قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام
(7744) طناً من مفردات التموينية لم يتم تجهيزها لمحافظة كربلاء خلال العام الماضي
مافيا الفساد تحرق جيوب المواطنين: ارتفاع اسعار "الطحين" بين الإهمال الحكومي وجشع التجار
لمشاهدة الصورة لحجم اكبر إضغط علي الصورة تيسير الاسدي / الهدى/ كربلاء المقدسة:
قفزت أسعار "الطحين" مرتفعة إلى مستويات كبيرة في الأسواق العراقية، ومنها الكربلائية، خلال الأشهر القليلة الماضية، لتصل الى (25) الف دينار للكيس الواحد زنة (50) كيلوغرام، ماجعل سعر الرغيف يتصاعد حتى وصل الى 125 دينار للقرص الواحد، ويعتبر المسؤولون المحليون في كربلاء ان هذه الزيادة سببها عدم تجهيز محافظة كربلاء المقدسة بكميات كافية من الطحين والحبوب ماجعل تجار الجملة يسيل لعابهم لرفع الاسعار خلال زيادة غير منصفة جعلوها لسعر كيس الطحين الذي كان لايتجاوز قبل اشهر قليلة (7) الاف دينار.
ففي اسواق كربلاء كانت لنا جولة بهذا الخصوص للوصول الى سبب هذه العلة التي اثقلت كاهل المواطن العراقي المبتلى بين قلة الخدمات الضرورية الصيفية منها والشتوية وبين مافيات تجارية يشترك بها بعض المسؤولين ولكن بشكل خفي ففي جولتنا علمنا ان هناك أنواعاً كبيرة للطحين كالطحين التركي والطحين العراقي واكثره من النخالة التي تجمع من البيوت وبحسب مارأينا ولمسنا من خلال الواقع نقول لو ترك هذا الموضوع بدون رقابة او سيطرة سيصل سعر الكيس من مادة الطحين الى (100) دولار.
التجار.. أسباب عدة وراء رفع الأسعار
والتقينا أثناء تجولنا، بالتاجر عبد الحسن الشوك، الذي اكد لنا ان ارتفاع اسعار الطحين التركي "تأتي بالدرجة الاولى للاقبال الكبير على هذه المادة حيث يقبل على شرائه اصحاب الافران والمعجنات لأن نوعية هذا الطحين جيدة جدا ومن الدرجة الاولى وبدون شوائب"، مضيفا " فنحن نشاهد هذا الاقبال تتولد لدينا قناعة كبيرة بان المواطن العراقي اصبحت لديه سيولة نقدية عالية جدا من خلال شراء رغيف الخبز والصمون من الافران التجارية، لكن نحن نواجه مشاكل كبيرة وهي عدم وصول مادة الطحين الى كربلاء بسبب منع اللوريات لدخول السوق إلا في وقت المساء مما يحملنا مبالغ باهظة لتفريغ المواد" وتابع بالقول " كذلك تأخر وصول مادة الطحين مما يؤدي الى ارتفاع اسعار الكيس الواحد الى (40) الف دينار والشيء الاخر يرجع الى عزوف الفلاحين عن زراعة ارضهم بسبب ارتفاع اسعار المبيدات الزراعية وعملية الحصاد من خلال ارتفاع اسعار الحاصدات حيث تعمل الحاصدة بأسعار مرتفعة وكذلك ارتفاع اسعارالحراثة الى (15) الف دينار في الساعة كل هذه العوامل لاتساعد الفلاحين على زراعة اراضيهم ".
واصحاب المخابز يلقون باللائمة على التاجر و "العرض والطلب"
وقال المواطن صباح عبد الامير، صاحب مخبز في حي الموظفين، ان "ارتفاع سعر الرغيف يعود بسبب التاجر الذي يطرح المادة في السوق بسعر مرتفع جدا وخاصة الطحين التركي الذي نعتمد عليه اعتمادا كليا في صناعة الخبز فضلاً عن ان طحين الوجبة الذي كنا نسخدمه مع الطحين التجاري قد فقد من الاسواق لعدم استلام المواطنين وجبة الطحين منذ شهرين". موضحا ان الطحين العراقي "يعاني من الرداءة حيث بدأ أصحاب المطاحن بخلط هذا الطحين مع مواد اخرى مثل الذرة الصفراء وطرحها في الاسواق لذا يكون الاقبال قليلاً لأنه لايحتوي على العناصر الفاعلة من مادة الطحين" حسب تعبيره. واشار الى أن " المطلوب من اصحاب المطاحن تشجيع الفلاحين من خلال شراء الحنطة المسماة (حنطة صبار بيكل) وهذه الحنطة مشهورة في شمال العراق وجزيرة الموصل، و الحنطة العراقية تشتهر بالنوعية الجيدة لكن العلة في عملية الطحن و وجود شوائب في مادة الطحين وكل شيء يباع بسعر وهذة عملية الطلب والعرض في السوق".
قالت أم محمد:"حرام عليكم .. من أين نطعم أولادنا" فأجابها الخباز: "لسنا المسؤولين وإنما الحكومة .."
