الأساءة للعقائد الدينية في جريدة (الصباح).. لمصلحة من؟
|
كريم الوائلي
المتابع لجريدة الصباح يجدها مثار جدل مستمر في الاوساط الاعلامية والثقافية ويرجع السبب في ذلك الى انها جريدة الدولة العراقية ويعول عليها في تعزير الاواصر الوطنية بين مكونات الشعب العراقي والابتعاد عن اثارة الفتنة والتحريض على الخلاف والتعرض الى عقائد العراقيين وعباداتهم وما درجوا عليه من قيّم في منظومتهم الثقافية الوطنية، لكن الغريب والمدهش ان تطلع علينا جريدة الصباح بين حين وآخر بتخريصات مقصودة ومكررة تستهدف النيل من اهلنا الذين عانوا من هذه الاساليب القهرية عقودا طوال ان لم تكن قرونا، ومن المفيد في هذا المقام ان نقتبس جزء من عمود نشر في الصباح في عددها 1904الثلاثاء 2 آذار 2010 تحت عنوان ((توضيح واعتذار )) الذي يوحي ان كاتبه يظن نفسه المبصر الوحيد على المائدة حيث انه ليس بتوضيح كما انه ليس بأعتذار وسنأتي على ذلك في السطور القادمة جاء في مقدمة العمود ((الاعتذار !! )) ما نصه (( واحدة من اكبر مشكلات الاعلام العراقي الجديد هو غياب المعايير التي تضع حدا بين اداء اعلامي مهني ومسؤول. . وآخر لا يعرف كيفيّة التصرف في ظل غياب المعايير، ليصيب مرة ويخطئ مرات ))، حسنا، في هذا الكلام الشئ الكثير من الصحة ولكن اين يكمن الخطأ ؟. من وجهة نظرنا المتواضعة، نعتقد ان شيوع البروباكندا في الثقافة العراقية هي التي سوقت كذبة مفادها ان الثقافة والاعلام حكراً على ((اليسار)) وعلى اساس هذه الكذبة يتناوب على جريدة ((الصباح )) عقليات مرهونة بشعارات الخمسينات من القرن الماضي، ومع شيوع الحرية في عصر العراق الجديد وسقوط الدكتاتورية يبدو ان البعض يريد ان يعيد ((امجاد)) لن تعود ابدا، وعلى الحكومة العراقية الحالية والقادمة ان تضمن حق الشعب العراقي في ممارست معتقداته التي حرم منها في الانظمة الدكتاتورية وان تصونها من التشويه والانتقاص ووضع المتجاوز تحت طائلة المسائلة القانونية وعلى المثقفين انفسهم تفنيد كذبة (الثقافة يسارية) احتراما واعترافا للثقافات الوطنية .. ووضع الثقافة والاعلام بمسؤولية الغالبية المضطهدة صاحبة المصلحة الاولى بالتغيير والحريصة على احترم عقائد الشعب العراقي بمختلف اجناسها وجذورها، ومن منطلق محايد وواقعي يجب الاعتراف بأن اليسار لم يجرأ على بناء نظام ديمقراطي حر على الرغم من تمتعهم بفرصة الظفر بالسلطة في العراق وذلك يعود في اسبابه الى ان بعضهم رفع شعار دكتاتورية البروليتارية وتبني مفهوم ((الديمقراطية المركزية)) في نظامه الداخلي وعلى ذلك لا يمكنه ان يقيم نظاما ديمقراطيا حرا كما هو عليه الان، كما ان اليسار القومي والذي سقطت نسخته العراقية عام 2003 كان يقيم نظاما عسكرتاريا دكتاتوريا قمعيا، ويروّج في ادبياته لنسخة معدلة من ((الديمقراطية المركزية)) مبنية على مبدأ ((نفّذ ثم ناقش )) وان الفضل الاول في قيام عراق ديمقراطي حر في عراق اليوم وتجذيره وضمان عدم التراجع عنه هو للاسلام .. وسوف تتذكر الاجيال والحكومات القادمة ان الاسلاميين الذين اساءت لهم جريدة الصباح في مقال سابق لنفس الكاتب تحت عنوان ((المثقف الروزخون )) هم من اقاموا المؤسسات الديمقراطية في العراق وهم من كتبوا الدستور واسسوا لدولة المواطنة العراقية ولجهاديتهم يعود