حاجتنا الى ثقافة التغيير
|
وبينما تدفع قيم الدين السامية الناس للسير والسعي في الأرض واقتحام آفاق السماء والبحث عن المعرفة والعلم "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ"، وبينما كانت فلسفة بعث الأنبياء عليهم السلام وأحد مهماتهم العظيمة هي استثارة عقول الناس وكما عبر عن ذلك الإمام علي حيث يقول في سياق حديثه عن هدف انبعاث الرسل عليهم السلام " ليستأدوهم ميثاق فطرته وليذكروهم منسي نعمته ويثيروا لهم دفائن العقول" وليس هذا فحسب فقد أشارت آيات القران الكريم تقريبا (250) مرة إلى دور التذكرة وهو دور عظيم في حياة البشر حتى سمي القران الكريم ذكرا كما سمي الرسول الأكرم محمد (ص) بالذكر حيث يقول ربنا عز وجل "وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ"، "وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ".
إننا بحاجة إلى أن نتبنى ثقافة التغيير التي تقوم بصياغة وعي تغييري يعزز ثقة الناس بأنفسهم وبقدراتهم وإمكانياتهم، ولكي نكون قادرين على ذلك تأتي الحاجة إلى تضحيات كبيرة لا بد من تقديمها تبدأ من حق الناس واحترام تطلعاتهم ورغباتهم ولا تنتهي عند حفظ الكرامات وحق الناس في الشراكة السياسية والاقتصادية والوطنية معنى ومضمونا لا شكلا وصورة، وهي أمور بحاجة إلى نقاش طويل وبحث مستمر، ولكن من سار على الدرب وصل.
إننا بحاجة للتغيير ولن نجد أفضل من شهر رمضان المبارك فرصة ذهبية لكي نبدأ من خلاله مناخا صالحا توفره لنا أجواء هذا الشهر الفضيل ولكن الأمر بحاجة إلى جدية وإرادة وتصميم وليس إلى مجرد أمنيات تراوح مكانها وإن ما يؤسف له أن يتم التعامل مع شهر رمضان المبارك بطريقة تقليدية أو يجعل منه مجرد "تراث" أو "فولكلور" من خلال تجميد الحركة والسعي والانجازات والاستعاضة عن ذلك بطريقة سلبية. فشهر رمضان المبارك هو شهر الانجازات العظيمة فمن خلاله استطاع المسلمون أن يحققوا انتصارهم الأول والمصيري على الكفار في غزوة بدر الكبرى وفي هذا الشهر الفضيل ليلة القدر العظيمة التي هي خير من ألف شهر وفيه أيضاً مولد الإمام الحسن بن علي ابن أبي طالب (ع) سبط الرسول الأكرم (ص) وفيه أيضاً شهادة إمام المتقين علي ابن أبي طالب (ع) وفيه الكثير من الأحداث التاريخية والمعرفية والتربوية التي هي بحق من الكنوز المعنوية والأخلاقية التي ينبغي أن نتوقف عندها ونتزود منها لكي نبدأ مسيرة التغيير نحو صياغة شعب ومجتمع وأمة الأمن والرفاه والعلم والفضيلة فهل نحن على استعداد لأن نكسب التحدي والرهان فنستعيد هويتنا من خلال شهر رمضان المبارك. نسأل الله أن نكون كذلك وكل شهر رمضان وأنتم بخير.
|
|