المرجع المُدرّسي"دام ظله" متحدثا عن عطاء جيل من العلماء وتضحياتهم و"غربتهم" في المجتمع !:
ثقافة الإقدام والوحدة والعطاء والتحدي هي التي تصوغ الانسان وتبني المجتمعات
|
هذا القرآن الكريم بين أيدينا فلماذا نحن مشتتون وكيف نعيش مع هذا النور" في ظلام" ؟!
الهدى/ كربلاء المقدسة:
(( لماذا تقع الحادثة الواحدة على أمة من الناس وشعب من الشعوب أو مجتمع من المجتمعات فتكون لها آثار إيجابية، فيحولون بلدهم الى بلد قوي ، بل يبدأون مسيرة الحضارة، وكثير من حضارات العالم بدأت من ظروف قاسية مر بها الناس، بينما ذات الحادثة تقع على آخرين فإذا بهم ينهارون ويتراجعون ويتشتتون)). بهذا التسآؤل استهل سماحة المرجع المُدرّسي"دام ظله" كلمة له أمام حشد من الوفود الرسمية والاهلية وطلبة العلوم الدينية، بمكتبه في مدينة كربلاء المقدسة، وضرب سماحته مثلا بالاحتلال، وقال أن: " الاحتلال هو الاحتلال، أمر سيىء ولا يمكن أن نسميه تحريراً ولا تحرراً ولا حضارة.. ولكن احتلالا يقع على اليابان أو على ألمانيا فإذا بهاتين الدولتين اللتين خرجتا من الحرب العالمية الثانية بلاداً منهارة و محطمة فإذا بهم ينطلقون ويبنون بلدهم، وإذا باليابان تحول وضعها الى معجزة تسمى المعجزة اليابانية وإذا بألمانيا تصبح أكبر وأقوى دولة في أوربا اقتصادياً واجتماعياً، بينما نفس الاحتلال يقع على منطقة أخرى ولا أريد أن اسميها وهي كثيرة وإذا بالبلد تشتتت وتشرذمت وانقسمت، وربما انتهت كما نرى الوضع مثلاً في الصومال..." وتساءل سماحته بالقول: لماذا ؟ وما هو الفرق؟ هذه أمة وتلك أمة، هذا شعب وهذا شعب، هذا مجتمع وهذا مجتمع، هذا بشر وهذا بشر؟.." واجاب سماحته بالقول أن: " الفرق هو الثقافة، فهناك ثقافة الجبت والجبن والعصبية والتردد والتراجع، وهناك ثقافة الاقدام والوحدة والعطاء والتحدي، وهذه الثقافة هي التي تصوغ الانسان وتبني المجتمعات، أما ثقافة الجبن والتواهن والتراجع، تلك الثقافة التي تقول لك أن (اليد التي لا تستطيع ان تقطعها فقبلها) وأن (الذي يأخذ أمي يكون عمي) والثقافة التي تقول لك (ماعليك شغل بالناس ومالنا وللدخول بين السلاطين) وثقافة شريح القاضي التي تقول أن لو حكمكم عبد فاسق فأسكتوا واطيعوا وسلموا له الأمر، هذه الثقافة هي ثقافة التردد والتخاذل، وهي التي عانى منها مسلم إبن عقيل عليه السلام... من قبل مجموعة من الناس المثقفين بهذه الثقافة..". وفي قبال ذلك، اوضح سماحته أن "الانبياء (ع) جاؤوا بثقافة التحدي والممانعة" وأن معجزة القرآن الكريم ليست فقط في بلاغته وأن كلماته العربية ليس لها مثيل، وأنه لم ولن يستطيع أحد من أن يأتي بمثله ولو بسورة وآية وإنما تجاوزت معجزته البلاغة، فهي بالاساس والى جانب البلاغة، في أفكارها وقيمها وأنها بنت حضارة وأسست على ضوئها حضارات أخرى أيضا.." وقال سماحته أن "هذا القرآن الكريم وهو لايزال بين ايدينا فلماذا نحن متخلفون؟! وكيف نعيش مع وجود هذا النور، في ظلام؟! لماذا نحن نقرأه ونتدبر في آياته ومن ثم تجدنا لا زلنا متمزقين ومتخلفين ومتشتتين ومتشرذمين؟!". وتابع موضحا ".. لأن مؤامرات كبرى وقعت لكي تبعدنا عن القرآن، فقال لنا بعض الناس: أنت لا تفهم القرآن ولا تفكر في أنك ستفهمه !؟، وأناس قالوا بأن هذا الكتاب نزل للعلماء فقط وليس لك!؟، واناس قالوا اقرأوا القرآن على القبور فقط !؟، واناس قالوا لا تقرأوا القرآن وانما فلسفة أرسطو وأفلاطون واليونانيين وما وتستونغ، وماركس وهيجل، هل اصبحت رجعياً وتقرأ القرآن!؟، وهكذا نجحت هذه الدسائس والمؤامرات التي حركتها الأيادي الصهيونية في ابعاد الناس عن القرآن لفترات طويلة..". واشار في هذا السياق الى ما وصفه بـ"أفضال" أولئك العلماء الذين أعادوا الأمة الى ثقافتها، وضرب مثلا على ذلك بـ" آية الله المفكر الاسلامي الكبير الشهيد السيد حسن الشيرازي و آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي قدس سره و الشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر قد سره، و شهداء الإسلام من المفكرين والعلماء هنا وهناك والذين رفعوا القلم وكان قلمهم أعظم من دماء الشهداء، حيث أيقظ المسلمين والناس..". واضاف " أنا لست من جيلهم ولكني رافقت بعضهم وأذكر كم كانوا يعانون، لا يعانون من العدو فقط وانما من الصديق أيضاً !؟، فكانوا يعانون من هذا الشخص الذي يقول لا شأن لك بهذه الأعمال، بأن تؤلف وتكتب كتاباً، فماذا تفعل به!؟ او لماذا تلقي خطاباً وتشيد المؤسسات!؟". وتابع سماحته بالقول " لقد كنا غرباء حقا في ذلك اليوم، ولقد كتبت كتباً ولم أجعلها بأسمي في حينها لأني كنت أخاف من بعض الناس ذلك اليوم أكثر حتى من الحكومات!؟، أنظروا كيف أن عالما مثل جمال الدين الأفغاني رحمه الله، هذا الذي أيقظ الشرق، بثوا بعد وفاته اشاعات مغرضة ضده وبأنه مسيحي أو يهودي!؟ هذا كان بعض من عمل الطابور الخامس في ذلك اليوم، الذين تكلموا على علمائنا وفرقوا بين عالم وآخر.. ولكن أقول لكم، .. اليوم كلمتنا وهي التي استوحيناها من كلمة الاسلام ونور الدين، هذه الكلمة التي دافع من أجلها شهداؤنا وعلماؤنا ومراجعنا هي الكلمة العليا الآن والحمد لله، تجدها في بلادنا، وراياتنا ورؤوسنا مرفوعة بفضل جهود أولئك الرجال، ولكن مع ذلك توجد اليوم ايضاً مؤمرات، وأمثال اولئك الموسوسين بالسوء، لكنهم ربما بدأوا يخشون ويحذرون من الكلام والاتهام والتشويه ضد عالم من نوع هؤلاء العلماء الافذاذ.."
|
|