قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

التربية بالحب
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة *إيمان عبد الامير
ليست التربية دائماً أمراً ونهياً، والقاء المحاضرات والمواعظ التي غالباً ما تكون في اجواء وظروف مشحونة بالجدّية والصلابة، حيث على الطفل او الاولاد في البيت ان يتخيلوا انفسهم في قاعة الدرس على مقعد الدراسة مكتفي الايدي صامتين امام المدرس دون ان تصدر منهم حركة تخل بالجو التعليمي...!
نعم؛ هناك طريق آخر وقصير وجميل لأن نؤثر على الابناء وفي نفس الوقت نلقى الاستحسان من عندهم ايضاً. انه الحب والمودة... فما على الأب إلا ان يخبر طفله أنه يحبه و يكرر له ذلك، وقل له إنك سعيد بوجوده في الأسرة، وإنك تفخر به، واستقبله عند إستيقاظه بكلمات دافئة وبعناقه، ولتشعره بتميزه، فالأطفال يحتاجون للحب والطمأنينة.
ما أجمل البسمة على الشفاه والنظرة الحانية والحضن الدافئ واللمسة اللينة والشوق عند اللقاء والوداع! فعند عودة جعفر بن أبي طالب من بلاد الحبشة وكان ذلك في يوم فتح خيبر فيلقاه النبي الاكرم صلى الله عليه وآله بقوله: (بأيهما أفرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر).
ما أجمل هذا الإستقبال! وما أجمل هذه الكلمات من المربي والمعلم الأوّل للاخلاق والانسانية! إنّه صلى الله عليه وآله يساوي بين الحرب والإنتصار على أعداء الله وبين لقائه صاحبه رضي الله عنه.
لكن كيف تقيم علاقة مبنية على الترابط والحب مع أبنائك؟
1- اجعل وجودك مدعماً للطفل، وبعبارة أخرى يحتاج الوالدان المشرفان على تربية الطفل إلى أن يجعلا حضورهما أو وجودهما مع الطفل مرتبطا بالدفء والرعاية والتقبل والإهتمام.
2- شجع الطفل على الإسهام والتبادل، ومن ثمّ يجب أن تربط إستجابات الطفل الدالة على التفاعل والإسهام والتواصل بالنجاح والتدعيم دائماً.
3- أن تكون تفاعلاتنا مع الطفل مطابقة لمبادئنا وافكارنا.
4- عندما يعزف الطفل عن الإسهام والتفاعل لأي سبب، يجب على الأبوين أن يخلقا الظروف الملاءمة التي من شأنها أن تجعل الإسهام والتفاعل ضروريين للطفل.
وعلينا أن نميّز بين أمرين هما:
مشاعر الحب: فالمشاعر مهمة وأساسية إلا أن مفردات الحب من التضحية والبذل للآخر من شأنها أن تحافظ على العلاقة الأبوية السعيدة والدافئة. وهي عبارة عن الممارسات التطوعية التي تنم عن المحبة الكبيرة والتقدير العظيم للطرف الآخر.
وعندما تمتلئ قلوبنا بالحب، وعندما نتقاسم هذا الحب فإننا نصبح أكثر رأفة وملاطفة ومثابرة، وتنمو رؤيتنا ونكتسب مزيداً من الرضا. وعندما نكتشف أساليب جديدة لنتقاسم هذا الحب يحدث تحول سحري تقريباً في حياتنا فنصبح أكثر إهتماماً بالآخرين وخاصة الشريك الآخر وأكثر إجتماعية وحكمة، ويبدو الأمر كقانون طبيعي تقريباً، فكلما إكتشفنا أساليب جديدة للتعبير عن الحب والمشاركة نجد أنفسنا وقد أحاطتنا مشاعر الحب.
وهناك طرق عديدة لإظهار العواطف لصغار الأطفال، مثل التدليك، والملاطفة، والتربيت، والمداعبة، والحمل، والهدهدة، والتدليل، وتمشيط الشعر، وإمساك اليدين، وتوصيلهم بالسيارة، والأرجحة، والمشاركة في الضحك، إن كلاً من هذه الأشكال يمثل شكلاً مختلفاً لنفس المضمون وهو إننا نحبك ونرغبك ونعرف قدرك، والسنة النبوية مليئة بمواقف نبي الرحمة مع الأطفال ليعلمنا كيف نتواصل معهم.
