خيارات الناخب وقواعد سلوك المرشحين
|
جواد كاظم الخالصي
بادئ ذي بدء لدينا من اليقين الكامل ما يمكن أن نسير عليه وننتهج به وهو أن الله تعالى خلق الإنسان مخيّرا غير مسيّر .. وما لا يمكن أن نجانبه هو أن الله تعالى أعطى كرامة للإنسان فاقت جميع المخلوقات ولذلك كان أمر الله سبحانه الى جميع الملائكة الذين خلقهم قبل آدم عليه السلام بأن يسجدوا له وهو دليل على الكرامة فسجدوا جميعا إلا إبليس الذي عصى وشذ عن الآخرين ولذلك هو يرافق الإنسان المخيّر في جميع أفعاله في الدنيا وسيأتي ذكره في سياق الحديث بما يخص موضوعنا، فهذه المَلَكة التي أودعها رب العزة في روحية البشر لا بد أن يستخدمها هذا الإنسان بواقعها الصحيح ووفق منطلقات عقله السليم وتفكيره الثابت القوي الذي لا يمكن أن يتزعزع لمجرد سقوطه تحت الإغراء والمثوبات التي قد تصله من هنا أو هنالك فيكون عبدا لتلك الإغراءات .. وفي النهاية سيخسر تلك الكرامة التي منحها إياه الخالق بثوابتها الكاملة كي يشق الانسان طريقة بالشكل الصحيح في هذه الحياة الوعرة بالكثير من الابتلاءات والساحرة لعيون من يعبد هواه ليترك عقله جانبا بعيدا عن التفكير الصحيح والسليم .
من المؤكد أن الشعوب التي تتوجه في عبادتها الى الله تعالى ومنها الشعب العراقي لا بد أن تمر عليه المحن والسليم عقلا من يخرج منها سليما لرجاحة التفكير واختيار الهدف وسلوك الطريق الصحيح .ما أود قوله في هذه السطور هو واقع الناخب العراقي الذي يتجه الى ممارسة الانتخابات البرلمانية التي تعتبر في القياسات العامة الاجتماعية مسؤولية ذاتية ربما لا يُعرْها البعض أهمية بقدر ما يلهو في صراع العيش في حياته اليومية ولكن هذا ليس بالأمر الصحيح عندما يكون الاختيار لمن يمثلك في البرلمان ويتحدث عنك بكل ما يمس حياتك العملية والاجتماعية والقانونية والاقتصادية والسياسية وفي النهاية عيشك على تراب هذا الوطن .. لأنك ستكون مسؤولا عن إعطاءك الصوت الى من تريد أن تأتمنه على هذا التراب وهل هو قادر على حمايته أم لا سيكون قادرا على التفريط به ،، ولذلك لا بد لنا أن نفهم ونعي حالة مهمة جدا وهي أن لا يتمكن الشيطان الذي تحدثنا عنه أعلاه كونه سيتمكن منك لمجرد ضعفك واندفاعك الى الوقوع في لذاته وشهواته عندما يعرضون دنانير ودولارات بالية قد لا تسعفك أكثر من فترة بسيطة من الزمن وستعود الى واقع الضيم والألم والمعاناة من هذا المرشح او المسؤول والحاكم الذي يحمل أجندة تغاير ما تذهب إليه أنت وربما تؤذيك في الوهلة الأولى فكيف بمعاناة أربع سنوات شِداد عجاف لا يمكن احتمالها خصوصا والحال الذي يعيشه الكثير أوضح من كلام الخيال.
أنا هنا لا أقول بأن نسبة من الشعب العراقي تصطبغ بروحية بيع الضمير والكرامة ،، حاشا لله وألف حاشا لأنني أعرف غالبية أهلي الكرام في بلدي وأعرف عفة القوم التي يعيشونها، ولكن الساحة لا تخلو، لأن هنالك سلوك المرشحين الذي يقلق البال ومن اليقين نقول أن هنالك من سيدفع الأموال للناس ويصرف عليهم الأموال بطرق مختلفة دون أن يحسّوا بالتقليل من شأنهم والإساءة الى كرامتهم، وعليه فإن سلوك المرشحين ليس نبويا ولا سلوكا يحمل عصمة الأنبياء والأئمة المعصومين، وفيهم من هو قادر على تجاوز كل ما يتعلق بكرامته لأن المهم عنده الوصول الى مسعاه وهو التربّع على كرسي البرلمان أو الى ما هو أبعد من ذلك كوزارة أو غيرها، ولذلك لا يمكن لأحد أن يكون تابعا لهذا أو ذاك وإنما هو يحدد من يدخل ومن لا يدخل تحت قبة البرلمان لأن البقاء تحت وجع التبعية والانجرار وراء الآخرين يجعل منا عبيدا لهم عندما يكونوا هؤلاء من الفاسدين .. ولا أعتقد أو أرى من قريب أو بعيد أن المواطن العراقي خلق ليعيش هكذا وإنما أينما تجد العراقي تجد معه الفكر والفهم لواقع الأمور وإصرار على العيش بعز وصبر وتحمل، لكنها جملة صغيرة لتذكير نفسي وغيري من أهل العراق الذين لا بد لهم أن يرسموا هم طريقهم الصحيح في بناء الدولة العراقية الصحيحة القائمة على أسس القانون والمبادئ الدستورية دون أن نتوكأ على عصى الآخرين ..
الساحة السياسية مليئة بالتيارات والأحزاب السياسية ومليئة كذلك بالشخصيات السياسية التي توالدت بكثرة .. ومنها من لم يكن معروفا قبل هذا التاريخ في خوضه عالم السياسة أو المواجهة من اجل الحريات، ولكن الفعل والأداء السياسي لكل واحد من هؤلاء أفرز نوعا من الفهم الحقيقي لكل سياسي منهم وأعطانا من هو الحريص على هذا البلد وعلى مواطنيه وعلى موارده وعلى بروزه كدولة قوية وسط هذا العالم وسياساته المتفاوتة كما ظهر في نفس الوقت من هو العابث في أمن البلد والسارق للمال العام ومن هو الذي يتآمر على هذا العراق وعلى وحدته وعلى شعبه، ولا بد للناخب أن يفرز ويدقق في سلوك المرشّحين دون أن يمر الخداع الذي يعتمده البعض .. وحسبي بأهلي أنهم واعون لما حولهم وسيتخذون القرار الصحيح بعيدا عن الشعارات والهرج والمرج ..
|
|