البطالة الى أين..؟
|
*حيدر الظالمي
يُعد الحصول على فرصة عمل من أكبر هموم جيل الشباب، إذ يطمح كل الشباب اليوم الى تأمين حاجاته الأساسية وتحقيق أحلامه في بناء مستقبل طالما فكّر به بعد مرحلة البلوغ وإتمام المراحل الدراسية وهذا لا يمكن إلا من خلال الحصول على وظيفة أو عمل يليق بكرامة الانسان ويؤمن له دخلاً مالياً مناسباً، كما أن حصول الشاب على العمل يعد من أهم العوامل التي تساعة على الاستقرار النفسي وتكميل بناء الذات وضمان الصحة النفسية.
ولكن مع شديد الأسف إزدادت مشكلة البطالة وأصبحت اليوم معضلة تعاني منها العديد من الدول، رغم علم الجميع إن البطالة تعد من أهم العوامل التي تساعد على زيادة معدلات الجريمة والانحراف وتسبب نوعاً من الاحباط والتشاؤم والحقد على المجتمع وتقتل الطاقات التي يتمتع بها الشباب لأن هذه المرحلة من العمر هي مرحلة تفجير الطاقات والابداع لديهم وإن عدم استغلالها ورعايتها وتوفير الأجواء المناسبة لها سوف يجعلها في مهب الريح. ونتيجة لتزايد أعداد الشباب المؤهلين للعمل وتقلص الوظائف المتاحة وما يشهده الاقتصاد العالمي من تغيرات وأزمات وسياسات الحكومات في عدم معالجة هذه المشكلة وغيرها من الاسباب الأخرى أدت الى تفاقم هذه المشكلة، ولكن بما أننا نحمل قيم الدين الاسلامي، علينا أن نجد مخرجاً لهذه المشكلة، وأن نحاول أن نعالجها.
فبالنسبة للعمل بحد ذاته فان الإسلام يعده عبادة بشرط أن تكون النية لله تعالى، فالعامل في أي حقل سواء كان معلماً أم أستاذاً أو مهندساً أو طبيباً وما أشبه ذلك، له أجر العمل وثوابه، فقد روي عن الرسول الأكرم (ص) أنه قال: (العبادة عشرة أجزاء، تسعة أجزاء في طلب الحلال)، وكذلك قوله (ص): (الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله)، وكان الرسول إذا نظر الى الرجل فأعجبه قال لأصحابه: هل له حرفة؟ فأن قالوا لا، قال: سقط من عيني! قيل وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: لأن المؤمن إذا لم يكن له حرفة يعيش بدينه). ولعل المعنى الذي نأخذه من هذا الحديث، هو محاربة الرسول الأكرم لحالة استمراء الإحسان والمساعدة المالية بحجة الأخوة الاسلامية وتطبيق قيم الدين والاخلاق، في حين على الانسان أن يطبق الادين والاخلاق في ميادين العمل والابداع والانتاج وليس في مجال جمع المال.
من هنا فان الاسلام يحث على العمل وفي كل المجالات بشرط أن يكون حلالاً، وبما أن الوظيفة أصبحت غير متاحة وقليلة سواء كانت وظيفة حكومية أم ضمن القطاع الخاص فأنه من الممكن البحث عن عمل في المهن الحرة كالتجارة والزراعة وغيرها من الأعمال التي توفر للانسان دخلاً مادياً أكثر من الدخل المحدود والمؤطر براتب، والإسلام يؤكد ويحث على العمل الحر أكثر من غيره، فقد روي عن الإمام علي (ع) أنه قال: (تعرضوا للتجارات فإن لكم فيها غنىً عما في أيدي الناس، وإن الله عز وجلّ يحب المحترف الأمين) وقول الإمام الصادق (ع): (التجارة تزيد في العقل) وفي فضل الزراعة جاء قول الرسول (ص): (من غرس غرساً فأثمر أعطاه الله من الأجر قدر ما يخرج من الثمر). وكذلك في الصيد جاء قول الإمام علي (ع): (سخر لكم الماء يغدو عليك ويروح، صلاحاً لمعاشكم والبحر سبباً لكثرة أموالكم).
فالشيء المهم هو أن على كل شاب القيام بعمل من الأعمال المشروعة فالحياة سعي وعمل ولا مكان لمن لا عمل له ولا تقدير ولا إحترام لمن يكون عالة على المجتمع، فلا بد أن يتحمل الشباب المسؤولية وبذل الجهد والسعى بقدر ما يستطيع كي يؤمن لنفسه عملاً محترماً، لكن ما نراه هو أن بعضاً من الشباب يعلن استسلامه عندما لا يحصلون على وظيفة حكومية خاصة أولئك الذين يتخرجون من الجامعات والمعاهد فيقفون مكتوفي الأيدي وبلا عمل ولا يتحركون للبحث بجد عن خيارات أخرى تكون بديلاً عن الوظيفة الحكومية، ولو كان مؤقتاً، فيجب بالحقيقة أن نتعامل مع الواقع ونبحث عن الفرصة الممكنة.
كذلك الشيء المهم للقضاء على البطالة هو الابداع وأول خطوة في هذا المجال هو ألا تقتنع الانسان بالحالة التي أنت عليها، يقول الحديث الشريف: (لا مصيبة كأستهانتك بالذنب، ورضال بالحالة التي أنت عليها)، فلولا إبداع (أديسون) لكان الناس يستضيئون حتى اليوم بالشموع الزيتية، ولولا صناعة السيارات لكان الناس ينتقلون بالدواب، وهكذا لأن الانكفاء عن محاولة الحصول على شيء جديد أو أبتكار عمل جديد أو مهنة جديدة أو حرفة جديدة سوف يؤدي الى الجمود والركود والتخلف، فالامتناع بما هو موجود يؤدي الى عدم الحصول على جديد، صدق أمير المؤمنين (عليه السلام): (من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط).
|
|