قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

الشعائر .. جوهر وإطار
الحسيني
يومين فقط ويحل علينا شهر محرم الحرام، حيث نعيش في رحاب عاشوراء النهضة، ونجتمع في كربلاء او غيرها من الارض،على نهر الحسين عليه السلام المتدفق من إعماق الزمان والمكان، بل من عالم الغيب، والشهود، بالقيم والفضائل والاخلاق والمكارم والانسانية، والغيرة على الدين، ورفض الظلم والباطل والطغيان والانحرافات، بكل الوانها واشكالها أنى كانت.. ولنحاول أن نستلهم من كل ذلك بإذن الله تعالى، وبعزم وارادة منا جميعا، دواء لامراضنا وعللنا التي يعاني منها مجتمعنا، وعلى مختلف الصعد، أجتماعيا وسياسيا واخلاقيا وثقافيا.. ومن هنا ننطلق لنذكر ونقول أن وراء كل شعيرة دينية قيمة، هي جوهرها، ولكل شعيرة مظهر هو إطارها الخارجي، والذين يعظمون شعائر الله هم أولئك الذين يعبرون من مظهر الشعيرة وإطارها إلى جوهرها وقيمتها. والتقوى بالنسبة إلى الشعائر هي القيمة العليا واساس كل القيم الأخرى ،"ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب". ومن الطبيعي أن لا يعي "البعض" من الشعائر الدينية إلا مظهرها ولا يدرك منها إلا إطارها الخارجي، الأمر الذي يجعل الشعائر، بالنسبة لهؤلاء، مفرغة من محتواها المتمثل في التقوى، فتكون أقرب إلى العادة والتقليد الإجتماعي منها إلى الدين. فالصلاة مثلا، عندما تكون رياء وعندما لا تنهي عن الفحشاء والمنكر، فإنها لا تكون صلاة، ولا ينال صاحبها إلا الوعيد والويل والثبور (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون). والصوم لا يكون صوما، إذا ما تخلف عنه عنصر التقوى، وما لم يكن صوما بالجوارح والوجدان معا، فإنه لا يعود على الصائم إلا بالجوع والعطش (رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش). وقد يكون القرآن لعنة على تاليه، وحجة على قارئه، لا يزيده إلا ضلالا (رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه).
والشعائر الحسينية هي الأخرى شكل ومضمون، جوهر وإطار، تماما كالصلاة والصوم وتلاوة القرآن، فعلينا ـ ومع توسيع ونشر المراسم أكثر وأكثر والتمسك بها وعدم السماح للمغرضين بالمساس بها و محاولة ضربها وتحجيمها بحجج واهية قد تأخذ أحيانا "لبوس" النصح والحرص وحتى أحيانا مظهر "الدفاع " عن القضية والنهضة الحسينية؟! ـ علينا التأكيد أكثر على ضرورة أخذ العبر والدروس من النهضة الحسينية والاستفادة من إقامة الشعائر المقدسة لتحويل مضامينها واهدافها الى ثمار في حياتنا المعاشة، الخاصة على مستوى الافراد، والعامة على مستوى المجتمع عموما، وإلاّ فإن من يتمسك منها بالشكل والإطار فقط دون أن يأبه بالجوهر والمضمون، فلن يكون حاله بأفضل من حال أولئك الذين خذلوا أبا عبد الله الحسين (عليه السلام)، وبذلوا الدموع فيما بعد وكان حريا بهم أن يبذلوا الدماء في نصرته. وعندما تكون شعائر عاشوراء (حسينية بحق) فإنها ستكون رافدا لدماء الشهداء، وتكون الدموع التي تذرفها المآقي، مواساة للإمام السجاد والعقيلة زينب (عليهما السلام)، وهكذا تبقى النهضة الحسينية في تواصل، وكذا يكون حسينيا كل من يعظم شعائر عاشوراء.