شهر رمضان و فرصة الشباب
|
*كريم الموسوي
عزيزي الشاب..! ماذا أعددت لنفسك في شهر رمضان المبارك؟ هذا الشهر العظيم الذي تُفَتَّح فيه أبواب الجنة، وتُغَلَّقُ أبواب النار، وتُقيد الشياطين بالسلاسل، وفيه يعتِقُ الله عباده الصالحين من النار.
هل عزمت فيه على التوبة؟ وهل قررت العودة والأوبة؟ وهل نويت التخلص من جميع المعاصي والمنكرات، وفتح صفحة جديدة مع ربِّ الأرض والسموات؟ وهل خططت لبرنامجك التعبدي اليومي في هذا الشهر؟ وبماذا ستستقبل أيامه ولياليه؟
أسئلة لا بد من الإجابة عليها بكل صدق وأمانة ومصارحة للنفس في ذلك حتى لا يدخل الشهر ويخرج بلا عبادة ولا طاعة، وتضيع أيامه وساعاته هباء منثوراً.
البداية بالتوبة
أخي الشاب...! لست أتهمُك بنصيحتي إياك أن تبدأ بالتوبة، فالتوبة هي بداية الطريق ونهايته، وهي المنزلة التي يفتقر إليها السائرون إلى الله في جميع مراحل سفرهم وهجرتهم إليه سبحانه. ومن منّا لا يذنب ولا يعصي ما عدا المعصومين، وربما يذنب الواحد منّا على حين غفلة، لذا فان التوبة طريق السائرين الى الله تعالى، وقد أوصانا نبينا الاكرم في خطبته الرمضانية: (توبوا اليه من ذنوبكم وارفعوا اليه ايديكم بالدعاء في اوقات صلواتكم فانها افضل الساعات ينظر الله عزّ وجلّ فيها بالرحمة الى عباده...).
ولما أمر الله عباده بالتوبة ناداهم باسم الإيمان فقال سبحانه: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (النور /31)، ونحن جميعاً نحمل ذنوبا وأخطاءً ومخالفات، فمن منا لا يخطئ؟ ومن منا لا يُذنب؟ ومن منا لا يعصي؟
والله سبحانه غفَّار الذنوب، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويفرح بتوبة التائبين وندم العصاة والمذنبين، ولذلك فقد جعل سبحانه للتوبة باباً من قِبَلِ المغرب عرضُه أربعون سنة، لا يُغْلِقُه حتى تطلع الشمس من مغربها.
والتوبة – أخي الشاب – أمر سهل ميسور، ليس فيه مشقة، ولا معاناة عمل، فهي امتناع وندم وعزم؛ امتناع عن الذنوب والمخالفات، وندم على اقترافها في الماضي، وعزم على عدم العودة إليها في المستقبل.
أهمية الوقت
أخي الشاب...! إذا ندمت على ما فات، وتركت المخالفات والذنوب في المستقبل، توجَّب عليك بعد ذلك الاهتمام بعمرك، وإصلاح وقتك الحاضر الذي بين ما مضى وما يُستقبل، فإنك إن أضعته أضَعْتَ سعادتك ونجاتك، وإن حفظته بما ذكرت نجوت وفُزْتَ بالراحة واللذة والنعيم.
ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قرية، ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل.
أخي الشاب... !
إن تجار الدنيا لا يألون جهداً، ولا يدّخرون وسعاً في اغتنام أي فرصة، وسلوك أيِّ سبيل يدرُّ عليهم الربح الكثير والمكسب الوفير، فلماذا لا تتاجر أنت مع الله ؟ فتسابق إلى الطاعات والأعمال الصالحات، لتفوز بالربح الوفير والثواب الجزيل منه سبحانه وتعالى .
و رمضان – أخي الشاب – من أعظم الفرص التي يجب أن يشمر لها المشمرون، ويَعُدَّ لها عُدَّتها المتقون، ولا يغفل عن اقتناصها المتيقظون، فهو شهر مغفرة الذنوب، والفوز بالجنة، والعتق من النيران، لمن سلم قلبه، واستقامت جوارحه، ولم يُضَيَّع وقته فيما يضرّ أو فيما لا يفيد .
خطوات نحو الرضوان
1- رمضان نعمة يجب شكرها:
تأمل – أخي الشاب – في الذين أدركهم الموتُ قبل دخول شهر رمضان، فقد انقطعت أعمالهم وطُويت صحائفهم، فلا يستطيعون اكتساب حسنة واحدة، ولا فعل معروف وإن كان يسيراً، أما أنت فقد مدّ الله في عمرك حتى أدركت هذا الشهر العظيم، وهيَّأك لاكتساب هذا الثواب وتلك الأجور. وهذا – والله – نعمة كبرى ينبغي شكرها.
2- تجنب جلسات اللهو:
أخي الشاب، إذا قضيت نهار شهر رمضان في النوم، وليله في السهر واللعب، حُرمت أجر الصيام والقيام، وخرجت من الشهر صفر اليدين، فهي - والله – أيام معدودة، وليال مشهودة، ما تُهل علينا إلا وقد آذنت بانصرام، فاجتهد فيها رحمك الله بالطاعة والعبادة تفز باللذة والنعيم غداً. يقول الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله في خطبته: (... هو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله وجعلتم فيه من اهل كرامة الله)، فهل يكون الضيف غافلاً او نائماً.
3- تلاوة القرآن الكريم:
(رمضان ربيع القرآن)، كما هو الحديث المأثور، فاجتهد رحمك الله في تلاوة القرآن في هذا الشهر، واقرأ بترتيل وتدبر وخشوع، والتزم بأحكام التلاوة ما استطعت.
4- الصدقة :
الصدقة في شهر رمضان لها مزية وفضيلة عن غيره من الشهور، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل رمضان أجود بالخير من الريح المرسلة، فاحرص على التصدُّق في هذا الشهر والجود بما عندك.
7- افطار الصائمين:
واحرص كذلك على المشاركة في افطار الصائمين في الموائد العامة إن تعذر القيام بذلك بمفردك، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله: (أيها الناس من أفطر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه، فقال أحدهم: يا رسول الله ! وليس كلنا يقدر على ذلك، فقال: اتقوا الله ولو بشق تمرة... اتقوا الله ولو بشربة ماء).
|
|