برعاية مؤسسة إعمار المساجد في كربلاء المقدسة
افتتاح مسجد الامام الحجة (عجل الله فرجه) في منطقة الحوراء
|
*كربلاء المقدسة / كرار عبد الصاحب
برعاية مؤسسة إعمار المساحد التابعة لمؤسسة أميرالمؤمنين (ع) الخيرية، تم افتتاح مسجد الإمام الحجة (عجل الله فرجه) في منطقة الحوراء القريبة من حي العباس في كربلاء المقدسة. وقد شهد حفل الافتتاح حضوراً حاشداً من المواطنين الساكنين في المنطقة التي تُعد من مناطق (البستنة) شمال المدينة المقدسة وتفتقد للمسجد طوال السنوات الماضية.
وكان مقدم الحفل الاستاذ ضياء قاسم أحد كوادر إذاعة (الهدى)، الذي تحدث بدايةً عن ضرورة الإخلاص في العمل وأن يكون لوجه الله تعالى لاسيما تشييد المساجد والحسينيات، وتجنب المصالح الشخصية والأسماء ومساعي الشهرة والوجاهة.
وتقدم الى المنصّة الاستاذ عبد الغني الماجدي ليلقي كلمة مؤسسة إعمار المساجد، فقال: في عهد النظام السابق كانت ابواب المسجد تفتح قبل الآذان بنصف ساعة ويغلق بعدها بنصف ساعة أيضاً، لكن اليوم ولله الحمد فان أجواء الحرية متاحة للاستفادة الصحيحة والكاملة من المسجد وبيت الله، وأكد في حديثه بان المسجد الذي نتطلع اليه يضم بين جنباته مختلف النشاطات الاجتماعية، ففضلاً عن إقامة الصلاة والمراسيم الدينية، فبالامكان عقد اجتماعات ولقاءات بين أهالي المنطقة لتداول شؤونهم ومشاكلهم، كما هو خير مكان لإقامة المحافل القرآنية خلال شهر رمضان المبارك، وإقامة مجالس الحزن والفرح في ذكريات المعصومين (عليهم السلام). كما أكد للحاضرين بان هذا المسجد يُعد خدمة لأولادنا، في اشارة الى العطلة الصيفية وما يحتاجونه الابناء من تعلّم القرآن الكريم.
وحول هذا المسجد، أوضح الاستاذ الماجدي، بان الطموح هو أن يكون البناء على مساحة ألف متر مربع، من ضمنها يكون هذا المسجد، فهنالك – يضيف الماجدي- قاعة للمناسبات ومئذنة لابد من تشييدها لكن المعوقات المالية حالت دون اكتمال المشروع، واشاد بجهود الأخوة العاملين ورعاية المرجعية الدينية في كربلاء المقدسة، في تجاوز العقبات وبناء هذا المسجد على أمل بناء بقية الملحقات بهمّة وتعاون أهالي المنطقة.
وكانت الكلمة الثانية لسماحة الشيخ عبد الحسن الفراتي مدير حوزة الإمام القائم (عجل الله فرجه)، الذي تحدث عن أهمية المسجد في العلاقة بين الانسان وربه، وبين الانسان وأخيه الانسان.
وقال سماحة الشيخ الفراتي إن الهدف من بناء المساجد هو معرفة الله تعالى، ولكن اذا لم نعرف الله تعالى ونسجد له ولم نبنِ مجتمعا طيبا ايمانياً لا يمكن لأن نكون خلفاء لله في الأرض، من هنا جاءت الآيات القرآنية الكريمة ومئات الروايات على لسان النبي الأكرم وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) بحق المساجد، وآدابه وتعطيره ونظافته وإنارة المسجد، كل ذلك من اجل المحافظة على الجو الروحاني والعبادي. وأضاف الشيخ الفراتي بان المساجد رحمة للأمة والمؤمنين، لكن اذا تحولت الى مركز للفتنة والعياذ بالله فهذه سوء عاقبة، أو اذا تحول خطابنا الى خطاب شؤم وتفكيك المؤمنين فالويل لنا، فالمسجد يفترض به أن يجمع المؤمنين جميعاً بحيث يتمنى كل انسان ان يعيش كل اوقاته في المسجد، وفي رواية إن (المؤمن في المسجد كالسمكة في الماء)، بمعنى إن المؤمن اذا أخرجته من المسجد سيكون مصيره مثل السمكة التي يتم اخراجها من الماء.
