تتمة: رؤية جامعة أم (اهواء متشاكسة)
|
أن الحديث عن الخلل وتشخيص الاخطاء والزلل لايعني ابدا إنكارا او تنكرا للايجابيات التي حدثت في البلاد بعد التغيير، كنعمة الحرية وحق الناس في الانتخاب، وعملية سياسية (رغم بعض من المؤاخذات) تتسم بقدر يعتد به من الديمقراطية وتعبر عن ارادة ورأي الجماهير بعيدا عن الاستبداد والدكتاتورية .
ولكن مع ذلك لابد من المراجعة الواعية والمخلصة لصنع حركة اصلاح وترشيد مستمرة وحيوية في بنية المجتمع والدولة ونظمها في السياسة والأمن والثقافة والاقتصاد . إن ما وصلت إليه الدول المتقدمة التي سبقتنا ليس سحراً ولا هو ضربة حظ بقدر ما هو وضوح في الرؤية على مستوى التخطيط ودقة في المشروع على مستوى التنفيذ، فوصلوا إلى مراحل متقدمة في الإنجاز على أكثر من صعيد حتى تحول كل شيء عندهم إلى حالة أشبه بالإبداع خاصة إذا ما قورنت بما عندنا وعند دول ومجتمعات اخرى كثيرة، ولذلك تحولوا إلى أهل الخبرة والصناعة والعلم والمعرفة والقيادة بينما بقيت مجتمعاتنا بأنظمتها السياسية "تابعة" وفي أسوأ الحالات "خاضعة" او ضعيفة متخبطة..
لقد أثبتت الوقائع في عالم اليوم أن من يمتلك "رؤية" يستطيع أن يجد له مكاناً على الساحة العالمية، حتى أن العبرة ليست بالمساحات الجغرافية وليست بالتعداد السكاني مع أهمية ذلك في الحسابات السياسية والاقتصادية، ولكن العبرة ليست بذلك وإنما بما يمتلكه المجتمع من رؤية تحقق السبق في الميادين السياسية والاقتصادية والعلمية وتصنع الفارق على مستوى الحضور ، ولكن هذه "الرؤية" المطلوبة بحاجة إلى صناعة "جمعية" من خلال شراكة حقيقية يستطيع فيها جميع المواطنين و ليس الساسة والنخب فقط أن يلتقوا حول دائرة الوطن فيكمل بعضهم زاوية النظر والرؤية لجميع أطراف الدائرة الوطنية، وليس من خلال رؤية واحدة قد لا تستطيع أن تحيط بكل أطراف الدائرة ما يسبب حالة من الإرباك و"التدوير" و"التدويخ"، وكذلك ليس عبر (مصالح واهواء) متشاكسة لايُنتج اصحابها سوى الصراع بديلا عن التنافس والتكامل، فيبقى الوطن في كلا الحالتين يدور في فلك الأزمات التي تبدأ ولا تنتهي. والله من وراء القصد.
|
|