الصحة للجميع
شرب الماء بين الإفراط والتفريط
|
أياد الخفاجي
يعد الماء من ركائز الحياة الاساسية الذي لا يستغنى عنه اي كائن حي، وهذا يكفي في الدلالة على أنه من أكبر الضرورات لإقامة الحياة بعد الهواء، لهذا السبب كانت حاجة الجسم إلى الماء ضرورية جدا، فلا بد للإنسان الذي يريد أن تكون صحته تامة أن يتعاطى من الماء عدة مرات في اليوم، والماء ليس مادة مغذية، فهو لا يحترق، ولكن له دوراً هاماً في العضوية لأن الأملاح التي يحملها تؤمن توازن الشوارد الملحية للأنسجة، ذلك أن المبادلات الفيزيولوجية تتبع وجود أملاح مستمر على شكل شوارد (ions) كما أن عملية التفكير تحتاج إلى سيالات عصبية، لا تتوفر إلا بوجود الماء.
فوائد شرب الماء والعلاج به
وقد اكتشفت جمعية طبية يابانية نجاح العلاج بالماء لأمراض مزمنة وخطيرة وكذلك للأمراض المتوسطة كعلاج ناجح 100% للأمراض التالية: الصداع، آلام الجسم، أمراض القلب، التهاب المفاصل، ضربات القلب السريعة، الصرع، السمنة أو البدانة المفرطة، التهاب القصبات، الربو، السل، التهاب السحايا (السحائي)، أمراض الكلية والجهاز البولي، وأيضاً الشعور بالإجهاد والكآبة الذي يأتي احياناً بنقص الماء في المخ فيؤدي إلى الشعور بالإجهاد والكآبة لأن توليد الطاقة في المخ يتطلب وجود الماء فنقص الماء يقلل من إنتاج الطاقة الكهربائية في المخ، كما يعالج الماء من ارتفاع الضغط لوجود عوامل أخرى مهمة تؤدي إلى ارتفاع الضغط، ولكن نقص الماء في الجسم يؤدي إلى انغلاق بعض الأوعية الشعرية وتفريغ محتواها من الماء في مجرى الدم، ويساعد شرب الماء في تليين المفاصل وتقليل جفاف الغضاريف ،هذا ويحدث الجفاف مع التقدم في السن، لذلك من المفيد جداً شرب ما يعادل نصف جالون من الماء وهي الكمية التي يحتاجها الجسم يومياً، ولم تهمل أحاديث النبي وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين) ذكر ما للماء من فوائد صحية ومنافع دوائية فلقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: الماء البارد يطفئ الحرارة، ويسكن الصفراء، ويذيب الطعام في المعدة، ويذهب بالحمى، وعنه (عليه السلام) كذلك قال: الماء المغلي ينفع من كل شيء ولا يضر من شيء، وعنه (عليه السلام) قال: إذا دخل أحدكم الحمام فليشرب ثلاثة أكف ماء حار، فإنه يزيد في بهاء الوجه، ويذهب بالألم من البدن، وعن الرضا (عليه السلام) قال: الماء المسخن إذا غليته سبع غليات وقلبته من إناء إلى إناء فهو يذهب بالحمى وينزل القوة في الساقين والقدمين، وعن الرضا، عن آبائه، عن علي بن الحسين (عليهم السلام) قال: شيئان ما دخلا جوفا إلا أصلحاه الرمان والماء الفاتر.
