الشعب يُريد.. ( خدمات ) و (اصلاح) الاداء الحكومي والبرلماني في العراق
تظاهرات (مطلبية) في المحافظات و(كارت اصفر) للمسؤولين
|
لاتزال مناطق مختلفة في جميع محافظات البلاد ، تشهد منذ اسابيع، تظاهرات شعبية سلمية يوميا للاحتجاج على سوء ونقص الخدمات ، والبطالة والفساد والفقر والغلاء وغير ذلك . فضلاً عن عموم المواطنين ، باتت المحافظات تشهد وقفات احتجاجية مطلبية للموظفين والعمال والإداريين والنقابيين. و طالب متظاهرون في بعض المناطق بعزل رؤساء واعضاء المجالس البلدية. فيما رفع متظاهرون في بغداد نعشا رمزياً للخدمات، بينما رفع متظاهرون في البصرة وفي تعبير رمزي وعلى طريقة الحكام في كرة القدم ، (كارتات صفر) قالوا انهم يوجهونها للمسؤولين كأنذار وتحذير، متمنين ان لايصل الامر لاحقا الى اشهار (الكارت الاحمر).
في غضون ذلك دعا السيد مقتدى الصدر ، الاثنين ، في بيان صادر عن مكتبه في النجف الاشرف تلقت (الهدى) نسخة منه، إلى "التظاهر ضد الاحتلال ونقص الخدمات" مشيرا إلى أهمية أن يكون التظاهر "سلميا، وبمشاركة مفتوحة من أوسع الجهات، مع ضرورة حقن الدم العراقي". وقال إن "التظاهرات لا بد منها، لأنها ستعبر عن رد فعل المظلوم ضد الظالم"، وبشأن موعد خروج التظاهرات، قال البيان" لا بأس من جعل موعد محدد لتلك التظاهرة التي يجب أن تكون مليونية، ولو لفترة معتد بها، حتى تكون حافزا للحكومة على تقديم الخدمات".من جانبه أكد النائب عن كتلة الاحرار، كاظم الصيادي، ان التظاهرات التي دعا اليها الصدر، هي "خطوة أولى نحو الوفاء بالوعود التي قطعت للمواطنين للنهوض بالواقع الخدمي"، ونقلت وكالة السومرية عنه قوله ان هذه المظاهرات "ستعطي ثمارها بالفترة المقبلة".وان الدعوة هي دعا "إلى تظاهرات سلمية، من اجل توفير الاحتياجات الضرورية للشعب العراقي الذي يعاني من سوء الخدمات، والتي ادعت الحكومات السابقة توفيرها له"، داعيا الحكومة ، الى"الإيفاء بكافة الوعود التي قطعتها للناس".
وشهدت بغداد ومحافظات الجنوب والوسط، ونينوى وكركوك، خلال الايام الماضية، احتجاجات على سوء الخدمات المقدمة للمواطنين، محملة الحكومة والبرلمان ومجالس المحافظات ، والكتل السياسية ، مسؤولية تردي واقع الخدمات، فيما طالبت البرلمان بالعمل على تخفيض رواتب أعضائه والمسؤولين في الحكومة، والقضاء على الفساد الإداري في الدوائر والمؤسسات الحكومية، كما احتجت على نقص مواد البطاقة التموينية، وتردي الكهرباء.
في السياق، يقول نواب ومصادر اعلامية إن راتب عضو البرلمان مع مخصصات حمايته الخاصة يصل إلى 34 مليون دينار عراقي أي ما يعادل 28 ألف دولار أميركي شهريا. فضلا عن رواتب وامتيازات الرئاسات الثلاث والوزراء وكبار المسؤولين في الدولة . بحيث تصل المنافع الاجتماعية لكل عضو من أعضاء الرئاسات الثلاث شهريا إلى 80 مليون دينار عراقي أي ما يعادل 75 ألف دولار أميركي. مايشكل بالمجمل اموالاً ضخمة جدا ترهق ميزانية البلاد ، في ظل اوضاع معاشية صعبة تعيشها شرائح اجتماعية واسعة ، وسوء ونقص كبير في الخدمات.
وفي الوقت الذي حاول فيه بعض النواب والمحللين ربط هذه الموجة من الاحتجاجات بما يجري في بعض البلدان العربية كمصر التي اسفرت التظاهرات على مدى 18 يوما عن خلع الرئيس مبارك واسقاط نظامه ، وهي التظاهرات التي بدأت بشعارات تنادي بمطالب معاشية واصلاحات،من ثم تطور المطلب الى (رحيل) مبارك، ومن ثم الى شعار:" الشعب يريد اسقاط النظام". الا أن الوضع في الشارع العراقي يبدو مغايرا تماما ، وإن حاول البعض مقارنته بمصر وتونس وربما متمنيا الدفع به الى ماوصلت اليه الامور هناك. ، غير أن البلد الذي تنمو فيه شيئا فشيئا العملية الديمقراطية وتجربة الانتخابات، لايشعر معظم ابناؤه انهم مظطرون الى الذهاب الى هذا المنحى ، وأن التظاهرات التي يقومون بها انما هي (مطلبية) ومشروعة ، تنطلق من دوافع مختلفة تماما ، ويتعلق بالتحديد بالأداء الحكومي والبرلماني والمجالس المحلية، ومستوى الخدمات، و(اصلاح) مسيرة واداء العمل الحكومي والبرلماني، بخلاف الغضب في البلدان العربية الناجم عن عدم شرعية أنظمتها السياسية وتهالكها.
