فضائيات الهجوم الاخير
|
حافظ آل بشارة
حتى وقت قريب كان كثير من المراقبين يعتقد ان الهجوم الاعلامي الذي تنفذه فضائيات عربية معروفة ضد العراق هو هجوم موسمي يتزامن مع الحملة الانتخابية، ولكن يوما بعد آخر يثبت العكس، حيث بدأ الهجوم ياخذ منحى خطيرا واتضح ان القنوات العربية المهاجمة هي في الحقيقة لاتنتمي الى قطاع الاعلام المدني بل تنتمي الى منظومة المخابرات التابعة لبعض حكام المنطقة وتقوم بما يشبه الدعارة الاعلامية. انهم حكام بلا شعب وليس دولا، لان منطقتنا الاقليمية ليس فيها دول بل اغلبها اقطاعيات مملوكة لرؤساء عصابات سرية لا اكثر ولا اقل، الفضائيات البوليسية اتخذت من موضوع الانتخابات مناسبة لشن حربها على العراق لكن اهدافها ابعد مدى. اما المتورط الاكبر في هذا الهجوم الاعلامي فهو حاكم قمعي معروف لا يعترف بالديمقراطية ولا في بلده انتخابات ولا حقوق انسان ويحتضن التكفير ويصدر الانتحاريين الى دول العالم ويتبنى التعصب ويشجع فتاوى الابادة والخطاب التكفيري، وتحتضن تلك القنوات الصحفيين الصداميين الهاربين من العراق وافراد المخابرات السابقين المطلوبين للقانون وتستعين بهم في تشكيل الملف الاعلامي الموجه ضد بلدهم، كما تقيم علاقات وثيقة مع بقايا دعاة الطائفية داخل العراق وخارجه و تجاهد في تلميع وجوههم وتدفع لهم الاموال الطائلة .
تهدف الحملة الاعلامية الى تشويه صورة القوى الوطنية العراقية التي تحضى بثقل في الشارع فتقوم تلك القنوات باستضافة المرشحين ولكن ليس من اجل تعريفهم للرأي العام بل من اجل احراجهم والتقليل من شأنهم وتوجيه الاهانات لهم والتعامل معهم بطريقة تشبه الاستجواب، فيما تنحاز الى مناوئي العملية السياسية وتظهرهم بمظهر الابطال وتمنحهم وقتا اطول للتحدث عن انفسهم ونشر اكاذيبهم و تصر على اثارة الخلافات بين المرشحين وتختلق الفضائح وتوحي عبر التعليق بوجود الصراع الطائفي .
هدف تلك القنوات بات معروفا بل كان متوقعا فهي تسعى عبثا لرسم صورة ايجابية لرموز الجريمة والقمع وصورة سيئة للقوى الوطنية، لاسيما الاسلامية، وتشتيت الاصوات المؤيدة لها، او اقناع المواطن العراقي بعدم المشاركة في الانتخابات وكونها عملية غير مجدية واصابته بالتشاؤم والاحباط، واقناع البعض من اجل التصويت لبقايا النظام البائد او لمن يمثلون مشاريع حكام المنطقة المشبوهين. اخطر ما في هذه المواجهة الاعلامية ان تلك القنوات تدفع الاموال الطائلة لبعض الوزارات العراقية والمؤسسات والمسؤولين للحصول على تقارير خاصة ووثائق واسرار تخص الدولة العراقية وتدخل ضمن مفردات امنها الوطني بما يخدم موجة الاعلام التخريبي، كما تحصل على تصريحات خاصة من وزراء ومدراء متعاونين معها يحققون لها سبقا اعلاميا ويحرمون من ذلك السبق القنوات العراقية، كما تتعمد اهانة الشعب ووصفه بإنه يصفق للحاكمين عبر العصور زاعمة ان الذين ايدوا نظام صدام يؤيدون اليوم النظام الديمقراطي الجديد. هذه الالاعيب تندرج ضمن جهود تبذل لاعادة البعث الصدامي وافشال العملية السياسية، لذا يبدو من البديهيات ان يسعى العراقيون حكومة وشعبا الى توحيد موقفهم لمواجهة الارهاب الاعلامي وحماية التجربة الوطنية، الحكومة اكثر قدرة على التصرف وبإمكانها اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة بحق كل مسؤول يتعاون مع القنوات المعادية مهما كان حجمه. ستفشل الحرب الاعلامية ويهزم اصحابها، ويجب ايقاظ طواغيت العروبة المزيفة واحاطتهم علما بأن ازمة العراق انتهت والحمد لله والايام المقبلة هي ايام محنتهم فلينظروا ماذا يصنعون، فقد اقبل عليهم البلاء وادبر عنهم الرخاء، وضربت الفتنة اطنابها حول عروشهم وما مكرهم الا نكد وايامهم الا عدد والعاقبة للمتقين .
|
|