من هو الداعية والقائد الرسالي؟
|
* حسين الخشيمي
في زمن التبست فيه الفتن ويصعب فيه تمييز الحق عن الباطل، نعاني فيه من الكثير... ازمات و صرعات و انحرافات، ومع الطلاق الذي حدث بين الانسان وربه، وبين الانسان وقائده الرباني الذي يوجهه نحو الطريق الاقوم والافضل. مع كل ذلك نرى من الضروري وتحجيماً لهذا الشتات الذي نعيشه على جميع الاصعدة، ان نبحث عن القيادة الاسلامية الرسالية التي بأمكانها قيادة المجتمع وفق تعاليم السماء المتمثلة بالقرآن واهل البيت عليهم السلام، تطبيقاً منّا لوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي آل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي ابدا).
وبالفعل ليس هناك من هو اولى بالقيادة من رسول الله وأهل بيته الاطهار صلوات الله عليهم اجمعين، فرسول الله الذي انقذ البشرية من الظلم والجبروت والاحكام الجاهلية، بدستور الله الخالد القرآن الكريم. وهذا امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام مكمل الرسالة بعد اخيه، الذي كانت مرحلة توليه السلطة من اهم المراحل التي شهد فيها الناس العدل والاحسان.
وتستمر رسالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأولاده عليهم السلام أبتدأً من الامام الحسين عليه السلام الى أمامنا القائم الحجة عجل الله فرجه الشريف الغائب عن الانظار الحاضر في القلوب.
والسؤال الذي يطرح نفسه بوضوح امامنا، من هو القائد الذي يجب ان نتبعه في زمن الغيبة ؟
لاشك ان القرآن الكريم والائمة المعصومين عليهم السلام وضعوا مميزات للقيادة الاصلح التي تنفع المجتمع، وهي القيادة الاسلامية الرسالية التي اثبتت جدارتها في قيادة الامم منذ زمن نبينا آدم عليه السلام ولغاية يومنا هذا.
في الحقيقة وجدت في تفسير (من هدى القرآن) لسماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي (دام ظله)، (سورة المدثر)، الصفات التي يجب ان يتصف بها الدعاة والقادة الرساليين. حيث يذكر سماحة المرجع خمس مميزات وهي كالتالي:
1- التكبير:
عندما يقوم الانسان المؤمن قائداً ومنذراً يواجه الكثير من العقبات والمشاكل والاشواك التي تملأ دربه فيصبح بين امرين:
الاول: الاستسلام والانهزام لهذه العقبات وهذا مخالف لمنهج القرآن الكريم وللرسول اهل بيته عليهم الصلاة والسلام، فقد حثّ القرآن على التصدى وقد ضحى ابناء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنفسم وأولادهم في سبيل النصر وعدم الانهزام.
الثاني: او التصدي والمواجهة بقوة وعزيمة بوسيلة ربانية وهو التكبير. الله اكبر.. هذه الكلمة التي كانت محور رسالة محمد وآل محمد صلى الله عليه واله، والتي تعني رسوخ الايمان والتوحيد في نفس المؤمن في وعيه وضميره. بمعنى أن يكبر القائد الرسالي في نفسه قبل لسانه، فالتكبير والتوحيد هما سر انتصار الشيعة الاوائل.
عن امير المؤمنين عليه السلام. (عظم الخالق في انفسهم فصغر مادونه في اعينهم). فبالتوحيد والتكبير تسقط كل اصنام النفس ويسعى القائد الرسالي لنشر الرسالة وخدمة رعيته.
2- التطهير:
الامر المهم الاخر الذي يجب توفره في القائد الرسالي هو طهارة المولد والنسب، رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان من اشرف العرب واطهرهم واولاده سلام الله عليهم اكتسبوا هذا الشرف منه.
ايضا يجب ان يختار الانسان الرسالي الزوجة الصالحة التي ستنجب له الذرية الصالحة لتصلح مستقبلا لقيادة الامة.
والطهارة هنا شاملة ايضاً لمظهر القائد والداعي الرسالي حيث يجب ان يهتم بمضهره الخارجي لكي لايكون عرضة للسخرية والنقد من قبل اعداء الرسالة الذين يبحثون عن نقاط الضعف.
3- هجر الرجز:
حب الدنيا رأس كل خطيئة، والرجز كلمة شاملة لكل المعاصي والذنوب التي اساسها حب هذه الدنيا الفانية، عندما يسعى القائد الى زيادة ثروته وترسيخ سلطته من اجل الدنيا والحصول على ملذاتها عند ذلك يكون (قائداً شيطانياً) لا (قائداً ربانياً) نقيض ماكان عليه رسول الله صلى الله عليه وآله الذي نذر عمره لرسالته ورعيته. فترك حب الدنيا والذات شرط اساسي ومهم جدا يجب ان يتوفر في القائد.
4- عدم التمنن:
يبدو لي ان الشعور بالتقصير هو وقود العمل والحركة تجاه الله عز وجل وتجاه الناس وتجاه النفس. ومهما عمل الانسان لن يوفي ربه الذي انعم عليه بكثير من النعم لحاجته الماسة والمستمرة الى خالقه، كذلك التمنن على الناس امر مذموم فعن امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام: "أياك والمن على رعيتك بأحسانك.. فان المن يبطل الاحسان"، وهل يحب الانسان ان يضيع اجره بمنه على الناس؟
فمن الضروري ان يعمل القائد وهدفه لله عز وجل دون تفاخر او تمنن على الله وعلى الناس.
5- الصبر والاستقامة:
لقد كان طريق الانبياء عليهم السلام طريقاً مليئ بالعقبات والاشواك من قبل اهل الباطل.. اعداء الرسل والرسالة وكان سر انتصارهم على اعدائهم وسموهم وارتفاع منازلهم عند الله هو الصبر والاستقامة، على القائد الرسالي ان يضع امام اعينه التسقيط والتحديات ممن يدعو الى الثقافات الدخيلة على الاسلام، الذين يدعون الى (الانزواء) وترك المجتمع. فالصبر والثبات لهما الدور الكبير في التغلب عليهم.
|
|