قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

الخطر الأكبر..
سعد الركابي
يتخذ الفساد اشكالا متعددة ...ويتدرج من الفساد الاخلاقي الشخصي في منحى هرمي يتسع ويتنوع لاتجاهات شتى منها الفساد الاداري او الفساد المالي ...غير ان أسوأ ما يمكن ان يشل حركة الدولة ويعيق عجلة الحياة عن التقدم في اي بلد من بلدان العالم هو ذلك الشكل من الفساد الذي يمكن ان نطلق عليه الفساد السياسي ..
ربما تكون الحدود الفاصلة بين اشكال الفساد الاخرى وبين هذا الشكل من الفساد غير واضحة والمسافات تضيق او تتسع من مكان لآخر ووقت لآخر غير ان المحصلة الاجمالية ان تلك الاشكال تقود الى تهديم بنية الدولة باكملها وازهاق اي خطط للتطوير والتنمية بل وربما تقود البلاد الى شفير الهاوية ..
في العراق الذي يصنف عالميا بأنه واحد من الدول التي ترتفع فيها مؤشرات الفساد الى حدودها القصوى لايقتصر الخطر على الفساد المالي والاداري فحسب رغم ما لهذين الجانبين من دور كبير في تعطيل مسيرة الاعمار والتنمية بل وارجاع العراق الى عقود طويلة خلت والى تحطيم أرقام عالمية في حقل الاختلاس والسرقة والاهدار للمال العام .. الخطر الاكبر الذي قد يكون خنجرا في خصر التغيير هو الفساد السياسي الذي يتسع ويتضخم ليصبح اخطبوطا يحاول ابتلاع ما يمكن ابتلاعه من متبنيات العملية الديمقراطية .. أن الخلاف في وجهات النظر والتحاور والتشاحن مسائل أعتيادية يمكن ان تحدث حيثما يكون هناك فسحة ديمقراطية تفتح الباب لهذه الاجواء الايجابية ...لكن الفساد السياسي يقود الى تقويض البناء السياسي نفسه واجهاض التجربة تغيير ملامح الوجه العراقي الجديد ..
الفساد السياسي هو ان تقول مالاتفعل. أن تستغل مناصب وهبتك اياها الممارسات السياسية لتعطيل الممارسة برمتها وان يدفع المجتمع اثمان تلك السلوكيات والممارسات وهذه الاجواء المشحونة وان يحاول تصيد كل شاردة وواردة لترك بصماته حتى وان كانت تلك البصمة غامضة مشبوهة تشي بالغرور السياسي والانحياز الذاتي والبحث عن المكاسب والانتفاعات الخاصة .. الغول الكبير الذي يجب ان نتخلص منه في المرحلة المقبلة هو اقصاء المفسدين السياسيين من قبل الجمهور العراقي عبر صندوق الاقتراع ...فمن غير المعقول ان نتمكن من القضاء على انواع الفساد الاخر اذا كان مصدر القرار نفسه مشبوها ويعاني خللا بنيويا من هذا الطراز ..