كثرة شرب الماء
من المعروف أن شرب الماء بشكل كافٍ يقي الإنسان من الجفاف وأمراض الكلى ويمنع الصدمات حول العينين والحبل الشوكي، وغيره من الأمراض.. وإذا نظرنا إلى جسم الإنسان نجد أنه يفقد في الأحوال العادية حوالي أربعة لترات من الماء يومياً عن طريق البول والتعرق، ويزيد الفقد عند اشتداد الحرارة أو ممارسة الرياضة العنيفة، لهذه لأسباب يجب إمداد الجسم بالماء، عن طريق شرب الماء، وذلك لاتاحة الجسم لعمل جميع التفاعلات الكيميائية، خاصة عند الصغار حيث يساعدهم على النمو، وتوليد الطاقة في الجسم مما يساعد على نقل النبضات في الأعصاب، ونقل المواد الكيميائية التي ينتجها المخ، لذلك من الصعب تحديد كمية احتياج الماء نظراً لأن حاجة الفرد للماء تعتمد على عدة عوامل منها المناخ والعمر والنشاط البدني ونوع الطعام ونوع المقبلات والبهارات التي استخدمت معه او في طهيه ونسبة الرطوبة ومقدار الملح فيه... الخ. وعادة يوفر الطعام حوالي ثلثي حاجة الجسم من الماء، والثلث الباقي يجب الايفاء به عن طريق شرب ثماني الى عشر كاسات من الماء، وشرب الماء بكثرة مفيد للمرضى بالامراض المزمنة، ويجب الاهتمام بشرب الماء في أيام الحر إذ تزيد كمية العرق، ويؤدي ذلك إلى زيادة لزوجة الدم، الأمر الذي قد يساعد على تكوين الجلطة التي تحدث غالبا في أوردة الساق حيث تكون سرعة سريان الدماء أقل، كما أنه في أثناء فترات الحر يزيد العرق وتقل كمية البول، وهكذا ترتفع نسبة الأملاح ويزيد احتمال تكوين الحصوة، ويزيد احتمال الإصابة بالالتهابات الصديدية، وشرب الماء بكثرة يعدّ عاملاً أساساً في العلاج حيث يتخلص الجسم من كميات أكبر من الميكروبات مع البول المتزايد الذي يخرج من الجسم مع كثرة شرب الماء، وهكذا يمكن أن يؤدي إهمال شرب الماء بكمية كافية إلى تكوين الحصوة أو زيادة حجم الحصوة الموجودة أصلا، فعدم نقص الماء يقلل من تركيز الأملاح في البول ويقلل بالتالي من احتمال تكوين الحصوة كما أن شرب الماء يعدّ أحسن دواء لطرد البلغم، كما أنه يساعد على إذابة البصاق أو البلغم اللزج، وليس معنى هذا أن ملء الجسم بأكثر من حاجته إلى الماء لا يخلو من الأضرار، فإن الماء الزائد يمدد مصل الدم، ويباعد الأنسجة والحجيرات ويجعلها تبطئ القيام بعملها، وإن كان من النادر أن يقع تسمم ناشئ عن الإسراف في تناول الماء، اللهم إلا لدى المرضى، أو لدى الذين أجريت لهم عمليات جراحية كبرى، وقد نبه على ذلك اهل البيت عليهم السلام فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (لا يشرب أحدكم الماء حتى يشتهيه فإذا اشتهاه فليقل منه)، وفي حديث آخر: لو أن الناس أقلوا من شرب الماء لاستقامت أبدانهم، وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أيضا قال: من أقل من شرب الماء صح بدنه، وعن النوفلي بإسناده قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله): إذا أكل الدسم أقل من شرب الماء، فقيل: يا رسول إنك لتقل من شرب الماء؟ قال: هو أمرأ لطعامي، ولشرب الماء أوقات فلا يجوز شربه مع الأكل ولا بعد الأكل بزمن نحو نصف ساعة، أو ساعة، لأن الماء في أثناء الأكل يعطل نزول اللعاب إلى الريق على الأطعمة، والريق ضروري جدا في حركة التغذية، فإن اللقمة التي لا تمتزج جيدا في الفم باللعاب يصعب هضمها أو يقل انتفاع الجسم بها، وبصورة عامة فإنه يفضل شرب الماء على معدة خالية، وأفضل الاوقات في ذلك هو الشرب على الريق، فإن له فوائد جمة، وأما حالات شرب الماء، فشربه من قيام بالنهار أقوى وأصلح للبدن ويمرئ الطعام وأدر للعروق بخلاف شربه كذلك في الليل، فانه يورث الماء الاصفر وعليه ينزل قول أمير المؤمنين (عليه السلام): (إياكم وشرب الماء قياما على أرجلكم، فانه يورث الداء الذي لا داء له إلا أن يعافيه الله)، ومن هنا نفهم ان شرب الماء له اوقات وحالات وكميات وإن استهلاك الماء يختلف من شخص لآخر وبحسب الفصول الأربعة ففي الشتاء يقل شرب الماء لعدم حاجة الانسان الزائدة اليه واكتفاء الجسم بما يحصل عليه بالشكل الطبيعي، وفي الصيف يحتاج الى الإكثار من شربه لتعويض ما يفرزه بدنه من عرق وبخر بسبب شدة الحر، وإن الاقلال من شربه له مضار كما أن الإكثار منه بإفراط له مضار أيضاً.
|
|