من علماء القرن الرابع الهجري في كربلاء المقدسة..
الشيخ محمد حسين الاردكاني الحائري.. عالم جليل و زعيم الحوزة العلمية
|
*حسين آل طعمة
البحث في سيرة رجالات حوزة كربلاء المقدسة يستحق منّا الكثير من الجهد والعناء وذلك لما بذله هؤلاء العلماء الأجلاء من جهد كبير من أجل الحفاظ على بيضة الاسلام في أمة سيد الانام محمد صلى الله عليه وآله منطلقين من مدينة سبط النبي محمد صلى الله عليه وآله وهو الامام الحسين سيد الشهداء عليه السلام ومن هؤلاء العلماء الاعلام، الشيخ محمد حسين بن محمد اسماعيل الاردكاني الحائري المولود سنة (1235هـ)، (1819م) هاجر من بلدته الى كربلاء لطلب العلم والمعرفة فأدرك درس العلامة الكبير شريف العلماء المازندراني المتوفى سنة (1246هـ)، (1830م) واستفاد كثيراً من ابحاثه وكتب من تقريرات أستاذه الكبير (مبحث البيع الفضولي في باب التجارة) وحضر ايضاً دروس العلامة الكبير السيد ابراهيم القزويني المعروف بـ(صاحب الضوابط) المتوفى سنة (1262هـ)، (1845م) فأشتهر بين العلماء وطلاب العلم حتى أتجهت اليه الانظار وكثر الاقبال عليه من طلبة العلوم الدينية من كل أصقاع العالم وله آثار خطية هي: (كتاب الطهارة) و (كتاب الصلاة) و ( المتاجر)، تخرج من حلقات دروسه وأبحاثه الفقهية والاصولية جمع من كبار العلماء والمجتهدين أمثال: السيد الميرزا محمد حسين المرعشي الشهرستاني، والميرزا محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين، والسيد محمد الاصفهاني، والسيد حسن الكشميري وكذلك حضر درسه شيخ الشريعة الاصفهاني قبل ذهابه الى حوزة النجف الاشرف، وغيرهم من العلماء الاعلام وفي عهد العلامة الاردكاني ازدهرت الحوزة العلمية في كربلاء المقدسة وعادت اليها نضارتها وكأنها في عصر الوحيد البهبهاني (قدس سره) الذي أعادها الى المدرسة الاصولية.
كان العلامة الاردكاني أعلم اهل زمانه في كربلاء المقدسة، حيث توفرت فيه صفات الرئاسة العلمية، ويكاد لا ينازعه أحد في هذه المرتبة التي لم يطلبها قطعاً، إنما هي المرحلة التي ببلغها بجهده ومثابرته، وهو يبحث عنه أهل العلم في الحوزة العلمية والمجتمع، ليكون أميناً لهم على الدين وأحكامه وشرائعه.
وقد ثنى عليه المؤرخون في مؤلفاتهم وتصنيفاتهم وهي كالاتي: (نقباء البشر)، (أحن الوديعة)، (المآثر والآثار)، (تاريخ الحركة العلمية)، (تراث كربلاء)، وغيرها، وللعلامة الاردكاني تقريرات طبعت في كتاب مستقل ونسخته نادرة وكان يقيم الجماعة في الحرم الحسيني الشريف.
أما عن وفاته فكانت سنة (1305هـ )، (1887م) ودفن في مقبرة استاذه (صاحب الضوابط)، وقد أرخ وفاته تلميذه الميرزا محمد حسين الشهرستاني بقوله:
وقال مفجع التاريخ (أوه سيلقى الشامتون كما لقينا)
وارخ وفاته بقوله:
ولما ذاب قلب الوجد هماً
لموت ولي أمر المؤمنينا
فقم فزعاً وأرخ (بالبكاء
حسين بالثرى أمسى رهينا
وقال مورخاً أيضاً :
وقد تلقته حور ونظرة و سرور
أرخن (حباً وأهلاً لفاضل الاردكاني)
كما رثاه الشاعر السيد جعفر الحلي بقصيدة طويلة مثبتة في ديوانه.
واما عن مكان دفنه والواقع في الصحن الصغير والملاحق للصحن الحسيني الشريف من الجهة الشمالية الشرقية، فقد تعرض للهدم سنة 1948م ضمن مشروع إنشاء الشارع المحيط بالصحن الحسيني، فذهب هذا المرقد مع غيره من مراقد العلماء الكبار، ضحية الهجمة الطائفية المدروسة ضد العتبات المقدسة في العراق، فشكل خسارة تاريخية كبيرة للعراق والعالم الاسلامي.
|
|