نتألم دون معرفة السبب
|
*محمد علي جواد تقي
ما ان أمرر ناظري على المواقع الخبرية او حتى اقلب بعض الصحف – احياناً- حتى أجد الشكوى والتألم من واقع مريض يعيشه العراق في معظم ميادينه وحقوله الاجتماعية منها والاقتصادية والامنية والسياسية وما يتفرع عنها، طبعاً الحديث يأتي متبادلاً بين الناس وأهل الحكم فيما وسائل الاعلام لاسيما (النت) مهمتهما تسليط الاضواء وابراز هذا والتخفيف عن ذاك، لكن لم نعرف حتى الآن لماذا نحن متخلفون – مثلاً- او محرومون او اتكاليون او غير ملتزمين بالدين والقانون او حتى (تافهون)! كما عبر عن ذلك كاتب في احد المواقع أو غير ذلك من الظواهر السلبية؟
لا علينا بالاسباب التي تجعل البعض يتطبع نفسياً مع الواقع الذي يعيشه رغم فساده واعتلاله، فتلك معضلة سيكولوجية نشترك فيها مع كثير من الشعوب التي عاشت اجيالاً منها ظروف الاستعمار والغزو الثقافي، لكن اعتقد جزماً ان القدرات والامكانات المتاحة لاسيما في بلد مثل العراق هي اكبر بكثير مما نشكو منه، لكن يعوزنا الوعي أولاً ثم الارادة والقرار الحاسم والحازم، مثال ذلك المشكلة التي تواجه التديّن والاخلاق في المجتمع والبلد بشكل عام، فالارضية صالحة لنمو هذين العنصرين الاساس في حياة الانسان، لكن الاجواء غير مشجعة، فهناك طقس سياسي وآخر امني وآخر تجاري وغيره يجعل من الالتفات الى التديّن والاخلاق أمراً عسيراً وربما يكون الامر كمن ينظر الى نقطة بعيدة جداً تكاد تتعب عينيه ولن يرى شيئاً! ولذا كل من تحدثه عن ذلك في المجتمع اليوم يجد ان لامشكلة في الموضوع والامور تسير على ما يرام والحمد لله....! ولكن المفاجأة تحصل عندما نسمع عن اخبار مهولة على صعيد الشباب او المرأة او السوق او غيرها فنرفع علامات الاستفهام عن كيفية حصول ذلك...؟!
احد الاصدقاء كان في زيارة لمدينة مقدسة واراد استأجار غرفة له ولعائلته فطاف الشوارع علّه يجد ما يناسب ميزانيته لهذه الرحلة وهو يرى اللافتات على الفنادق (تكييف – كهرباء مستمرة – تلفزيون – ستلايت ...)، فقرر اختيار درجة اقل لا تقدم كل هذه الخدمات لكن مفاجأته كانت في وجود التلفاز والستلايت في هذا الفندق المتواضع والقريب جداً على المرقد الشريف الذي قصده من مكان بعيد ليبث شكواه ويطرح حاجاته في وعاء القلب بعد ان يجليه بالدعاء والاستغفار والتوسل علّها بجاه الامام المعصوم ان تصل الى البارئ عزّوجل، لكن في هذا الفندق يجد كل القنوات من كل الاقمار مفتوحة للزائرين...! طبعاً من يسأل عن سبب ذلك سيقال له فوراً: (لك ان تغلق التلفاز ولا تشاهد ما لاتحب)، ولا مجال هنا لمناقشة هذه الظاهرة لأن كثر الحديث عنها والرد على هذه المقولة التي تنسحب على مسألة الملابس المحتشمة للمرأة وما يعرض في مختلف وسائل الاعلام. لكن المسألة في المعالجة والحل الذي نراه يبتعد عنّا يوماً بعد آخر، فاحد الخطباء المعروفين وهو في احدى الرياض المقدسة يتحدث عن شخصية (زينب) عليها السلام واسمها المبارك وضرورة تسمية الاناث بهذا الاسم الجميل، لكن ربما لم يصادفه خارج اسوار الروضة او العتبة المقدسة نماذج من الاناث وبينهنّ من لايشبهن (زينب) التي يتحدث عنها الخطيب من على المنبر، فيما اسمع خطيب آخر يقول ان العراق عبارة عن (حسينية) لكنه يستغرب من وجود عصابات الجريمة وحالات الادمان وغيرها. كل ذلك كلام يبدأ ولا ينتهي ، لكننا نتساءل لماذا لم يبدأ العمل ويظهر الحل؟
في العراق؛ هنالك المؤسسات الضخمة والمراكز والحوزات العلمية الشامخة تعاضدها الاموال الطائلة والكوادر، لكن كل ذلك يتوقف عند المشكلة – الألم وليست ثمة محاولة جريئة لوضع اليد على الجرح ومداواته، ونحن نتحدث عن هذا لأن في العراق ايضاً نفوساً طيبة تستمع للكلام الصادر من القلب ليدخل الى القلب.
|
|