الفضل في ردع القوى المضادة للنظام الديمقراطي على الرغم من تمتع تلك القوى بالدعم الامريكي والنظام العربي الشمولي بما يملك من قدرات والدليل الماثل على ذلك الانتخابات العامة الوطنية الاخيرة. وكان لكاتب مقال ((وقود الخرافة)) الذي يعد تخريصا خطيرا موجه بشكل مباشر الى الشيعة العراقيين، ان ((يستجوب)) التاريخ كما يحلو له ولكن ليس من على منبر الشعب العراقي المدفوع ثمنه من معاناتهم، واذا كانت كوابيس كافكا العنصري قد سوّغت للبعض احتقار الشعب العراقي ومعتقداته بهذه الطريقة فما عليهم إلاّ البحث عن شعب غيره ان ارادوا ذلك، واذا كان جادا في (( استجواب التاريخ)) على صفحات ((الصباح )) فالاولى ان يسأل نفسه والتاريخ عن هدر (75) عاما من النضال في العراق والذي افضى الى مقبرة ايديولوجية عالمية لاكبر منظومة دولية قهرية قمعية عرفها التاريخ، وليتذكر القائمون على اصدار جريدة ((الصباح )) حاليا ان صدام حسين قد سبقهم في الدعوة الى (( اعادة كتابة التاريخ )) ورصد الملايين من دولارات الشعب العراقي وعقد عشرات المؤتمرات والندوات فما كانت النتيجة !؟. وبالعودة الى ((اعتذار)) جريدة الصباح يجب ان نؤكد هنا على اعتراف الجريدة بما اسمته بالخطأ ولكن لا يمكننا ان نتفق معها بأنه ((خطأ غير مقصود )) وذلك لكثرة تخرصات كاتب المقال الذي سبق له ان نشر مسلسل من الخرافات منها مقال ((المثقف الروزخون)) وقبل ان اقول كلمتي في هذا المقال لابد ان اذكر بأن مفردة ((روزخون)) تعني ان الكاتب تعبوي – وبصريح القول – قد هاجم الشيعة ايضا وبأسلوب تعبوي تسقيطي وعلى ذلك فأن كل ما كتبه في مقاله السئ هو شتائم وتشويه وتسقيط قصدي موجهة الى الشيعة حصرا وهذا ما سوف يسّوغ للآخر - ومن منطلق الحرص على الثوابت الوطنية - الرد بالصراحة نفسها فنشدد هنا، دفاعا عن الحق والحقيقة، بأن التجربة العراقية علمتنا بأن الدكتاتورية لا تأتي الى العراق إلاّ ومعها اضطهاد الشيعة في المقام الاول واداتها في الاضطهاد تسفيه عقيدهم وعلى الطريقة نفسها التي تسوق بها (( الصباح )) مقالاتها الان، ومتى ما استتب الوضع للدكتاتورية وأمّنت وجودها حتى شملت الشعب العراقي كله بالقهر والاستبداد، واذا كان كاتب مقال ((وقود الخرافة)) تعوزه المعايير كما يقول كاتب ((اعتذار)) في جريدة الصباح فأن الشعب العراقي الذي اغفله كاتب الاعتذار لا شأن له بذلك انما هو خطأ من يصر على ادخال العناصر المؤدلجة للماضوية، واذا كانت سياسة المهنية للجريدة تقوم على تأهيل السلبي فأننا نختلف معها في التأهيل ونتفق معها في التغيير اذا حصل إلاّ اذا كانت جريدة ((الصباح )) مجيّرة لطاقمها، ولا نريد لجريدة الصباح ((معاقبة القائمين)) بالاساءة للاديان كما ورد في اعتذارها، لان ذلك سيكون من اختصاص القضاء كما اننا على يقين ان رئيس التحرير غير جاد بمعاقبة المسئ كونهما يكرعان من نفس الكأس، وهذا هو السبب الذي منع رئيس تحرير ((الصباح)) من كتابة اعتذار مذيّل بأسمه حسب ما تقتضيه خطورة الموضوع والسلوك المهني، بل، ان الاعتذار يجب ان يوجه الى الشعب العراقي بالاصالة عن رئيس التحرير اولا وعن مؤسسته ثانيا وان يطرد الموظف المسئ ويساعد العدالة على اجراء المسائلة القانونية معه بأعتبار ان الاساءة قد طالت اكثر من 20 مليون مواطن عراقي .
|
|