إن "العهد" كان مسؤولا..؟!
|
عبد الرزاق السلطاني
رغم الجهود الكبيرة التي تقوم بها قوانا الوطنية التي تتبنى منهج الاعتدال والوسطية بتحديد المسارات التي تجمع وشائج المحبة بين المكونات العراقية، للمضي بالمشروع التغييري العراقي وما لازم البناء المؤسسي من تحديات ومؤامرات داخلية وخارجية في محاولة لاعادته لما قبل 2003، فلاتوجد ساحة تختلط فيها المواقف وترتبك فيها السياسات وتتغير فيها التحالفات والمواقف كما يحدث على الساحة العراقية، فقد حاولت بعض القوى المنضوية داخل التشكيلة الائتلافية التنصل عن الكثير من الوعود والتعهدات التي ألزمت نفسها بها للعمل تحت البرنامج الوطني وظلت أسيرة القرارات الخارجية التي لا تخدم البيئة العراقية.
فقد كشفت المراحل المتعاقبة زيف الشعارات، وأحد أركانها هو المناورة على أساس المبادئ والأخلاق السياسية مقابل الحصول على المزيد من المكاسب، وفعلت ذلك مرارا وتكرارا مما افقدها هيبتها، لتؤكد ان تلك الدعوات هي نتيجة الإخفاقات السياسية المتراكمة وغياب لحظة الحقيقة والنوايا الصادقة لبناء العراق الجديد، غير أن الحقيقة المثيرة للريبة والقلق في هذا الاطار هو استمرار الأخطاء الإستراتيجية التي نعتقد بضرورة اعادة قراءتها للواقع العراقي مع الاخذ بالاعتبار الكيفية التي يتم التعامل بها معها. فكل الدلائل تشير الى ان المشكلة المعقدة في العراق هي التصادم بشأن المصالح الحزبية الضيقة وفرض الاجندات الخارجية اذ يسعى البعض الى هدم كل معطيات العملية السياسية وارجاع العراق للمربع الاول الذي غادرناه من خلال ايجاد تكتيكات هدفها تفكيك الصف الوطني والالتفاف على الدستور، وهذا الكم من التجاذب السياسي والمفاهيمي القائم حاليا على حساب مصلحة الشعب العراقي، وهو لارباك العملية السياسية.
ومثل هذا التجاذب بنظرنا انما هو نتاج مناهج بنيوية تقليدية اعتمدت اسلوب القبول الكلي غير المشروط او الرفض الكلي غير المبرر، غير ان هؤلاء من انصاف الساسة يجب ان يعلموا انهم سيرثون بافكارهم الهدامة بقايا انسان ومجتمع ودولة مؤسسات، سيرثون وطنا مأزوما انهكته تجارب الدم والكوارث، فهل من الحكمة أن نقع مرة أخرى في فخ التجارب المتشظية؟ او ليس من الحكمة أن نتشارك لصناعة مركب بنيوي صالح وهادف ومتطور يساعدنا على انتاج تجارب وطنية تقبر كوارث التعويم والتبعية والتخلف التي نعتقد أن من اهم معطياتها ازمة الثقة التي ترتسم بصماتها على تحديد المواقف في حين أن العراق يعيش ظروفا استثنائية مما يجعل المسؤولية تتوزع نسبها على اكثر من ملف، فضلاً عن الموقف الاقليمي الضاغط على الشأن العراقي او بمعزل عن الجوار الاقليمي، مما اعطاها المسوغات بحسب فهمها لتفكر باتباع سياسة تترجم مصالحها على ضوء الواقع القائم، الامر الذي يتطلب صحوة وطنية لمنع تفكيك الصف الوطني ووضع خارطة طريق عراقية وطنية تحرك بوصلتها القوى الوطنية لغلق المنافذ امام الازدواجيين الانتهازيين العابثين بمشاعر الملايين من العراقيين.
|
|