العمل خطوة أساسية نحو الايمان
|
*سجاد المدرسي
في زحمة البحث عن فرص العمل وتكدس ملفات الخريجين أمام الدوائر المعنية، يأتي متقدم لفرصة عمل وهو يحمل جميع المواصفات والشروط ويقول: اريد فرصة عمل لكن في البيت! أي يقضي ايام الشهر في بيته مرتاحاً يطالع الكتب او التلفاز أو يجوب الشوارع والاسواق، وفي نهاية الشهر يقبض مرتبه الشهري، أمام كهذين عرض ونهج، ماذا سيكون رد الفعل؟ من الطبيعي ان يوصم صاحبه بأنّه ليس طبيعياً من الناحية العقلية، او على الاقل انه لا يرتبط بشيء الى الواقع الذي يعيشه ابناء مجتمعه. إذ ان الشهادة الجامعية والمؤهلات والقابليات العملية ليست كل شيء في ميدان العمل، إنما الالتزام والمسؤولية والعطاء هو الذي يعطي القيمة لصاحب كل تلك المواصفات.
كذلك الايمان بالله تعالى فهو شرط للحصول على الجنة، ولكن ذلك لا يعني ان كل من آمن بالله بقلبه وبلسانه فسوف يكون من اهل الجنة، بل المسألة بحاجة الى تحرك على الواقع العملي، ولابد من اجتماع الامرين مع بعضهما البعض، ليضمن المرء مكانه في الجنة ومع افتقاد احدى الركيزتين فسوف تكون عاقبته صعبة.
يحدثنا ربنا سبحانه وتعالى في الكتاب الكريم عن هذه الحقيقة الاساسية اكثر من خمسين مرة كقوله تعالى: "والذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك اصحاب الجنة هم فيها خالدون"، ويقول ايضاً: "والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابداً وعد الله حقاً ومن اصدق من الله قيلاً" (النساء /122).
ومن هنا كان على الانسان ان يوفر في نفسه الشرط وهو الايمان ثم ينطلق الى العمل الصالح ليشتري به جنة الخلد، وفي غير هذه الحالة سوف يكون في تراجع وخسران، ألم يقل ربنا عزوجل في سورة العصر: "والعصر * ان الانسان لفي خسر* الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر".
فالايمان اذن هو الاعتقاد بالله عزوجل رباً والاقرار بما انزل من انبياء وكتب قلباً والاذعان به لساناً ومن ثم العمل وفق مقتضيات العقد القلبي، والى هذه الحقيقة يشير الحديث الشريف المروي عن النبي الاكرم صلى الله عليه واله : (الايمان عقد بالقلب وقول باللسان وعمل بالاركان).
وحين سُئل احدهم الامام عليه السلام عن الايمان قائلاً: أَ لَا تُخْبِرُنِي عَنِ الْإِيمَانِ أَ قَوْلٌ هُوَ وَ عَمَلٌ أَمْ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ؟ فَقَالَ عليه السلام: (الْإِيمَانُ عَمَلٌ كُلُّهُ وَ الْقَوْلُ بَعْضُ ذَلِكَ الْعَمَلِ).
ومن هنا فان الصلاة والصيام والزكاة والحج وسائر الامور العبادية انما هي من مفردات الايمان بالله وبنبيه، ولا تعد هذه الامور من العمل الصالح المذكور وان كانت كذلك بالمعنى الاعم. انما العمل الصالح هي الاعمال التي توصل الخير الى الاخرين كالاحسان اليهم، والانفاق في سبيل الله، و السعي في قضاء حوائج المؤمنين و الاصلاح بين الناس وما الى ذلك من وجوه الخير، ونستخلص هذه البصيرة من قوله عز من قائل: "ان الذين امنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون". (البقرة /277).
|
|