ويؤكد مواطنون كربلائيون انه لايوجد هناك اي فرق بين الحنطة التركية والحنطة العراقية لكن هناك جودة في الانتاج من خلال طحن المادة وبيعها بأسعار تنافسية. ولهذا فإن المطلوب من وزارة التجارة مراقبة المطاحن ومحاسبة ومعاقبة بعض اصحابها قانونيا ليكونوا عبرة للمفسدين والعابثين بغذاءالمواطن العراقي، ومطالبة وزارة التجارة بعدم فتح الاستيراد لكل من هب ودب وعدم تأخير توزيع مادة الطحين للعوائل العراقية المستفيدين من البطاقة التموينية. ويقول المواطن ابو مهند من منطقة حي البلدية "بات واضحاً للعيان أن بعض التجار و أصحاب المطاحن والمخابز استغلوا ارتفاع أسعار الطحين لتحقيق أرباح إضافية على حساب لقمة عيش المواطن". ويضيف: "الأمر الغريب أن سعر الخبز يتفاوت بين مخبز وآخر كما أن طريقة البيع تختلف فبعض المخابز تلتزم بحجم الرغيف و لكن أغلبها يبيع بدون ضوابط ". وفي أحد مخابز كربلاء اضطرت المواطنة ام محمد إلى إعادة الخبز للمخبز بعد لحظات من شرائه متهمة صاحب المخبز بالغش عندما اكتشفت أنه وضع لها 8 أرغفة مقابل 1000 دينار،وصاحت ام محمد في وجه احد العاملين في المخبز قائلة: "حرام عليكم ألا تخافون الله، من أين نطعم أولادنا". فأجابها العامل: "لسنا المسؤولين عن ارتفاع سعر الخبز وإنما الحكومة هي التي لم تزودكم بالحصة التموينية ".
أمّا المهندس الزراعي جاسب الطرفي، فقد اكد لنا ان "عدم زراعة الفلاح ارضه بالحنطة يأتي لعدة اسباب اولها في الدرجة الاولى هو شحة المياة في منطة الفرات الاوسط الاّ في هذة السنة فكان المطر وفيرا والحمد لله حيث زرعت مساحات واسعة بالاعتماد على المطر"، مضيفا " لذا يجب على الحكومة ووزارة الزراعة ووزارة الموارد المائية ان تؤمن حصة العراق المائية من المياه والضغط على الجارة تركيا لتأمين وصول المياة الى نهري دجلة و الفرات اللذان يعانيان من شحة المياة، والاراضي الزراعية تحتاجها كما اني اؤكد ان وزارة الزراعة وفرت بعض الامور مثل تسليف الفلاحين لمشاريع الثروة الحيوانية والحقول وتربية الدواجن وكل هذا مرتبط بالدرجة الاساس بالماء والمياة هبة الله سبحانة وتعالى، ونحن هنا (بحسب الطرفي)، نسأل الجارة تركيا ماذا تجني من قطع المياه عن العراق؟، علماً أن لدينا عقودا معهم وروابط صداقة وعلاقات تجارية تصل الى المليارات؟" حسب تعبيره.
وكان رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس محافظة كربلاء قد حذر في وقت سابق من ان محافظة كربلاء مقبلة على أزمة في مادة الطحين، وان أسواقها ستشهد ارتفاعا في الأسعار إذا لم تسارع وزارة التجارة بتجهيز المحافظة بالكمية المطلوبة. وأوضح طارق كطيفة الخيكاني في تصريحات سابقة لـ"الهدى"، ان كربلاء ليس فيها خزين من الحبوب يكفي لتوزيع مادة الطحين على المواطنين، موضحا أن "سايلو المدينة فارغ من الحبوب وخاطبنا وزارة التجارة بسرعة إرسال الكميات المطلوبة والبالغة نحو 11 ألف و200 طن من مادتي الحنطة والشعير" موضحا ان "كربلاء ستشهد شحة في هذه المادة وسيكون هناك ارتفاع في الأسعار؛ لان المواطنين لم يتسلموا كمية الطحين ضمن مفردات البطاقة التموينية للعام الجديد". وبين أن “الوزارة أرسلت كميات قبل أسابيع لحصة كانون الأول من العام الماضي وتم توزيعها؛ إلا إن الحاجة ما زالت قائمة والتي ستؤدي بالنتيجة إلى إلحاق الأذى بالعوائل الفقيرة التي تعتمد اعتمادا تاما على هذه المادة في غذائهم اليومي". واضاف ايضا "ان مادة السكر لم توزع لمدة ستة أشهر ومادة الشاي لم توزع ايضا لمدة سبعة أشهر وحليب الأطفال لأربعة أشهر وحليب الكبار لشهر واحد والمساحيق لفترة تسعة أشهر والصابون لستة أشهر والبقوليات لخمسة أشهر ". مشيرا إلى إن اغلب هذه المواد لم توزع أيضا خلال الأشهر الثلاثة من العام الحالي. وبين الخيكاني إن مجموع ما لم يتم تجهيزه لمحافظة كربلاء من المواد التموينيــة خلال العام الماضي بلغ( 1214) طنا من مادة السكر و(1522) طنا من مادة الشاي ونحو (2256 )طنا من المساحيق و( 1506) اطنان من مادة الصابون و(1246 )اطنان من البقوليات. مرجعا سبب ارتفاع أسعار هذه المواد في السوق لعدم الانتظام في التوزيع ما اثر بشكل كبير على العوائـل الفقيرة والأرامل والأيتام الذين يعتمدون اعتمادا كبيرا على مفردات البطاقة التموينية.
وتبقى الشريحة الاكبر والاوسع من ابناء الشعب، من الفقراء والمعدمين وذوي الدخل المحدود، تتساءل: الى متى سنظل نعاني من قلة الخدمات في بلاد متخمة بالخيرات؟ والى متى نبقى نفكر في قوتنا اليومي بينما الاخرون متخمون؟، والى متى نبقى نعتمد على بطاقة تموينة (اجتث) معظم مفرداتها !؟، ربما كونها من افكار او من نتائج سياسات النظام السابق!..او المجتمع الدولي..!