الدعاء من وسائل الاتصال بالسماء
نملة تذكّر النبي سليمان (ع) بالشكر
|
*إعداد / عقيل عبد الصاحب
طريقة إنذارنا أو تحذيرنا من مغبة التمادي في الملذّات والطموحات في هذه الحياة، ربما تأخذ أشكالاً متنوعة وفي ظروف مختلفة، وهذه بالحقيقة من رحمة الله تعالى ورأفته بالعباد، ومن هذه الطرق هو الحيوان، هذا الكائن الحيّ القريب الى الانسان في بعض المواصفات، ولأنه كذلك فان الله تعالى يضرب لنا في القرآن الكريم الامثالْ بالبعوض أو الذباب أو الغراب أو النحل أو النمل وغيرها كثير مذكور في كتابنا المجيد، ومن هذه الالتفاتات الجميلة والظريفة حقاً، ما جرى بين نبي الله سليمان بن داود عليه السلام وبين نملة صغيرة، ومعروف أن سليمان كان قد حُظي بملك لا ينبغي على الارض فقد جند الله له الانس والجن وعلّمه منطق الطير والحيوانات وسخّر له الرياح يمتطيها على بساط وينتقل بين ممالكه. لكن على حين غفلة وجد ان من الواجب عليه العودة الى الله بالشكر له والثناء عليه لما أنعم عليه.
والآية القرآنية (18-19) في سورة النمل، تحكي لنا كيف ان نملة صغيرة كانت سبباً في توجه هذا النبي العظيم لأن يشكر ربه بالدعاء: " رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ".
يقول سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي (دام ظله) في تفسيره (من هدى القرآن) حول هذه الآية الكريمة: (ان سليمان عليه السلام لما سمع كلام النملة وهي تدعو سائر النمل بأن يدخلوا مساكنهم حتى لا يطأهم جنود سليمان، أمر الجيش بالتوقف في الصحراء حتى دخل النمل أجمعهم الى بيوتهم، فأمرهم بعد ذلك بمواصلة المسير، وفي ذلك الوقت تعجب سليمان من كلام النملة، وعرف انه وصل ذروة رفيعة من القوة والسلطة وانه استيجيبت دعوته التي قال فيها : "رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي انك انت الوهاب"، ولذلك توجه بالشكر الى الله تعالى لكي تبطره النعمة فيطغى).
وينقل سماحته حديث شريف يفسر سبب تبسّم سليمان عليه السلام، وهو منقول عن (عيون اخبار الرضا) عن الامام الرضا عن ابيه موسى بن جعفر عليهما السلام، - ما مضمون الحديث- ان سليمان لما سمع كلام النملة استدعاها وقال لها: أما علمت اني نبي الله واني لا اظلم احداً؟ قالت: بلى، قال: اذن فلم تحذرين النمل من ظلمي؟ قالت: خشيت ان ينظروا الى زينتك فيقيسوا بها فيبعدون عن ا لله تعالى.
ثم قالت النملة ضمن عدة أسئلة سألت هذا النبي العظيم: هل تدري لم سخر الله لك الريح من بين سائر المملكة؟ قال سليمان: ما لي علم بهذا، قالت النملة: يعني عزوجل بذلك: انه لو سخرت جميع المملكة كما سخرت لك هذه الريح لكان زوالها من يديك كزوال الريح، فحينئذ تبسم ضاحكاً من قولها...
|
|