من ((كاميرون)) الى العراق
الـ (كأس) أم تشكيل الحكومة؟
|
حسن الحسني
مع بدء مباريات كأس العالم لعام 2010 في جنوب افريقيا واصطفاف الفرق في مجموعات، أخذ الإعلام الرياضي يوجه عدسته من تخوم أوربا البيضاء الى عمق القارة السوداء حيث الفرق المتميزة في كرة القدم.. كنت أعدد الفرق الافريقية، منها الكاميرون..
- فقال لي زميلي: هذه الأيام تركت السياسة وذهبت الى عالم الرياضة؟
- فقلت: وهل فصلوا (الرَّبُع) بين السياسة والرياضة بل والتجارة، بحيث أخذ يباع كارت مشاهدة المباريات بأكثر من مائة دولار.
- قال (ساخراً): بالتأكيد، بل المهم أن يفصلوا بين (الدين) والسياسة والرياضة والاقتصاد..!!
- قلت: لقد استوقفني (كاميرون).
- قال: فريق الكاميرون ومجموعته..؟!
- قلت: وهل هناك فرق! بين..
- قال (مقاطعاً): قصدك بين ماذا وماذا؟
- قلت له: دولة الكاميرون – الأفريقية المتخلفة – وصلت الى النهائيات للمشاركة في مباريات كأس العالم، كذلك السيد (كاميرون) تأهل وأهل شعبه..
- قال: من (كاميرون) وهل هو شخص أو دولة أفريقية؟
- قلت: مع الأسف، رجل لدولة أروبية عتيدة.
- قال: تقصد السيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا الجديد!
- قلت: أو لم يصل هو الى الكأس في تشكيل الحكومة وفريقه الرياضي الى الكأس في مباريات كرة القدم؟!
- قال: مفارقة جميلة، وصدقت، فأما نحن فكما يقول المثل العراقي: (لا حظت برجيلها ولا خذت...)!
- قلت: لا أريد أن اثبط معنوياتك ومعنويات شعبنا..
- قال (مقاطعاً): ولكن ألم يقل الإمام علي (ع): (كيفما تكونوا يولّ عليكم)؟
- قلت: هذا صحيح وصدق أمير المؤمنين (ع) وهي حكمة وسنة إلهية على الصعيد الاجتماعي والسياسي.
- قال: أتساءل؛ لماذا خلال ثلاثة أيام يحسم أمر تشكيل حكومة بريطانيا ولم يحسم أمر حكومة العراق وقد مضى عليها ثلاثة أشهر؟
- قلت: إن السيد (ديفيد كاميرون) شكل الحكومة في بريطانيا ليس لعبقرية خاصة به، بل لعبقرية زملائه في العملية السياسية، فإن السيد (براون) خصمه السياسي عندما عرف أنه يصعب عليه تشكيل الحكومة إنسحب وحافظ على (ماء وجهه) وفسح المجال للسيد كاميرون.
- قال: تحدثت عن (ماء وجه) السيد براون.. ماذا تقصد؟
- قلت: إن حزبي العمال والمحافظين حزبان عريقان في الساحة البريطانية، ولهما تاريخ كبير، فالشعب البريطاني في فرص كهذه يراقب هذين الحزبين بشكل مفرط، فإذا احس الشعب البريطاني إن الحزبين تحولا الى أحزاب للسيطرة والهيمنة والاستئثار حينها يسقطان في أعين الناس، ولهذا فأقول: إن الذي فاز في انتخابات بريطانيا هما السيد براون وكاميرون معاً أمام أنظار الشعب.
- قال: تعرف ان تجربة العراق فتية في الديمقراطية ولا يمكن قياسها مع بريطانيا.
- قلت (مقاطعاً): هذا صحيح، ولكن أين نحن من هذه القاعدة الناجحة: (القيادي والمدير الناجح يبدأ مما انتهى إليه الآخرون) ثم ما أكثر الأحاديث الشريفة بشأن ضرورة أخذ (العبرة) من الآخرين وقراءة التاريخ.
- قال: بالتالي من الذي سيفوز: بريطانيا أم الكاميرون؟!
- قلت: لقد ربح (كاميرون) بريطانيا سياسياً ورياضياً وتقدمت (الكاميرون) الافريقية رياضياً أما نحن.. (كيفما تكونوا يولّ عليكم)!!.
|
|