قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

صدق النيّة وقوة الارادة.. وبناء العراق الجديد
د. يوسف السعيدي
حقاً ان حالة عدم الاستقرار وفقدان الأمن تعرقل عملية البناء... لكن اتخاذ هذا الامر كحجة مطلقة لتبرير فقدان الطاقة أو الوقود او الماء الصالح للشرب أو الرعاية الصحية، اقول ان هذه حجة مردودة على اصحابها.. وهي تبرير لتردي مستوى الاداء عند بعض مؤسسات الدولة.. وقد حل موضوع فقدان الأمن محل عدم وجود التخصيصات الضرورية للانجاز.. ولكن عندما توفرت التخصيصات المالية وبحجوم وصلت الى المليارات ظهر ان بعض هذه التخصيصات قد اهدر دون انجاز واقعي يقابله على الارض...
ولست هنا في موضع الاتهام لأحد.. كذلك فان حجوما كبيرة من التخصيصات قد ظلت قابعة في الخزائن ولم يتحول المال الى عمل ولا العمل الى بنا... وهنا ظهرت حجة انعدام الأمن وفقدان الاستقرار، لكن الأمن اذا كان مفقوداًً في هذه المحافظة أو تلك أو في هذه المنطقة أو غيرها فانه ليس مفقوداً على امتداد الساحة الجغرافية للعراق... فهناك عدد من المحافظات بل ان اكثر المحافظات تتمتع بالاستقرار العام أو النسبي حتى لو حصل ما يعكر صفو الأمن من حدث هنا أو هناك... والمحافظات المستقرة ليست في غنى عن الخدمات الاساسية للمواطن، وليست في غنى عن اعادة البنى الارتكازية فلماذا لا يجري العمل حثيثا لتوظيف التخصيصات المالية في هذه المناطق؟. ثم حتى في المحافظات التي لم يعد لها حظ من الأمن بعد، الا يمكن توفير الحماية للمواقع التي تقام عليها المشروعات وحماية طرق الامداد اليها، فضلاً عن حماية العاملين ؟
ان ما يثير الاستغراب حقاً بان الولايات المتحدة بقضها وقضيضها وبجيوشها وبتقدمها التقني لا تستطيع ان تنشئ عدداً من محطات توليد الطاقة !؟، وحماية مواقعها أو عدداً من مشاريع تنقية المياه وحمايتها.. وليس مقبولاً على أي نحو استحالة بناء مستشفى مثلا أو تزويد المستشفيات القائمة بحاجتها ما لم يتحقق الاستقرار على كل شبر من ارض العراق..لا يمكن لاحد ان يتصور ان المشاريع لن تقام وان الخدمات لن تنجز ما لم يقضى على اخر سيارة مفخخة وحزام ناسف!؟. ولو كان الامر كذلك لما استطاع أي من البلدان وليس العراق وحده ان يؤدي خدمة واحدة لمواطنية...
والامر المهم الاخر في هذا الموضوع انه ليس هنالك من تناقض حدي بين البناء والاستقرار.. انما البناء هو حجر الزاوية في تحقيق الاستقرار، فهو يمتص فائض اليد العاملة ويقيم لها سبيل الرزق السوي بدل الانحراف، وهو يعزل الارهاب عن عقل الجماهير ووجدانها، وهو يوحد الصف الوطني حول منهج البناء، وهو يستل مشاعر الغضب من نفوس الناس لصالح مشاعر الرضا والطمأنينة...
والسؤال: هل نحن جادون في عملية البناء ام هي محض ادعاءات أو تمنيات؟.
فاذا كنا حقا جادين ان نبني عراقا جديداً فان الشرط الاول هو صدق النية مشفوعة بقوة الارادة..
أما الحجج فهي لن تُشبع جائعا ولا تكسي عاريا، ولا تعيق جريمة، ولا تضع حجراً على حجر..
والله تعالى من وراء القصد