أيها (البابا)...!
ندعوك للمجيء الى كربلاء
|
*محمد علي جواد تقي
من حق زعيم المسيحيين الكاثوليك في العالم (البابا) بنديكت السادس عشر أن يعرب عن مخاوفه على سلامة اتباعه في العراق عندما يتعرضون لخطر الموت في اجواء ضبابية ومعقدة للغاية من العسير الكشف عن هوية قاتل ما، او الامساك برجل انتحاري قبل تفجير نفسه وسط الناس. لكنه وجه كلامه إلينا يطالبنا بضمان سلامة المسيحيين في العراق، وعجبي من (البابا) انه يعرب عن قلقه من ان يختطف الموت مسيحي في العراق فيما اختطف الآلاف من ابناء هذا البلد وربما من ناس (جيران) للمسيحيين طوال السنوات السبع الماضية التي تخللتها الفتنة التكفيرية القادمة من الخارج. إن الشهداء الذين سقطوا ضحية هذه الفتنة السوداء، كانوا لفترة طويلة يوفرون الأمن والاستقرار بانفسهم من خلال ثوابت وقيم دينية واخلاقية فعاشوا الوئام والاستقرار والامن طيلة العقود الماضية، والمسيحيون انفسهم يشهدون بذلك.
لكن كيف حصل هذا... و(البابا) وغيره كثير في العالم يحملون التصور بان الاسلام هو الذي سوّغ للبعض قتل الابرياء بالجملة؟
إن السر يكمن في الحسين عليه السلام... هذا الامام الذي يُعد بحق الثروة والكنز الحضاري الذي منح المسلمين في العراق رصيداً عالياً لا يرقى اليه أحد عالجوا به نزيفاً تسببت به أيادي التكفير الاجنبية، وبه ضربوا على رؤوس من كان يحلم بالحرب الاهلية في العراق. نعم؛ إن الموت في العراق حقيقة ماثلة للعيان، لكنه موت لا يولد موتاً آخر، كما في سائر البلاد التي تعيش الصراعات الدموية والحروب الاهلية. ان الموت في العراق هو على شاكلة الموت الذي حصل يوم العاشر من محرم سنة 61 للهجرة، - ليراجع المسيحيون التاريخ الموافق له ميلادياً- عندما استشهد الامام الحسين وأهل بيته وصحبه بتلك الطريقة البشعة، لكن هل ان هذا الموت ولّد موتاً منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم؟
هذا السؤال أجاب عليه أناس كثيرون عبر التاريخ، ولم يكن بوسعهم سوى الانحناء أمام عظمة المبادئ والقيم التي ضحى من اجلها الامام الحسين، وبما اننا نتحدث عن شخصية بارزة في العالم وهو رجل يحترمه اكثر من ثلاثة مليارات نسمة من المسيحيين. لابد وان نعيد ذكر الزعيم الهندي (غاندي) والذي كان ايضا شخصية بارزة وقائداً ملهماً لحوالي 700 مليون انسان – في تلك الفترة- وهو لم يكن ليعبد الله تعالى إنما يعبد البقر، لكن لم يمنعه ذلك من القول: (إني تعلمت من الحسين ان اكون مظلوماً فانتصر). وكذلك تحدث زعماء آخرون في العالم عن شخصية الحسين ومبادئه. واذا كانت مبادئ الحسين تدعو الى الموت وليس الحياة لما استلهم منها الزعيم الهندي درساً لثورته وانقاذ شعبه. لذا ادعو (البابا) لأن يتابع اخبار مراسيم زيارة الامام الحسين يوم الاربعين – إن تعذر عليه المجيء الى كربلاء- ليرى بأمّ عينه كيف يتعامل المسلمون الشيعة مع مسألة الموت والحياة، كما رأى وتابع كيف تعامل الآخرون مع هذه المسألة...؟ واذا كان (البابا) يبحث عمن يروّج للموت، عليه ان يبحث عنه في مكان آخر غير العراق.
إن مبدأ الحرية والسلام ومفاهيم مثل الصبر والتحدي والكرامة التي تجسدت في واقعة الطف هي التي منحت العراق الامن والاستقرار وطوبى لمن اتّعظ واعتبر.
Mahdali12@googlemail.com
|
|