قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

ضرب الأطفال في البيت والمدرسة.. الخطأ وهواجس جيل المستقبل
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة تحقيق: نزار علي
لا تزال ظاهرة ضرب الأطفال من قبل الأبوين في البيت أو المعلمين في المدرسة؛ تعد من أكبر مشكلات العصر، وتشكّل عائقاً أمام نمو هذه الشريحة وتطلعاتها، نتيجة لتزايدها في مجتمعاتنا العربية والإسلامية وكذلك للآثار السلبية التي تتركها هذه الظاهرة على شخصية أبنائنا في الحاضر والمستقبل.
يلجأ الآباء أو الأخوة الكبار في أغلب الأوقات إلى استخدام عملية الضرب كحلّ لتأديب الأطفال وقليل من العائلات التي لا تلجأ الى العنف كطريقة لتربية الطفل، إذ بات العقاب هو الاسلوب الأمثل لردع الطفل من القيام بكل ما هو ممنوع في نظر تلك العوائل متناسية ما تتركه هذه الحالة من آثار سلبية على نفوسهم وأحياناً على أجسادهم في حالة الضرب القاسي أو العنف الشديد والتسبب بالعاهات والتشوهات لهم، والشواهد السلبية الموجودة في المجتمع كثيرة عن عواقب استخدام عملية الضرب لكل من الأولاد والبنات في البيت وكذلك في المدرسة والتي تسببت ظهور حالات مرض نفسية مثل فقدان الثقة بالنفس ونشوء عقدة الحقارة و النوبات العصبية وغيرها.
وفي المدرسة تتكرر الممارسات نفسها على الرغم من أن وزارة التربية قد منعت الضرب إلا أن العديد من المدارس تستخدم العصا لردع مشاكسات الأطفال وبعض التصرفات الطائشة ربما غير القصودة، داخل الصف والمدرسة، ولكن المدرسة كمؤسسة اجتماعية ينبغي ان تسهم في تنمية القدرات الاجتماعية والفردية للطفل ويجب أن تقلل من هذه الظاهرة، خاصة وقد أصبح معروفاً لدينا من خلال التعاليم الإسلامية والعلوم النفسية بأن الطفل يتعلم أمور كثيرة يستوعبها بالحب لأنه دافع للفعالية وبالطبع يختلف الأطفال في تحصيلهم الدراسي وهدوئهم في الصف مع ما يكتسبوه من آبائهم ومعلميهم.
ولمعرفة الأسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة وكيفية إيجاد الحلول الناجحة والبديلة لها التقت صحيفة (الهدى) بعدد من الباحثين الاجتماعيين والأكاديميين وكذلك المواطنين لمعرفة آرائهم إزاء هذه الظاهرة.
الباحث الاجتماعي الأستاذ (عبد الكريم العامري) أوضح لـ (الهدى) بأن استخدام العنف ضد الأطفال أسلوب مرفوض مهما كان نوعه كطريقة للتأديب والتربية وإنما على الوالدين في البيت وكذلك المعلمين في المدرسة أن يستخدموا طرق أخرى بديلة بعيداً عن العنف والضرب كأن يكون عن طريق الحوار والتكلّم معهم.
*ضعف الشخصية والانتقام من المجتمع
وأضاف قوله: ان هذه الظاهرة تتعارض مع إنسانية الطفل من جهة ولان نتائجه سلبية دائما وان كانت مجدية مؤقتا، فقد يؤدي إلى إيذاء الطفل جسديا أو نفسيا وفي كلتا الحالتين فانه خطأ تربوي فاضح ولذا يجب على الجميع الانتباه إلى هذه الحالة ومحاولة تصحيحها.
وأشار العامري الى ان العنف لا يؤدي إلا إلى العنف سواء عند الكبار أم عند الصغار ولذلك ننصح تربويا بعدم اللجوء إليه ولاسيما من قبل الوالدين حيث ينظر الطفل إلى والديه بوصفهما الملجأ الأمين له وعندما يتعرض للعنف والأذى منهما يفقد هذا الأمان ويتعرض لمشكلات نفسية وجسدية ولحالات من القلق والتوتر وعدم التركيز وكل ذلك يؤثر في نموه العام الجسدي والعقلي والنفسي، كما ان العنف يؤثر في حياة الطفل المستقبلية لان الإنسان الذي ينشأ ضعيفا لا شخصية له ولا ثقة له بنفسه ولا بالآخرين ولا يملك ما يكفي من التفاؤل، فانه لن يستطيع التكيف الاجتماعي ومن ثم يكون ناشزا في حياته، فإما أن يلجأ إلى العزلة والانطواء والانسحاب من المجتمع أو إلى إثبات ذاته بردود فعل عدائية تتسم بالعنف والمشاكسة وغيرها من السلوكيات المنحرفة اجتماعياً وأخلاقياً.
