لابد من ثورة تصحيحية شاملة
|
وليد المشرفاوي
بعد سنين عجاف لقي فيها العراقيون شتى أنواع الظلم والحيف وملئت بهم السجون واكتظت من أجسادهم المقابر وكانت كل هذه الماسي قرابين في سبيل الحرية والتخلص من قيود الاستبداد والجور التي كانت تمارس من قبل الطغمة الصدامية ,وبعد كل هذا وذاك وبعد مخاض عسيرولدت العملية السياسية وأصبح العراق من خلالها دولة مؤسسات وفيه القانون هو السيد والحاكم,لاسيما عندما نقرأ وبتمعن الدستور العراقي الذي الذي صوت عليه أبناء الشعب العراقي,ولكن السؤال الذي يبحث عن الإجابة ,هل كانت مؤسساتنا بالمستوى الذي يريده المواطن منها,أم إنها كانت ضحية صراعات سياسية وطائفية يراد منها وخلالها الحصول على المكاسب وان كان ذلك يضر العراق والعراقيين,ومن تلك المؤسسات البرلمان العراقي الذي تحول وللأسف الشديد مكانا لإلقاء البيانات والخطب ومسرحا لتصفية الحسابات السياسية تاركا بذلك المهمة التي وجد من اجلها وهي القوانين التي ترفع عن كاهل المواطن العراقي سنوات الحرمان والفقر والعذاب التي مازال الكثير منهم يعانيها إلى الآن.
وحتى القوانين التي شرعت مازالت في طيات أوراقها ولن ترى النور بعد,وهنا يكمن الدور الرقابي للبرلمان في متابعة القرارات والقوانين التي يصدرها لا أن يتحول إلى دار نشر للقوانين التي تنشرها الجريدة الرسمية,ولكي يصل إلى المستوى الذي يفخر به المواطن العراقي ,ولكي لانبرر لبقية المؤسسات في الدولة فأنها تتحمل جزءا كبيرا مما يتعرض له المواطن من قلة الإمكانيات المعيشية وحقه في الحياة الكريمة وهو يعيش في واحدة من أغنى دول العالم النفطية,والحكومة وجميع المؤسسات التابعة لها تتحمل الجزء الكبير من المشكلة ,وهكذا حال بقية مؤسسات الدولة التي تعاني الفوضى والترهل في كل مجالات عملها الوظيفي والإداري.
ولكي نعيد الأمور الى نصابها الصحيح علينا أن نجري ثورة تصحيحية شاملة تعتمد مبدآ الرجل المناسب في المكان المناسب ,بعيدا عن المحاصصات الحزبية والفئوية الضيقة التي إذا ما استمرت فأنها ستقضي على بوارق الأمل التي ما زال المواطن العراقي يرى لها بصيص بين الركام ,كذلك يتحمل المواطن جزء من المسؤولية حيث يكون الرقيب والضمير الحي على مقدرات شعبه ,لان أصل المجتمعات هو المواطن أولا ومن ثم تأتي الحكومة ومؤسساتها, والتي تشكل بمجموعها هيكلية الدولة كما إن قدرة وهيبة الدولة مرهونة على الطريقة التي تنشا بها مؤسساتها ,كما إن ظاهرة الفوضى ظاهرة خطيرة للغاية تؤثر على هيكلية البناء السياسي للدولة,وتشتت الولاءات الوطنية والابتعاد عن حرمة العمل الوظيفي ,واذا كان لابد من تناول واحدة من تلك الحرمات التي تعيق تقدم تلك المؤسسات فلايمكن إلا ان تكون ظاهرة الفساد الإداري والمالي الذي يأتي على رأس قائمة الأسباب في إعاقة نمو الاقتصاد ومسيرة التنمية وقصور الخدمات وهو بذلك حجر عثرة أمام تقدم وازدهار مؤسسات الدولة ,وبما إن الفساد هو إساءة استخدام السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة ,فان ذلك يعد جريمة ترتكب بحق المواطنين ولابد من اتخاذ الإجراءات الحاسمة والكبيرة للتصدي لهذا الأمر وإلا فان سياسات الإصلاح إن وجدت في هيكلية تلك المؤسسات لاتعد كونها ذر الرماد في العيون.
|
|