يخلدون مع الحسين (ع)
|
محمد علي جواد تقي
تمضي قافلة الزمن تحمل وهج النهضة الحسينية الخالدة، فبالقدرة الذي نكتسب منه الضياء والدفء، نكون أقرب الى نور القيم والمبادئ ، ونبتعد عن ظلام الطغيان والانحراف، ثم نكسب الذكر الطيب بعد مغادرة هذه القافلة، ويبدو ان من معاجز عاشوراء أنها جعلت الناس - كل الناس – تعتبر وبكل دقّة وحذر من أن الابتعاد عن الحسين الوقوف ضده، يؤول بصاحبه الى زوال على الصعيد المادي والمعنوي، فها هم اليوم يتسابقون لربط اسمائهم باسم الامام الحسين عليه السلام، بل وحتى قضاياهم الفكرية والسياسية والاجتماعية وكل شؤون حياتهم يربطونها بالقضية الحسينية و واقعة كربلاء. انها حقاً معجزة تسجل للحسين سبط رسول الله صلى الله عليه وآله، فقد كانت معجزة جّده المصطفى القرآن الكريم وإثارة دفائن العقول الى مستوى تأسيس حضارة اسلامية، ثم جاء هو عليه السلام لإثارة القلوب والضمائر الى مستوى أن تكون دائماً جرس إنذار أمام أي سلوك منحرف عن القيم والمبادئ السماوية. وهي ايضاً مفخرة لنا كمسلمين وموالين لأهل البيت عليهم السلام، أن نشهد كل عام ازدياد عدد المشاركين في الشعائر الحسينية في أيام عاشوراء، فعدد الزائرين من خارج العراق في ارتفاع ، والمواكب والهيئات في اتساع، والتفاعل الرسمي في ازدياد، ناهيك عن المشاركة الجماهيرية الواسعة من الصغار والكبار في المواكب الحسينية والهيئات والفعاليات المتنوعة، وفي طليعة هذه المشاركة، العباءة السوداء التي سجلت علامة فارقة هذا العام من خلال مشاركتها الضخمة في (عزاء طويريج) في مسيرة حاشدة ومهيبة جاءت خلف المسيرة الراكضة للرجال، ولم تتوقف هذه المشاركة الفاعلة حتى اليوم الثالث عشر وإحياء ذكرى دفن شهداء الواقعة، في مسيرة تُعد من الموروثات القيمة للشعائر الحسينية، حيث شاركت أعداد غفيرة من النسوة المؤمنات وقد اصطحبت البعض أطفالهن ليسجلوا حضورهم في هذا الحدث التاريخي.
إتساع نطاق المشاركة في الشعائر الحسينية دليل صحة وسلامة في العقيدة والفكر، وهي بالحقيقة بحاجة الى كثير من الشكر لله تعالى على هذه النعمة، فهل هناك من يرجو النعمة لنفسه وحسب؟! إن الانسان السويّ المُلم بالصفات الحميدة قطعاً يرجو هذا الخير وهذه النعمة للجميع عندما يرى التنافس والتسابق على رفع السواد والاكثار من تقديم الطعام والشراب للزائرين وإقامة المجالس الحسينية وغيرها من الفعاليات التي تجعل الانسان يشعر من الاعماق أنه حقاً يرتبط بالنهضة الحسينية بمؤازرته الامام الحسين في حربه على القسوة (العطش) وعلى المكر والخديعة (الشهادة) وعلى الضلال والانحراف (توبة الحر). هذه المفاهيم وغيرها كثير، تُعد كالغيث الراحم النازل من السماء الينا نحرص على جمعه وتخزينه لحين الحاجة، علينا المحافظة عليها من التلوث بجراثيم الفكر الغريب والفيروسات الحديثة النشوء، وأيضاً من العادات والتقاليد غير المحمودة. لأن هذا الغيث لايمكن ان يتلون بألوان الناس، إنما يبقى زلالاً صافياً مهمته إحياء الارض واستخراج النبت الطيب، كذلك مفاهيم النهضة الحسينية، لكن اذا سعى البعض لأن تكون على شاكلته ومنطبعة بلونه الخاص، فانها بالدرجة الاولى لن تنفعه بشيء لأنها ستفقد خاصيتها، وطوبى لمن استقبل هذا الغيث الحسيني الزلال و نشره للناس لينهلوا منه معارفاً ودروساً لحياتهم.
Mahdali12googlimail.com
|
|