هل رممت بيتك الداخلي؟!
|
خولة القزويني
قد يندهش القارئ من عنواني هذا !! ويتساءل ماذا أعني بالبيت الداخلي !؟. وهل هو غير البيت الذي يسكنه ؟.
نعم إنه مختلف من حيث المعنى والمضمون. فالبيت الداخلي هو قلبك الذي يسكنك، بينما بيتك الخارجي هو بيتك الذي يسكن فيه جسدك المادي ولهذين البيتين حكاية ينبغي أن أبسطها لك.
فقد تتساءل أحياناً لم أشعر بالضيق، أتألم وأحزن، أحبط حتى الانكسار، رغم أنك قد تعيش في بيت تتنعم فيه بظروف معيشية طيبة وحياتك العملية والاجتماعية في الظاهر ناجحة لكنك لست سعيداً، لأنك ترمم دوماً جدران بيتك المادي، وتصقل حيطانك وتشتري أجود المقتنيات بينما أنت فارغ الإحساس من السعادة والرضا، السبب بكل بساطة أنك ترمم القشور وتنسى الجوهر، تنسى أن بيتاً داخلك له باب ونوافذ وجدران وسقف وقد يصاب مع مرور الأيام بالهرم والعطب وينطفئ سراجه فيبيت في الظلمة، هذا البيت يحتاج إلى نور ليضيء، يحتاج إلى تطهير، يحتاج إلى ترميم، يحتاج إلى تأثيث بالجذبات الروحية والملكات الباطنية المحفزة على النشاط والحيوية والتفاؤل.
إننا ننسى في خضم الحياة المادية احتياجاتنا الروحية والنفسية فقلوبنا أشبه بالبيت المقفر المهترئ النوافذ المتصدع الجدران لو عشنا في أجمل بقاع الأرض لا نشعر بالسعادة لأنه إحساس ينبع من داخلنا وينعكس على سلوكنا في الخارج، فهناك قلب ناصع نوراني شفاف يعكس ألقه على الإنسان فتستقرأ الطمأنينة على وجه هذا الإنسان لأنه يقظ لأفعاله، يقظ لهفواته، يقظ لنواياه الداخلية ولهذا لن تجد في هذا القلب أمراضاً باطنية فصاحب هذا القلب يجاهد نفسه، يكافح آفاته المرضية حتى لا يتسربل قلبه في العتمة فهو في صيانة مستمرة لبيته الداخلي، هذا هو الإنسان السعيد، صاحب النفس المطمئنة سيتقبل حياته حتى لو عاش في بيت مقفر، أو في ظروف معيشية طاحنة، أو مر في حالات اجتماعية قاسية فبيته الداخلي واسع، مضيء، أنيق. وعلى العكس من ترك قلبه مضطرباً تزعزعه مشاعر الكره والحقد والضغينة، قلب مرتاب، قلب حسود، قلب مريض، قلب يطلب الدنيا ولا يشبع فهو منطفئ، مظلم، ضيق، يعيش صاحبه في ضنك وهم وغم حتى وإن عاش في أفخم القصور وتنعم بكل مظاهر الدنيا الباذخة لأنه ترك ذاته تنحدر نحو الرذائل دون ملامة أو حساب فتكومت القاذورات والخبائث في قلبه المظلم حتى طبع الله على قلبه فانتكس في الحضيض فتراه ضيق النفس، متكدر لأن بيته الداخلي محطم، مقفر، موحش.
فهل فكرنا أن نرمم بيتنا الداخلي قبل أن نعمر الدور التي سنتركها في يوم ما حيث دار الخلود.
|
|