أما الأستاذ (حيدر حسنين الموسوي) بكالوريوس تربية وعلم نفس فقال، في الحقيقة إن مسألة ضرب الأطفال في المراحل العمرية الأولى لها تبعات سلبية على شخصياتهم حالياً ومستقبلياً، وتعتمد هذه الظاهرة على ثقافة الوالدين داخل البيت في منعها أو تزايدها، وتترك ظاهرة ضرب الطفل في واقع صعب يلجأ بسببه إلى أساليب خاطئة بعيدة عن مرأى ومسمع الوالدين.
وتابع قوله: نصيحتي للوالدين استخدام لغة الحوار داخل البيت لخلق مناخ إيجابي صالح في الأسرة ولغرس القيم الإسلامية الأصيلة والتنشئة الصحيحة فيهم، ومن ثم إنتاج جيل ناجح في تعامله الاجتماعي مع الناس والبيت بعد مرحلة الزواج وتكوين أسرة جديدة.
وأضاف قوله: تعد المدرسة المؤسسة التربوية الأولى المسؤولة عن تنشئة الطفل ويكون للمرشد التربوي الدور الفاعل والمؤثر في المراحل الدراسية لتوفير البيئة السليمة للتلميذ الصغير، وعكس ذلك يؤدي إلى كره الطالب للدرس وعدم حبه لإكمال سنوات المدرسة، وبالتأكيد فإن تعامل المعلم مع التلاميذ بعيداً عن الضرب هو المنهج الصحيح الذي يجب إتباعه في مدارسنا ليكون هنالك جيل يتمتع بالصحة النفسية والجسدية والاجتماعية ويستطيع ممارسة حياته الطبيعية كفرد فعال في المجتمع.
*توتّر الوالدين ليست مبرراً للضرب
من جهته بيّن المواطن (حسين الخفاجي) - أب لثلاثة أطفال-: إن التحادث السلمي مع شريحة الأطفال (الولد والبنت) بهدف تغيير سلوكهم من أفضل وسائل التأديب والتربية داخل البيت، ويجب الابتعاد عن عملية الضرب لأنه مؤذ جسدياً ونفسياً، وقال: أنا كأب أعتقد أن استخدام العنف البدني مثل الصفع على الوجه للسيطرة على تصرفات أبنائي الخاطئة هو خيار فاشل، لأنه بكل بساطة جزء مني ولا أرغب أن أكون سبباً لعاهة تحدث في جسده لمجرد تصاعد حالة العصبية، كما لا يمكن أن يكون التأديب لفظياً بكلمات جارحة وبذيئة، لأنني أسعى لتربية أبنائي تربية صحيحة مبنية على الأحاديث النبوية الشريفة ونصائح الأئمة الأطهار (عليهم السلام)".
أما المواطن (رسول ضايع) - أب لطفلين- فقال: أن ضرب الأطفال ظاهرة غير صحيحة، سواء أ كانت في البيت أم المدرسة، إنما يجب أن نقابل الطفل بالإرشاد والنصيحة في جميع تصرفاتهم لبناء شخصية سليمة تستطيع التواصل والتفاعل مع المجتمع.
وتابع قوله: هنالك عدد من الحالات المرضية والتشوّهات الجسدية التي تحدث نتيجة للضرب القاسي للأطفال من قبل ذويهم وفي أبسط الأمور وهذا ناتج عن خلفية شخصية الأب أو الأم، أو بسبب ضغوطات الحياة وغيرها، ولكن في كل الاحوال نحن ننصح الآباء والمربين داخل المدرسة بعدم استخدام الضرب وإنما التحاور أو استخدام أساليب أخرى مثل منح الدرجات أو الألعاب وغيرها.
بينما أوضحت المواطنة (وداد عباس) – معلمة- بأن التعامل مع الطفل والتربية ليست عشوائية ولا تأتي من فراغ، فالعنف يترك آثاره على نمو الطفل سواء أكان مقصوداً أم غير مقصود، وكثير من الأطفال يشاهدون في حياتهم حوادث مأساوية تترك أثراً سلبياً على حياتهم فكيف إذا وقع الأذى أو الاعتداء على الطفل نفسه وإن كثيراً من المجرمين تعرضوا لحوادث أو اعتداءات وهم صغار وتولدت عندهم فكرة الجريمة، ولذا فإن الطفولة هي المرحلة الضرورية لبناء الإنسان فلندعها تنضج برفق وبصورة صحيحة.