أحياناً قد يمر الأطفال الأكبر سناً بمرحلة خالية من التواصل الحسّي، حيث يسعون من خلالها إلى تكوين بعض الإستقلالية، غير أن إحدى الأُمّهات المحنكات في تربية الأبناء في سن المراهقة قد أخبرتنا أننا يجب أن نبقى أذرعنا مفتوحة، لأنّه سيأتي الوقت الذي سيرغب فيه هذا المراهق في الإحتواء من جديد.
يحتاج الطفل إلى نوعين من الحديث:
الأوّل: الإطراء غير المشروط، والذي يعني أن نؤكد له أننا نحبه لذاته ليس أكثر، أي أنّه ليس لزاماً عليه أن يبذل جهداً كي يكسب هذا الحب، وأنّه لن يخسر هذا الحب أبداً، تصور كم هو شعور طيب تحظى بحب غير مشروط فقط لأنّك موجود.
الثاني: هو الإطراء المشروط، وهو يعني أن تخبره بأنّك تقدِّر ما يقوم به من أفعال، يمكنك أن تقول له، على سبيل المثال: (لقد أعجبتني الطريقة التي داعبت بها أختك الصغيرة عندما دق جرس الهاتف)، أو (كم يعجبني رسمك أو ما أجمل مواظبتك على أداء الصلوات).
ومن الأمور الطيبة أن تخبر الطفل بالأمور التي لا تعجبك، ولكن دون أن تنعته بالقبيح من الألفاظ، فلا بأس أن تقول لطفلك: (أنت لم تجمع ملابسك كما ينبغي، فما زلت أرى قمصاناً وجوراباً على الأرض)، ولكن إياك أن تقول له: (أيها الصغير الكسول الأحمق....)!!
يقول أحد الخبراء في مجال التربية هنالك ثمان وسائل وابواب للتربية بالحب:
الأولى: كلمة الحب:
كم كلمة حب نقولها لأبنائنا، في دراسة تقول إنّ الفرد إلى أن يصل إلى عمر المراهقة يكون قد سمع ما لا يقل عن ست عشرة ألف كلمة سيِّئة ولكنه لا يسمع إلا بضع مئات كلمة حسنة.
الثانية: نظرة الحب:
اجعل عينيك في عيني طفلك مع إبتسامة خفيفة وتمتم بصوت غير مسموع بكلمة (أحبك يا فلان) 3 أو 5 مرات، فإذا وجدت إستهجاناً وإستغراباً من ابنك وقال: ماذا تفعل يا أبي؟ فليكن جوابك: (أشتقت لك يا فلان)، فهذه النظرة وهذه الطريقة لها أثر ونتائج غير عادية.
إذن ينبغي أن ننظر في عيون أطفالنا بنظرة حب ونخاطب أطفالنا بكلمات الحب، وإذا لم يكن متعوداً عليها يجب أن نتعود عليها، وأقول للأب وأقول للأُم وللإبن أيضاً: ليس هناك صعوبة، أوّل مرّة صعب لكن جرب وجمع قواك وقل: أنا أحبك، وستجد أنّ المرة الثانية الأمر سهل والمرة الثالثة ستجد أنّ الأمر جميل، والمرة الرابعة تجد أنك لا تستطيع أن تترك هذه الكلمة. إذاً العقبة الأولى هي أوّل مرّة تقول فيها هذه الكلمات الجميلة.
الثالثة: لقمة الحب:
لا تتم هذه الوسيلة إلا وأفراد الأسرة مجتمعون على سفرة واحدة، وثمة نصيحة... على الأسرة ألاّ يضعوا وجبات الطعام في غرفة التلفاز، حتى يحصل بين أفراد الأسرة نوع من التفاعل وتبادل وجهات النظر. وأثناء تناول الطعام ليحرص الآباء على وضع بعض اللقيمات في أفواه أطفالهم. مع ملاحظة أنّ المراهقين ومن هم في سن الخامس والسادس الإبتدائي فما فوق سيشعرون أنّ هذا الأمر غير مقبول.
الرابعة: لمسة الحب:
أنصح الآباء والأُمّهات أن يكثروا من التلامس. لنتعلم هذا من النبي صلى الله عليه وآله وكيف كان يضع سبطيه الحسن والحسين عليهما السلام على فخذيه، او يحملهما على كتفيه، وغيرها من المشاهد التي قلما تجاوزها احد المحدثين او مصادر الحديث لدى الفرق الاسلامية جمعاء.
طبعاً هنالك طرق عديدة من قبيل الضمّ والتقبيل والابتسامة وغيرها مما يعطي رسائل سريعة وواضحة على الحب والمودة التي تربي الطفل على تعزيز اواصر العلاقة بين افراد الاسرة الواحدة.
المصدر: كتاب زاد الآباء في تربية الأبناء