا لا نرى له أي دور فاعل اليوم.
قد تكون السنوات السبع فترة زمنية قصيرة جدا لكن قوى المجتمع المدني في غالبيتها قامت على أسس تعلمتها قوى المعارضة سابقا التي هي اليوم حاكمة أو مشاركة في الحكم وفي الحراك المدني، بالإضافة الى أن الوضع العراقي غير المستقر والحراك العالمي السريع يتطلب اتخاذ خطوات سريعة وفاعلة لبناء قوى المجتمع المدني، وإذا كان سعادة السفير يرى أن كل الشعب، والسياسيين العراقيين، احرار في قرارهم فأنا لا اتفق معه في شمولية الحرية، والدليل أن هناك من شارك في الانتخابات العراقية الأخيرة مدفوعا من الخارج، كما أن الكثير من القيادات السياسية لا تملك قرارها وهي تنفذ أدوارا تكتب لها وقد نجحت تلك القيادات في تأخير تشكيل الحكومة العراقية، كما أن حكومة تقوم على إرضاء أطراف على حساب الشعب والدولة لا يمكن لها أن توحد الصف ولا أن تبني إنسانا ولا أن تعمر بلدا حتى إن أقامت آلاف المشاريع بأكثر من 186 مليار دولار لأن الأمن السياسي هو الطريق للأمن الاقتصادي فإذا استمر الحال على ما هو عليه فسنجد آلاف المشاريع قد توقفت وملايين من العاملين انضموا لقوائم البطالة ليدخل البلد بعد ذلك في حالة من الضياع والتفكك. وحسبنا الله ونعم الوكيل
(*) كاتب كويتي
|
|