قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
المقال الافتتاحي
الإرتقاء الى الموضوع
محمد طاهر محمد
يكتسب الشعر الذي يقال بحق اهل البيت (ع) من المدائح والمراثي وبخاصة الشعر الحسيني اهمية خاصة كونه يمثل رؤية عقائدية تفصح عما يكنه الشاعر من ولاء وايمان. وبدخول الشاعر هذا الميدان يجعل القارئ يتأمل ما توحيه ألفاظ الشاعر وما تؤسسه من الحقائق التي يستمدها من السيرة العظيمة لأهل البيت (ع) وكذلك ما يستلهمه من الدروس والمبادئ السامية التي حفلت بها حياتهم (ع) والتي يفترض أن يقتدي بها الاجيال لبناء مستقبل مشرق. قبل الدخول في خضم هذا الموضوع هناك سؤال يطرح نفسه: وهو كيف يتناول الشاعر هذا الموضوع؟ في البداية؟ ما من شك في أن الشاعر عندما يتناول حياة أي واحد من هذه الشخصيات العظيمة فإنه يعيش في عالم زاخر بالمآثر وهو يقف أمام شخصية تجلّت فيها أنبل الصفات البشرية التي تكون حافزاً روحانياً تجعل الشاعر يعيش حالة السمو الروحي وهو يلج الى هذا المورد العذب ولكن هناك اعتبارات يجب على الشاعر الأخذ بها وهو يحاول الإبحار في هذا العالم القدسي ففي البداية يجب أن يكون الشاعر ملماً بتاريخ أهل البيت (ع) ومواقفهم العظيمة في الذود عن الاسلام فيعمل على توظيف هذه المواقف فكرياً واجتماعياً واخلاقياً وسياسياً في تأكيده على حقيقة الصراع بين قيم الخير التي جسدها أهل البيت (ع) وبين قيم الشر التي تجسدت في اعدائهم كما يجب على الشاعر أن يكون مؤهلاً لخوض هذا المضمار باستكمال أدواته الشعرية كاللغة والنحو والصياغة والاسلوب وغيرها فضلاً عن اختياره للألفاظ اللائقة والمناسبة وهناك مسألة على الشاعر أن يراعيها وهي اختياره للصورة الجميلة التي تؤسس لقصيدة تضيف شيئاً الى تجربته الأدبية بأن يولي اهتماماً بالتطور التاريخي الذي تدرج عليه شعراء أهل البيت الكبار كما أن هناك أمراً مهما يجب أن يأخذه الشاعر بنظر الاعتبار وهو يتعرض لحياة أهل البيت (ع) في شعره وهو أنهم (ع) وصلوا الى أعلى مستوى من البلاغة والفصاحة وخاصة أمير المؤمنين وسيد البلغاء والمتكلمين (ع) الذي يقول عنه: (وإنّا لأمراء الكلام وفينا تنشّبت عروقه وعلينا تهدّلت غصونه) وهذا ما يدعو الشاعر الى أن يكون متمكناً من لغته مجدداً في اسلوبه لكي يرتقي الى هذا الموضوع العظيم.