قسم: الاول | قبل بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

متى تتوقف مشاريع (التنفيع) ؟!
يوسف شهاب
أشعر بالألم والأسى، وهو شعور كثيرين بكل تأكيد، على أوضاعنا التي نجتر القهر من ورائها ليل نهار، ونحن بلد لا تكاد مساحته تصل إلى مساحة احدى المقاطعات الهندية، أو الصينية، وتعداد سكانه لا يصل إلى ربع سكان دولة آسيوية، ومشاكلنا اكثر من مساحتنا، ومصروفاتنا وفسادنا المالي والاداري ، يفوق مصروفات وفساد دولة عظمى، أو نامية سكانها يصل إلى مئات الملايين. سنوات ونحن نتابع على سبيا المثال مسلسل وضع (حجر الاساس) لمشاريع حكومية واسثمارية هنا وهناك، ولكنها تبدو في الحقيقة وكأنها وضع (طابوكة الموت) وليس حنى مرمرة علة قبر! وهكذا مسلسل حفريات الشوارع والارصفة، واسطوانة عمال يشتغلون.. ونأسف للإزعاج.. ونعمل لخدمتكم، ومازلنا نرى هذا المسلسل الذي استهلك مليارات الدولة ولايزال، من دون ان نعرف حتى نرى الحلقة الاخيرة، ويظهر لنا البطل الغامض في هذه المآسي التي تعيشها شوارعنا ومشاريعنا المختلفة.
شوارعنا ترى أحدها اليوم في حال حفر وتبليط و أرصفة ملونة ومقرنصات بألوان واشكال ، ثم تأتي في اليوم التالي لتجد معاول الهدم، وقد دمرت هذا الشارع وذاك الرصيف، وأقامت المتاريس والاتجاهات الجبرية والطرق الفرعية تحت اسطوانة التوسعة أو التجديد او بناء مجسر او مد انابيب، رغم ان الشارع والرصيف لم يمض عليه اشهر او سنة على ابعد تقدير ومسلسل الفوضى ةالهدر في المال العام وغياب التخطيط لا يتوقف ليصل إلى المشاريع التي تنفق عليها الدولة مئات الملايين، رغم أنها في دولة أخرى لا تصل التكلفة فيها إلى عشرات الملايين، هذا غير النهب من دون حسيب ولا رقيب.. ولا عزاء للميزانية.
من المسؤول عن هذه الفوضى، وإلى متى ونحن نمارس سياسة (التنفيع) ثم وإلى متى تبقى شوارعنا في حالة من البؤس والحفريات المتواصلة التي لا تتوقف، مادام انبوب النفط فيه قطرة نفط، متى ننهي هذه المهازل وندرك أن الأمر يجب ايقافه، لماذا لا يحاسب من يعبث وييفسد ويهدر الميزانيات في هذه المسلسلات المقرفة من الحفريات والتوسعات التي كان يجب أصلا وضعها بالاعتبار مسبقا، حتى تتم محاسبة من يعبث في ميزانيات المشاريع او يهدرها بقلة كفاءته وعدم علمه وتخطيطه، وليشعر كل فاسد ا لا ضمير له سواء اكان مسؤولا في الدولة او مقاولا او شركة، ان الفلس الحرام سيكون نارا حامية في بطنه يوم الحساب. مؤسف ومؤلم هذا الذي نراه في مشاريعنا العامة، وكأننا بلد عاجز عن معالجة أوضاعه، وايقاف هذا الهدر المالي الذي لا نعرف متى يتوقف. نعم، ليست الأموال من جيوبنا، لكننا ايضا نشعر ان الذي يحدث هو جريمة في حق الشعب والبلد، وفي حق الاجيال القادمة التي سوف لا تذكرنا بالخير، حين تكتشف صور هذا التنفيع بالمشاريع التي لا تنتهي، حتى وان كانت غير ذات أهمية في نظر البعض.