وفي هذا السياق قال النائب عن التحالف الوطني بهاء جمال الدين، إن "ما يشهده العالم العربي من احتجاجات ومطالبات بالتغيير السياسي لا ينطبق على الراهن العراقي لأنه بخلاف ما تعيشه دول المنطقة من انظمة سياسية غير ديمقراطية تعتمد الحكم بالوراثة او بالانقلابات التي لا تتفاعل معها الشعوب، فان الوضع في العراق مختلف والاحتجاجات تنصب على تحسين الخدمات".ورأى أن "التظاهرات التي خرج بها المواطنون في بعض مناطق بغداد وعدد من المحافظات تتركز على توفير الخدمات وتحسين الواقع المعيشي ودفع التعويضات وهي تجري في اطار حرية التعبير كحق دستوري، وهذا لا يعني المطالبة بتغيير النظام السياسي والدستور".
وسرعان ما وصلت صور وهتافات التظاهرات والمطالب الشعبية الى ابصار و اسماع المسؤولين والنواب و دوائر القرار في بغداد، والمحافظات، فأعلنت عن قرارات وخطوات معينة كالدعوة لاصدار قانون بخفض رواتب كبار المسؤولين والنواب. وفي ظل هذه الاجواء جاءت خطوة رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي بإعلانه تخفيض راتبه الى النصف ، فيما اعلن أنَ المجلس خصصَ ملبغ 15 الف دينار لكل فرد عراقي توزع نقداً تعويضا عن عدم تسلم مفردات البطاقة التموينية والنقص فيها ، كما اعلن عن نيته عدم الترشح مرة ثالثة في المستقبل لرئاسة الحكومة على الرغم من عدم وجود نص دستوري يمنع ذلك. كما تبع المالكي في الاعلان تخفيض راتبه، رئيس الجمهورية جلال طالباني الذي دعا الى تخفيض جميع موظفي رئاسة الجمهورية. و أعرب رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي، عن توقعه بأن تخرج تظاهرات في الشارع العراقي كما في بعض الدول العربية، مؤكدا أن بعضها قد يكون مسيسا و"بدفع من بعض الجهات" دون اعطاء تفاصيل اوتوضيح بهذا الشأن، معتبرا أن " التظاهرات ستكون بعضها حقيقية بسبب نقص الخدمات فيما سيكون البعض الآخر بتوجيه ودعم من بعض الجهات". حسب قوله. وأكد على "ضرورة أن نراعي تلك التظاهرات، وأن يكون التعامل معها بحكمة، ليس كما حدث في بعض الدول"، مشيرا إلى أنه "ربما تكون بعض المطالب يمكن تحقيقها، وربما يكون البعض الآخر غير ممكن أن يتحقق في الوقت الحاضر".
من جانبهم رفض خطباء الجمعة في عدد من المحافظات، بالاضافة الى نواب وسياسيين ومواطنين، اسلوب الاتهام والتشكيك الذي ينتهجه بعض الساسة والمسؤولين والنواب، تجاه المظاهرات، من خلالها تصويرها على انها مسيسة وجهوية. مطالبين الحكومة والبرلمان بالسعي لتحقيق مطالب الناس المشروعة بدلا التشكيك بالدوافع، والقاء التبريرات واعطاء الوعود المتكررة. وفي البصرة قال وكيل المحافظ الاداري، نزار الجابري، ان القانون العراقي أجاز الحق في التظاهر والتعبير عن الرأي، وللبصريين باع طويل في ممارسة الديمقراطية وسنسعى الى تلبية مطالبهم التي أعلنوها في تظاهراتهم ، مبينا أن المطالب تتركز على تحسين الكهرباء والخدمات والبطاقة التميونية وفرص العمل.وأوضح الجابري، في حديث للصحفيين ان حكومة البصرة المحلية شكلت لجنة للتفاوض مع المتظاهرين والتحاور معهم، ونحن متفهمون لكل مطاليبهم وهي في اغلبها مطالب مشروعة. وأضاف ان مطالب المتظاهرين تركزت في تحسين الكهرباء والتحسب من انقطاعها في الصيف القادم، وتأمين مفردات البطاقة التموينية، ومعالجة البطالة، الى جانب التحقيق في هروب متهمين بالارهاب من احد سجون البصرة، فضلا عن المطالبة برفع نسبة المحافظة من الرسوم الجمركية في المنافذ الحدودية و متابعة ملفات السجناء العراقيين في السعودية، ومناقشة ملفات الفساد الاداري.
|
|