قسم: الاول | قبل | بعد | الاخير | عناوين اقسام | عناوين جميع اقسام

المسؤول والقانون و..(جرّة قلم) صدّام !
رئيس التحرير
في الدول المتقدمة هناك سعي دائم من أجل تحقيق كرامة المواطن وعمل دءوب من أجل الوصول إلى الازدهار و الرفاهية للبلد، فلا يكتفي النظام بوضع دستور أو قانون من أجل مؤسسات الدولة، بل يذهب إلى وضع مجموعة بنود قانونية تحمي المواطن إذا ما تحاملت عليه أي من المؤسسات أو الدوائر الرسمية، فالدستور يشرح وينظم عمل مؤسسات الدولة ومركز المواطن بالنسبة للدولة والمؤسسات، وفيه تقسم المهمات والوظائف فالسلطة التشريعية تشرع والتنفيذية تنفذ والقضائية تمارس أعمالها في المحاكم بإستقلال ودون تدخل وضغوط من السلطتين الاخريين، ولكن وجود لائحة من البنود من أجل حماية المواطن وإعطاءه امتيازات تجعله عزيزاً و قادراً على العيش الكريم هو أمر ضروري من أجل حماية المواطنين سواء اكان شخصا او فعاليات اجتماعية ، وغالباً ما تكون هذه البنود مرفقة بالدستور.
وهذه البنود شأنها شأن الدساتير والقوانين، لا يمكن أن تكون مفيدة بدون تفعيل والتفعيل يكون عادة نتيجة لضغوطات الناس من أجل نيل حقوقها الشرعية ومن السلطات المعنية أيضاً حيث أنها هي التي تملك صلاحيات لنقل الدستور والقانون المكتوب من الأوراق إلى حيز التنفيذ، وهي المسؤولة عن الناس التي تعطيها أهلية ومصداقية حكمها، فالحكومة الصالحة هي التي تضع المواطن في المرتبة الأولى في اعتبارها عند اتخاذ أي قرار، وتجعل من تحقيق العدالة في المجتمع ومنع الاستغلال السيىء والمغرض للسلطة والنفوذ المتأتي منها ، و تسعى جاهدة في تحقيق هذا الهدف، وعندها يكون هناك إحساس بالرعاية والمسؤولية تجاه الناس فتصبح الدولة والمجتمع في استقرار وطمأنينة ونزوع نحو البناء والتقدم والتعاطي الايجابي.
اننا بحاجة الى رجال ومسؤولي ومؤسسات القانون الى قانون المسؤولين والمؤسسات، تماما كما نحن بحاجة الى قانون الشرطة لا الى شرطة القانون، فالفرق بين المفهومين كبير وواضح لكل ذي لبّ، وكل مواطن بأمكانه ملاحظة ذلك في الواقع العملي !. وفقط عندما تصبح مخالفة الدستو او القانون والقضاء، جريمة يحكم عليها بغض النظر عن مكانة المرتكب في الدولة وموسساتها واداراتها، تصبح حقوق المجتمع و الناس مكفولة بالنظام .. أن من بين المشاكل الرئيسة التي تواجه أي بلد ومجتمع، وتجره الى التخبط والفوضى، هي عدم تطبيق الدساتير والقوانين واحكام القضاء بالشكل السليم، وبالخصوص من قبل المسؤولين الذين يتخذون من المنصب والوظيفة التي يفترض انها عامة وبعقد اجتماعي مع الناس على خدمتهم بالعدل والحق،، يتخذون منها سيفا مسلطا بيدهم، وحصانة تحميهم من المسائلة ، وتغطي على خروقاتهم وفسادهم في الادارة وممارسة الوظيفة. فالدستور والقانون العادل هي السلطة العليا التي تدير البلد في أي دولة متطورة، فكما أن المواطن او أي جهة مجتمعية اهلية، لا حصانة لهم عند مخالفة القانون ، فأن هذا المبدء لن يكون ذا تأثير واحترام في المجتمع الا إذا طبق قبل كل شيىء على المسؤول والجهة الرسمية. نعم الفساد في كل مكان، بل وجميع البلدان حتى المتقدمة منها، ولكن عدم تفعيل القانون بحق افراد ومسؤولي السلطات الرسمية ذاتها،وتجريم مخالفتهم له، يزيد من الفساد بشكل مدهش.
إن القوانين والسلطات القضائية الموجودة في أي مجتمع مهمة جداً، و لكن لا بد من إيجاد آلية لتفعيلها، ومن أفضل الحلول وأبسطها ، ولكن في نفس الوقت من اصعبها، تجريم مخالفة هذه القوانين واحترام وتنفيذ قرارات القضاء المستقل النزيه والعادل الذي لايخضع لممارسة الضغوظ والتدخلات من أي شخص او طرف حزبي او جهة تنفيذية كانت (الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية) أم تشريعية (البرلمان ومجالس المحافظات)، لأن هذه التدخلات ومحاولات التحايل على القضاء والقانون والتفنن في التبرير والادعاءات الواهية لعدم الالتزام بقرارات القضاء وتنفيذها، او الازدوادية والانتقائية في الموقف تجاهها، مؤداه شيوع الفوضى والتخبط في المجتمع وفقدان الثقة بكل السلطات بما فيها القضاء، بل وتصبح المؤسسات والاحزاب والمسؤولون انفسهم الذين يدّعون السعي لبناء دولة القانون والمؤسسات، اول من يخرق ويسحق دولة القانون والمؤسسات، ومن اجل مصالحهم الذاتية واهوائهم ومواقفهم المنطلقة من نفس ضيقة تعاني من عُقد شتى وعقل مليىء بنزعة التسلط والتفكير الاناني والاستعدائي تجاه الاخرين، تراهم يضعون رجلا فوق القانون واخرى فوق رقبة المجتمع والناس، وبالتالي ينحدرون الى مفاسد وسيئات يتصورون معها انهم هم القانون والقضاء، او انه هذا القضاء والقانون يجب أن يُرفض ويُخرق لأنه لايصب في خدمتهم وتحقيق مصالحهم واغراضهم، بومعنى آخر وكأن لسان حالهم يقول أن القانون (مجرد شخطة قلم) كما كان يقول و يرى الطاغية صدام !.