الحوثيون ونكبة التطهير العرقي !
|
عبدالحميد عباس دشتي (*)
كنت كما غيري استبشرت خيرا بالموقف اليمني الرسمي الذي تعاطى بايجابية مع نداء السيد حسن نصرالله والذي وجهه الى الرئيس اليمني مطالبا اياه بحقن الدماء، والسعي الى حل سلمي يحفظ للدولة اليمنية هيبتها وللاخوة الحوثيين سلامتهم في الدين والدنيا. لم يحصل ما تمنيناه واستمر القتال وتحدثت وسائل اعلام ومنظمات دولية عن مئة وخمسين ألف نازح من مناطق القتال، وتحدثت أيضا عن قصف جوي متعمد لمخيمات اللاجئين من قبل السلطة حيث لا سلاح جو عند الحوثيين.
أحد كبار رجال الأعمال اليمنيين من أصدقائنا المقربين وهو للصدفة من أتباع المذهب الزيدي ومن المتفهمين لاسباب قيام الحوثيين بمواجهة الجيش، يقيم في لندن ويتنقل بين اليمن وبلاد الضباب تقريبا كل شهر لأسباب عملية وعائلية. حين التقيت الرجل أخيرا كان جل همي أن افهم خلفيات ما يحدث من رجل عرفته ملما بالسياسة الداخلية لليمن وان لم يكن هو نفسه سياسيا، فشرح الصديق خلفيات الوضع وقال: كنا أغلبية اليمن الشمالي حين كان اليمن منقسما والمعروف أننا دعاة الجمهورية ولا نرتضي بحكم الامامة مجددا ونحن أرباب الثورة الناصرية، ومع ذلك طعنتنا الناصرية في الصميم حين ارسل عبد الناصر العلماء الأزهريين الى مدارسنا القرآنية البسيطة في الستينيات فسعوا بدلا من تعليمنا الى تحويلنا من الزيدية الى الشافعية.
بعد الوحدة كما قبلها لم يكن للزيديين أي طموح سياسي ولم يسعوا لحصص طائفية ولا لمغانم فردية أو جماعية لأنهم عدوا كل يمني أخا لهم كما كانوا طوال التاريخ اخوة وأهلا، لكن دخول الجماعات التكفيرية على الخط قلب ظهر المجن، اذ انتشرت في السنوات الأخيرة موجات من الدعوات الى التكفير بحجة فتح مراكز اسلامية ممولة من الخارج، ومعظم الدعاة المزعومين موظفون لدى هيئة النهي عن المنكر، وكان لهؤلاء أن يكونوا ضيوفا مرحبا بهم على الزيديين لولا أنهم بدأوا في استخدام أساليب ملتوية لاستمالة الشبان والمراهقين والأطفال وبدأوا يقدمون الاغراءات الى شيوخ القبائل من مال وسلاح ورحلات سياحة دينية وخلافه.
هذا الأمر واجهه أهالي اليمن في صعدة خاصة وفي شمال اليمن عامة بالشكوى الى ولاة الأمر أي الى الدولة، ولكن الشكوى قوبلت بالاعتقالات وبالسجون وبتمكين التكفيريين من مواجهة رفض الناس لهم عبر الفرض والقوة العسكرية، وهنا خرجت الأمور عن طورها فحصلت اعتداءات على شيوخ عشائر وشبان زيديين فهب أهاليهم لرد العدوان واندلعت اشتباكات لن تنتهي الا بعد صوملة اليمن وتدمير مستقبل شعبه. اين الحل برأي هذا اليمني المحايد؟ انه في طرد الحكومة لكل التكفيريين من البلاد ممن أتوا من الخارج والعفو عن المسلحين واطلاق السجناء واعادة اللحمة بين أبناء الشعب والجيش وهو أمر صعب جدا بعد نهر الدماء التي سالت بين الطرفين، الحل صعب لكنه ممكن والمصالحة هي الوسيلة الوحيدة لحقن الدماء، والا فلا الجيش قادر على الحسم ضد شعب قرر الموت دفاعا عن كرامته ولا الجيش قابل للانهزام أيضا. الأمر الآن بين خيارين: صوملة وفوضى وحرب تمتد لسنين طويلة ما يسهل تقسيم اليمن وهي الغاية التي تسعى اليها دول لم ترد يوما لليمن السعيد الا الشر والصعاب.
(*) كاتب كويتي
|
|