الجرأة الوقحة.. كيف نَرُدُّ حسينياً؟
|
أ. بدر الشبيب / السعودية
ما حدث ـ لايزال ـ يحدث، من هجمة شرسة على الاسلام وقيمه وتعاليمه، وتطاول وقح على سيد الخلق أجمعين (ص) ، استفز مشاعر المسلمين كافة، ودفعهم لاتخاذ مواقف المناصرة لنبيهم، والتي تمثلت شعبيا في مقاطعة بضائع تلك الدولة او هذه، وفي القيام ببعض المظاهرات الغاضبة.ولا أحد يلوم المسلمين على ما فعلوا، ولكن السؤال الذي نطرحه هو: أ هذا ما يجب أن نقوم به؟ أم أن هناك واجبات أخرى لها الأولوية على ما فعلناه. سنجيب على هذا السؤال بالمنطق الحسيني لأننا نعيش أيام عاشوراء، والحسين (ع) مشروع النموذج الحضاري الصالح للأخذ بهديه في كل زمان ومكان.
في عصره تعرض الدين الحنيف لأكبر حملة تشويه طالت كل رموزه وشعائره المقدسة، فإمرة المؤمنين بيد رجل فاسق فاجر يعاقر الخمر وينتهك الحرمات، وأمير المؤمنين المنصب من قبل الله ورسوله (ع) يُسب على منابر المسلمين !؟، ويصبح سبه سنة يثاب عليها المرء، فهل بعد هذا من تطاول!!؟. لقد جاء الرد الحسيني متمثلا في الخطوات التالية:
1- رفض الاستسلام لهذا الواقع المتعفن، والإصرار على تغييره مهما كلف الثمن.
2- إتمام الحجة على الناس، من خلال تعريفهم بنفسه وبقضيته وما يدعو إليه، فقد قام ببيان ذلك عن طريق البيانات والخطب والكتب والرسائل والرسل الذين بعثهم، فوصلت رسالته واضحة جلية لكل المسلمين في أمصارهم وحواضرهم، في المدينة ومكة والبصرة والكوفة والشام. وواصل هذا الطريق حتى يوم العاشر من المحرم حين ألقى بيانه الأخير طالبا من القوم أن ينسبوه، وهل يحتاج مثله لتعريف، ولكنه أبى إلا أن يتم الحجة كاملة، ولا يبقي لمعتذر عذرا.
3- الإصرار على المظلومية، فلم يبدأ القوم بقتال أبدا، رغم الحصار الشديد ومنعه وأصحابه وعياله من الماء. لقد أصر على أن يكون الناصح الشفيق الذي يخاف عليهم أن يدخلوا النار بقتله.
4- الاستعداد للفناء في سبيل الدين، بل إنه يعبر عن ذلك بالوله: (وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف)، ويقول محرضا على ذلك (ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقا) .إننا يمكننا أن نتمثل هذا الرد الحسيني عن طريق:
اولاً: رفض الواقع المعاش الذي أصبح فيه المسلمون في وضع متخلف، يتأثرون بكل شيء، ولا يؤثرون في شيء من هذا العالم أبدا. إن الرفض هو بداية السعي للاصلاح والتغيير. ثانيا: إن علينا أن نسعى لإيصال رسالتنا الحضارية للغرب والعالم اجمع من خلال تطبيقها أولا على واقعنا، فلا يكفي أن ندعي أن الإسلام دين المحبة والسلام والعدل والتكافل الاجتماعي، وأنه دين يحترم العلم ويقدس العلماء، بينما واقعنا نحن المسلمين يقول عكس ذلك، فالتسامح حتى داخل دوائرنا الضيقة مفقود، وخطاب التكفيريين يندس في معظم الممارسات اليومية بيننا، أما العدل الذي هو أساس الملك فحدث ولا حرج.
إن أعظم رسالة يمكن أن نخاطب بها الغرب والعالم، هي أن نحول الإسلام إلى واقع نعيشه، وليس أملا نتمناه، أو ماضيا نقف على أطلاله. كما إن علينا أن نستخدم الوسائل الإعلامية المتاحة كافة للتعريف بالرسالة الإسلامية وبرسول الإسلام، وبنهضة الحسين(ع) وقيمها الانسانية والحضارية، وكيف يمكنه أن يغير الواقع العالمي إلى واقع أفضل. أين هي القنوات الإعلامية التي تخاطب العقل الغربي؟ إن الغرب لا يعرف عن نبي الإسلام شيئا، والغربيون ينطلقون من مرجعية فكرية لا تؤمن بالمقدس حتى بالنسبة للسيد المسيح، ومن هنا وجب علينا أن نبين للغربي أهمية المقدسات، ولماذا يصبح المقدس مقدسا، وما تأثير القيم التي يحملها المقدس في سعادة الناس. يجب أن نشرح للغرب كيف أننا نقدس السيد المسيح، وأننا لا نرضى بأن يتعرض لأي إهانة تماما كما لا نرضى لنبينا(ص) ذلك.
ثالثاً: يجب أن تكون ردود أفعالنا محكومة بالشرع الشريف وضوابطه وأخلاقه، حتى لا نقع ضحية للانفعالات العاطفية التي تفسد علينا مظلوميتنا، وتحولنا إلى غوغاء همهم التخريب والتدمير. رابعاً: نحن ندرك أن هناك من يحوك المؤامرات ضد المسلمين، وأن هؤلاء لا يستجيبون لمنطق، وهؤلاء يجب أن نفهمهم أننا على استعداد تام للتضحية بالغالي والنفيس من أجل نبينا وديننا وقيمنا.
|
|