ياخير الأصحاب .. أين أنتم ؟!
|
حسن الحسن
"فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي..". هكذا وصف الإمام الحسين (عليه السلام) أصحابه ليلة عاشوراء، مَن هم هؤلاء الصفوة؟ هم أصحاب سيد الشهداء الأوفياء .. كانوا نموذجا بارزا للإيمان والشجاعة والتضحية، ولهم من الفضل ما لا يتسع به المقام، وقد وردت روايات وأخبار كثيرة في فضلهم ومرتبتهم، وكان الإمام الحسين (عليه السلام) نعتهم في مكان آخر ببني الكرام حين قال لهم: " صبرا بني الكرام، فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائم " .
فأين خير الأصحاب اليوم؟ وأين هم بني الكرام ؟. يقول الصادق (عليه السلام): " المؤمن أعز من الكبريت الأحمر " ثم يتساءل الإمام ونتساءل معه: " فمن رأى منكم الكبريت الأحمر! " ... لولا بقايا من هنا وهناك (فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم)، لولا هذه البقايا ليكاد أن تغيب الملامح التي تميّز الإنسان المؤمن الموالي مع باقي أفراد المجتمع، فسؤال المراقب عن أي تغيير جوهري سيحدث لو أحللنا الموالي مكان الآخر في أي من مناصب الدولة التنفيذية أو التشريعية، لكان جواب الكثيرين: لا تغيير فالكل سيّان ! .. ماذا جرى؟ وماذا يحدث؟ وما هذا اللهث خلف المكاسب والمناصب .. وما هذا التسابق، ليته في الخيرات، بل على حطام الدنيا وزخرفها وزبرجها .. والإمام الصادق (عليه السلام) يقول لأحد أصحابه عندما سأله عن صفات الشيعة: "يامهزم إنما الشيعة من لا يهر هرير الكلب ولا يطمع طمع الغراب ولا يسأل الناس وإن مات جوعا" ... ما هكذا أدب الطاهرين ولا هذه سيرتهم، قالوا عن تناول الدنيا كآكل الميتة، والبعض قد رمى عباءته على كل السُفرة طمعا بها ..
يطالبنا أئمتنا بأن نكون مضرب المثل في الورع، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): "ليس من شيعتنا من يكون في مصر يكون فيه مائة ألف ويكون في المصر أورع منه" .. ويصبح المتورع يُنسب إليه الجهالة ولا يفهم في السياسة ! .
والشيعة في أي مجتمع هم أهل الفضائل كما يريدهم أمير المؤمنين (عليه السلام) في رواية صفات المتقين " منطقهم الصواب، وملبسهم الاقتصاد، ومشيهم التواضع، خضعوا لله بالطاعة، غاضين أبصارهم عمّا حرّم الله عزّ وجل، واقفين أسماعهم على العلم .. " إن تجاوز الخلافات والانانيات اليوم من أوجب الواجبات، لأن ما أمامنا من مسؤوليات تجاه مجتمعنا وأمتنا كبير لا تتحمله قدرة أي جماعة لوحدها مهما عظمت، فالحمل الكبير يريد رجال وإمكانيات كبيرة و(كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته)، فإنهاء الخلافات والانتقال للعمل المشترك هو الحل لكي لا نعيش في هذا الوطن المفارقة الغريبة .. نتفرج على ما يحل ويحدث ويجري، وكأن لا شيء يعنينا منها ومن ناحية أخرى نشكو منها ونضج إذا مسّنا منها سوء وضرر.
عن ابن أبان قال سمعت أبا عبد الله (الصادق عليه السلام) يقول: " يا معشر الشيعة إنكم قد نُسبتم إلينا فكونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا ما يمنعكم أن تكونوا مثل أصحاب علي رضوان الله عليه في الناس إن كان الرجل منهم ليكون في القبيلة فيكون إمامهم ومؤذنهم وصاحب أماناتهم وودائعهم .. لا يسبقوكم إلى خير فأنتم والله أحق منهم به .." .
تم .. ياحجة الله وابن حجته! .
|
|