من جهة أخرى أكد سماحة الشيخ الفراتي على آداب المساجد والجوامع، وقال: لا بد ان تكون هناك علاقة طيبة ما بين امام الجامع والناس، وأن تكون العلاقة الطيبة صادقة لوجه الله تعالى، بمعنى لا امام الجامع يتعالى على الناس ولا هم يحاولون ان يفرضون آراءهم عليه، فالجامع الذي يؤذي الكبير ويُطرد منه الأطفال والشباب فان ذلك في الحقيقة نهاية الجامع، فالبركة في وجود كبار السن، وعليكم – يقول الشيخ الفراتي- بعقل الشيخ وجسم الشباب، إذن؛ يجب أن يجمع الجامع ما بين قوتين: قوة عقل كبير السن وقوة الشباب الذين لديهم الهمّة بأن يعملوا في مجال التنظيف وإعداد وسائل المسجد، فهذا كله من أسباب تقوية العلاقة بين المسجد والناس.
ودعا سماحة الشيخ الفراتي جميع ابناء الشعب العراقي للاستفادة الكاملة من المساجد لاسيما فيما يتعلق بتعلق قراءة القرآن الكريم. وقال إن من أبرز المشاكل في أداء الصلاة القراءة الخاطئة لسورة الفاتحة في الصلاة. وطالب بالإسهام في بناء المساجد لتكون صدقة جارية لصاحبها في عالم البرزخ ويوم القيامة، وتكون وسيلة وسبب لتعلّم الناس القرآن الكريم وأحكام الدين الاسلامي.
وكانت الكلمة الأخيرة لسماحة الشيخ علي ياسر العكيلي إمام مسجد الإمام الحجة (عجل الله فرجه)، واستهل حديثه بتزامن افتتاح هذا المسجد مع حلول شهر رجب الأصب وقرب حلول المناسبة السعيدة والعظيمة، ألا وهي مولد أمير المؤمنين (عليه السلام).
وقال سماحة الشيخ العكيلي في كلمته: إن الناس على مستويات ثلاثة: المستوى الأول: مستوى الاهتمام بالنفس وجعلها الهدف الاسمى في الوجود، و اصحاب هذا المستوى يتجهون نحو قضية معينة بمقدار ما تحقق لهم الرغبات وينالون بسببها الشهوات. والمستوى الثاني: الايمان بقضية بحيث انها تتصل بقيمة من القيم وليس جميعها، او بمصلحة من المصالح العامة وليست الخاصة، ولكن من زاوية واحدة وليست من كل الزوايا مثلاً: هؤلاء يفكرون في تحرير بلدانهم لا لشي سوى لأنه بلدهم، وآخرون يفكرون في تحقيق الاستقلال لا لشيء سوى لأنه شعبهم، وهؤلاء الناس يخلدهم التاريخ. أما المستوى الثالث: وهو القليل الأقل، وهو مستوى الايمان بقضية تعتبر من القضايا وفكرة من الافكار وهؤلاء الناس يسيرون باتجاه تحقيق هذا النوع من القضايا التي يتحدث عنها ربنا سبحانه في كتابه العزيز بقوله: "وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون"، هؤلاء الذين اذا سألنا كتاب الله عنهم وعن أوصافهم لقال لنا هم الذين يقول عنهم ربنا "وقليل من عباده الشكور"، وهم المتقون المشفعون من أمر ربهم. ولو سألنا الامام أمير المؤمنين وسيد الموحدين (ع) عنهم لقائل هم اهل الفضائل، ولو سألناه عن دقيق اوصافهم لقال لنا (ع): إن منطقهم الصواب وملبسهم الاقتصاد ومشيهم التواضع وغضّوا ابصارهم عما حرّم الله عليهم ووقفوا أسماعهم على العمل النافع لهم، نزلت انفسهم في البلاء كالتي نزلت في الرضى، ولو الأجل الذي كتاب الله عليهم لم تستقر أرواحهم في اجسادهم طرفة عين...).
والامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) هو تطبيق عملي لهذه المواصفات، ففي حياته محور وهدف ومفردات؛ فمحور حياة الامام (ع) هو اطاعة الله سبحانه وتعالى، وهدفها عبادة الله سبحانه وتعالى، ومفرداتها العمل الصالح في مفاصل ساعات الايام، لذلك ليس هناك اي مبالغة او اعطاء الشيء اكبر من حجمه في ذكر امير المؤمنين (ع) او استعراض مآثره وامجاده على مر التأريخ.
|
|